الوطن

إيران تنتهج سياسة مناصرة الشعوب المظلومة ودعمها في مواجهة الاحتلال بينما تقود السعودية مسيرة التطبيع في المنطقة طارق سامي خوري: مسلسل “أم هارون” لا يمثل الكويت وسيبقى وصمة عار على منتجيه وكلّ المشاركين فيه

 

اعتبر عضو مجلس النواب الأردني طارق سامي خوريأنّ فشل العدو الصهيوني منذ إنشاء كيانه المزعوم في اختراق شعوب المنطقة العربية، حتى في الدول التي وقّع معها ما يُسمّى اتفاقيات سلام، جعله يلجأ إلى اختراقهم بأعمال فنيّة من خلال مسلسلات كتلك التي تبثها في رمضان شبكة أم بي سي السعودية”.

وقال خوري في حديث إلى وكالةمهر للأنباءالإيرانية: “أنا شخصياً أعتبر أنّ الاتفاقيات التي وُقعت مع العدو اتفاقيات استسلام وليست اتفاقيات سلام، وهي لم تجلب على الدول التي وقعتها سوى المزيد من التراجع والانصياع للإملاءات الأميركية وسياسات المؤسّسات المالية الدولية التي أفقرتها وأغرقتها في الديون حتى تبقى مواقفها وقراراتها السياسية مرتهنة ما يخدم بالتالي مصلحة العدو الصهيوني”.

أضاف: “إذاً حين فشل هذا العدو بكلّ جبروته وآلاته العسكرية في التأثير على هذه الشعوب، قرّر التسلُّل إلى نفوسهم وعقولهم من خلال الفن والثقافة، كشكل جديد من أشكال التطبيع لتدجينهم وتغيير ثقافتهم وهويتهم، خاصة الأجيال الصاعدة، وإدخال مفاهيم جديدة تهدف إلى تغيير وجهة الصراع وأنسنة العدو الصهيوني وتخوين أبناء شعبنا في فلسطين المحتلة وبالتالي ضرب مفهوم المقاومة واختلاق عدو جديد لحرف الشعوب عن قضاياها الأساسية وعلى رأسها قضية فلسطين. لكنّ الوعي الكبير الذي جوبهت به هذه المحاولات والذي تجلّى في المواقف الشاجبة التي تصدر يومياً عن مختلف الفئات الشعبية في المنطقة العربية، الفنية والسياسية والثقافية والاجتماعية والطلابية وغيرها، والرافضة تماماً لهذا النوع من الأعمال الفنية المدسوسة والمشبوهة سيُسقط حتماً هذا اللون الجديد من ألوان التطبيع عبر مسلسل «أم هارون» الذي تعرضه قناة أم بي سي».

ورأى خوري «أنّ السعودية تقود في هذه الفترة المسار التطبيعي مع العدو الصهيوني، فكلّ مواقفها السياسية تجاه المنطقة وكذلك سياستها الخارجية تخدم هذا العدو عبر تغذية الصراعات والحروب وتمويلها وإثارة البلبلة»، لافتاً إلى أنّ السعودية «مارست، بدفع صهيوني، ضغوطاً كبيرة على السلطة الفلسطينية من أجل إنجاز «صفقة القرن» التي تهدف إلى إضفاء الشرعية على الكيان الصهيوني، كما سعت الرياض إلى سحب الوصاية الهاشمية على المقدسات من يد الأردن، كذلك مارست أشكالاً من الضغوط على دول عربية أخرى من أجل السير في هذه الصفقة المشبوهة والمرفوضة تماماً من شعوب المنطقة العربية».

وتابع: «في الحقيقة لم يكن هذا المسلسل مُفاجئاً لنا، فهو ليس سوى خطوة متقدّمة للسعودية على طريق التطبيع ولكن من باب الفن والدراما هذه المرة، لكنّها، كما أسلفت، محاولات مكشوفة ومستنكرة ومرفوضة وقد شهدنا وشهدتم العام الماضي كيف تعامل المقدسيون مع أحد الصحافيين السعوديين الذي زار القدس مع آخرين بدعوة من الكيان الصهيوني وكيف انهالوا عليه بالإهانات والشتائم في باحات المسجد الأقصى المبارك».

وفي السياق، نوّه خوري «بالموقف الرسمي الكويتي الذي منع عرض مسلسل «أم هارون» داخل الكويت، مع أنني أرى أنّه منذ البداية يجب أن تكون مجرد مشاركة نجوم كويتيين في هذا النوع من الأعمال المشبوهة مرفوضة جملة وتفصيلاً، لأنّ ذلك لا يليق بدولة الكويت التي ناصرت على الدوام الفلسطينيين وقضيتهم، وأودّ أن أُحيّي في هذا الإطار رئيس مجلس الأمّة الكويتي السيد مرزوق الغانم الذي لا تزال قاعات المحافل الدولية، لا سيما مقرّ الاتحاد البرلماني الدولي، تشهد بمواقفه حين رفض مشاركة الصهاينة في الاجتماعات ودعا إلى طرد وفد العدو من قاعة المؤتمر، كما عمد إلى تمزيق وثائق ما تُسمّى صفقة القرن ورميها في سلة المُهملات، معتبراً أنّ هذا هو المكان الطبيعي لها».

وأكد أنّ هذا العمل «هو نوع من التسويق لهذه الصفقة عبر زرع مفاهيم تاريخية هجينة ومختلقة كباقي المفاهيم التي دأب العدو على زرعها وتسويقها منذ إنشاء كيانه المزعوم على أرضنا في فلسطين لخلق نوع من المظلومية لليهود والحديث المُتكرّر عن تعرُّضهم للنبذ والاضطهاد بسبب ديانتهم، كما يزعم».

وقال خوري: «أريد أن ألفت هنا إلى أمر مهمّ جداً يتعلق بتطويع الدراما العربية لخدمة قضايانا المحقة لأذكر مسلسل «حارس القدس» الذي يعرض حالياً عن سيرة حياة المناضل الكبير مطران القدس هيلاريون كبوشي، وهو في رأيي عمل مهمّ جداً سيبقى خالداً في ذاكرة مشاهديه وهو يؤرّخ سيرة حياة هذا المطران السوري الحلبي المقاوم وما قدّمه في سبيل فلسطين، في حين سيبقى مسلسل «أم هارون» وصمة عار على منتجيه وعلى كلّ المشاركين فيه وبالتالي لن يكون له أيّ مكان في الذاكرة الفنية والثقافية لشعوب المنطقة وهو يحوي مغالطات تاريخية كبرى ومفاهيم مشبوهة ومدسوسة خاصة أنه يُصوِّر أنّ إعلان دولة الكيان الصهيوني تمّ على أرض صهيونية في الأساس لا حقّ للفلسطينيين فيها، وهذا الأمر بطبيعة الحال يأتي في سياق التبنّي السعودي لصفقة القرن المشؤومة».

ودعا البرلماني الأردني إلى مواجهة هذه الخطوات التطبيعية على اختلاف أشكالها «بتوحيد الجهود والأهداف وفق خطة مدروسة وواضحة لأنّ عدوّنا الغاشم لن يكفّ عن هذه المحاولات، وهذه مسؤولية ملقاة على عاتق الجميع من سياسيين وإعلاميين ورجال دين وطلاب وكلّ فئات المجتمع. يجب أن نكون جميعاً جنوداً في هذه المعركة المصيرية المفتوحة لإجهاض كلّ محاولات الاحتلال والتطبيع وبثّ التفرقة»، مُعرباً عن أسفه «لأنّ معظم العرب باتوا خارج دائرة الصراع مع العدو الصهيوني وعلى رأسهم السعودية أرض الحرمين الشريفين والتي يفترض أن تكون في خطّ الدفاع الأول عن الأرض والمقدّسات والدين، بدل أن تكون خادمة لأجندات هذا العدو وأطماعه التي لا تنتهي ولن تنتهي إلا بتدمير السعودية نفسها».

وأضاف: «نعوّل في هذه المواجهة على وعي أبناء المنطقة العربية وعلى المقاومة في الشام والعراق ولبنان وفلسطين والدول الممانعة كالجمهورية السورية التي وقفت ولا تزال ضدّ كلّ ما يُحاك من مؤامرات تهدف إلى إسقاط هذه المنطقة في يد الأميركيين والصهاينة».

وختم خوري مشيداً بموقف إيران المبدئي الرافض لعملية التطبيع وتحديداً هذه المسلسلات، وقال: «إيران ثابتة على موقفها المبدئي الإيديولوجي والسياسي من وجود الكيان الصهيوني أساساً ومنذ انتصار الثورة الإيرانية، تنتهج طهران سياسة مناصرة الشعوب المظلومة ودعمها في مواجهة الظلم والاحتلال، لذلك نجدها داعمة لحركات المقاومة وحاضنة لها. ومن الطبيعي أن يكون الموقف الإيراني رافضاً لهذا النوع من الأعمال الدرامية التي يُراد منها تجميل صورة العدو الصهيوني وحرف الأنظار عمّا يقوم به من أعمال قتل وتهجير وتنكيل بحقّ أبناء شعبنا في فلسطين وتدنيس المقدّسات وطمس معالم فلسطين التاريخية والدينية وتشويه تراثها ليسهل عليه إنشاء دولته العنصرية».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى