تحقيقات ومناطق

اثنان وثلاثون عاماً من التميّز والتفرّد معنىً ومضموناً لـ»صوت المقاومة» ذكرى تأسيس «إذاعة النور»… حضورٌ رقميٌ على المنصّات والمواقع الإلكترونية وريادة إعلاميّة ومستوى أخلاق المهنة في التقديم والإنتقاء

رنا محمد صادق

في زمن باتت الكلمة مجهر الخبر وأصبح الصوت توليفة الرأي العام، وكلّ منهما يجتمعان من أجل تحقيق وصون الممارسات الحقوقية والواجبة للمواطنين في مجتمع ما، فماذا لو كانا يجتمعان من أجل تحقيق المقاومة ودعمها بالشكل الصحافي المهني القائم على التقييم والدراسات التخصصية بين العلوم ودمجها في ما يصبّ في مصلحة الفرد بالمعنى الخاص والعام.

تعزيز المقاومة وسبل المواطنية مفهومان يلتقيان في معظم أشكال العيش والتضامن، لأن هذه المقاومة التي تقوم على تجسيد روح الانتماء للأرض ودعم الوطن والقضية واحترام الغير وخصوصيته والاعتراف بالرأي الآخر واحترامه طالما يصبّ في خانة الاحتياجات. بالتالي هذه كلها تُعنى بالمواطنية والمواطنة، لذا ومن هنا لا يمكن الفصل بين العمل المقاوم البنّاء من كافّة أشكاله المهنية، الإعلامية، التجارية، الاقتصادية، الاجتماعية السياسية والدينية والإمكانيات في سبل تحقيقها ودفعها إلى الأمام في ظلّ تشاذبات عالمية تسعى لاندثار هذه الروح المقاومة من بلادنا ومشرقنا.

الإمكانيات في لبنان خطت عتبة الضعف حتى باتت ممارسة العمل والدوام شبه مستحيلة على جميع المستويات القطاعية في الصناعة والتجارة والزراعة والإدارة والمحاسبة ومن ضمنها العمل الصحافي والإعلامي والإذاعي في ظل الأوضاع والظروف التي فرضها فيروس كورونا المستجدّ على كافة شرائح المجتمع محلياً وعالمياً. وفي ما يخصّ العمل الصحافي فإن الالتزام بالعمل في ظروف صعبة ليس صعباً بالنسبة إلى إذاعيين ومراسلين عملوا ضمن ظروف الحرب والسلم، الفقر والجوع، البطالة والأزمات.

«إذاعة النور» ركنٌ أساسيٌ من أركان الصوت الشعبيّ المقاوم في وجه العدوان والظلم، وللحديث عن أشكال العمل الإذاعيّ في الظروف الصعبة لا بدّ من تصنيف «إذاعة النور» في الخانات الأولى للعمل على حدّ الانتشار والإيصال والتزويد بالمعلومات. وبالإضافة إلى أهمية هذه الإذاعة ليس كصوت شعبي مقاوم فقط بل إلى عملها الدؤوب ورعاية أخلاقيات المهنة الإعلامية في تنقية المواد واختيارها وإيصال الرسالة.

تاريخ «إذاعة النور» في العمل الإذاعي والصحافي هو تاريخ موعود وحافلٌ في الإنتاجات الإخبارية والتقارير الثقافية والاجتماعية والسياسية في المتابعة والتنقيب والانتقاء، تأسست «إذاعة النور» في شهر أيار من عام 1988، مضى اثنان وثلاثون عاماً في العمل الإذاعي والإنتاجي والتعبير عن الكلمة والحق والإنسانية.

تبث إذاعة النور باقة منوعة من البرامج، فتقدّم لجمهورها البرامج السياسيّة، الاقتصاديّة، الاجتماعيّة، التربويّة، الثقافيّة الفكريّة الدينيّة، التاريخيّة، العلميّة، الإرشاديّة، الترفيهيّة، الرياضيّة، وبرامج الأسرة والأطفال.

 

حقبة «إذاعة النور»

«إذاعة النور» محطة لبنانيّة موجّهة نحو اللبنانيين خاصة والعالم بشكل عام. والبداية كانت في التاسع من شهر أيار لعام 1988. وخلال فترة قصيرة استطاعت أن تحقق حضوراً متميّزاً جعلها في المراتب الأولى بين الإذاعات اللبنانية.

«إذاعة النور» مؤسسة إعلاميّة لبنانيّة تؤدّي رسالة هادفة ترتكز على قيم الرسالات السماويّة ومبادئها ومفاهيمها، وتدعو الى الفضيلة والأخلاق واحترام الإنسان، وتسعى الى بناء مجتمع أصيل بتراثه عزيز بحاضره وحرّ في مستقبله.

تتنكّب «إذاعة النور» جملة أهداف وهي:

  • الدعوة إلى القيم والمفاهيم النابعة من الرسالات السماويّة، والتعريف بالثقافة والتراث الحضاري الأصيل للأمّة.
  • تعزيز روح الانتماء الوطني والارتباط بالقضايا الكبرى والمصيريّة، وفي طليعتها مواجهة المشروع الاستعماري الصهيوني.
  • استنهاض طاقات الأمّة وتوجيه قدراتها في دعم مشروع المقاومة، لاستعادة مقدساتنا وتحرير أرضنا المحتلة.
  • بناء جيل واعٍ، والاهتمام بقضايا الشباب ومشكلاته وتحصينه بالفكر والثقافة لمواجهة التحديات.
  • الاهتمام بقضايا الشعوب المحقّة والعادلة. والالتزام بإعلام موضوعي متزن ومنفتح، وصناعة رأي عام فاعل.
  • المساهمة في تنمية المجتمع بمختلف المجالات السياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة والبيئيّة والصحيّة والعلميّة.

الصوت المقاوم

لا بدّ في ذكرى تأسيس «إذاعة النور» من تسليط الضوء على الفكر المقاوم والمنبر الحرّ اللذين ينبعان من رحم العمل الإذاعي والصحافي والميداني، حيث تتحقق فيه مفاهيم الإنسانيّة والتجرّد من الفرديّة والمركزيّة والعمل على ما يسمّى «نحن» كأفراد في مجتمع ما، يسعى شرائحه إلى مساعٍ إنسانيّة سامية تتلخّص بالسلوك والأخلاق في نبذ الظلم، والعدوان ومحاربته كافّة أشكال التطبيع من خلال الثقافة والصحافة والممارسات اليومية للحياة العادية، ولتحقيق هذه المساعي يتوجّب على العاملين خلال أيام السلم والحرب تغذية روح المقاومة في بثّ الرسائل الحقيقية وتعليم الأجيال سير الشهداء ومَن سبقوهم في مواجهة الاحتلال وخدمة القضية الفلسطينية، بداية من الثقافة والعلوم والإعلام إلى الأخبار والتقارير والقصص.

ويقول مدير الأخبار والبرامج السياسية في «إذاعة النور» عباس شقير إن سمة الإذاعة أنها «صوت المقاومة» تحمّلها مسؤولية كبيرة في أن تعكس ثقافة المقاومة وتجربتها وإنجازاتها، لذلك نحن حريصون في الإذاعة على أن تبقى قضية المقاومة حاضرة على مستوى الجمهور وأن يكون تاريخ المقاومة وتجربة قائمة من خلال البرامج إن كان من برنامجي السياسة اليوم أو استراتيجياً ثمة حضور أساسي ومحوري لقضية المقاومة والمناسبات المتعلقة بالمقاومة وللكثير من الأحداث المتعلقة بها، وفي الكثير من المواد المنوّعة والتنويهات والفلاشات التي تبث عبر أثير الإذاعة ثمة هاجس في أن تبقى قضية وثقافة المقاومة حاضرتين بقوة

نبض الناسواهتماماتهم

يشير شقير إلى أن «إذاعة النور» تتميّز بقربها من نبض الناس والجمهور، وتحرص على أن تكون على تماس دائم مع هموم وقضايا الناس وما تعانيه على مختلف الأبعاد، السياسيّة والاجتماعية والحياتية وكافة الأبعاد الاجتماعية الأخرى. «إذاعة النور» تبقى قريبة من هذه الهموم والاحتياجات التي تخص الناس ومَن يستمع إلى الوقفات الإذاعية فيها والمحطات الإخبارية يلاحظ الشمولية على مستوى مواكبة وتغطية الأحداث ونقل الأخبار والأنشطة المختلفة في هذا المجال.

كما ركّز شقير على الكثير من القضايا التي هي مغيبة إعلامياً عن عمد، وصعوبة وصول المعلومة والسعي إلى التعمية على بعض الأخبار والأحداث التي تحصل، مثال على لذلك أخبار الساحة الفلسطينية وممارسات الاحتلال الصهيوني تجاه الشعب الفلسطيني، هناك الكثير من الأحداث يحاول الاحتلال التعمية عليها ولا تأخذ حضورها المناسب والمطلوب على المستوى الإعلامي العام، تكون هنا «إذاعة النور» حريصة على هذه القضايا المحورية على المستوى المحلي، العربي والعالمي وتسعى أن تكون حاضرة على مستوى هذه الأحداث، وللإذاعة تقارير وتحقيقات كثيرة في هذا المجال في الساحات المختلفة ومنها الساحة الفلسطينية اليمنية والساحة السورية. وقد تكون بعض هذه الوقائع هي مغيّبة في الاهتمام الإعلامي العام.

ويضيف شقير: من ضمن الخصائص والمعايير التي نعتمدها في سياق الأخبار والأحداث هي المسؤولية الأخلاقية في التعاطي مع الوقائع والأحداث المحلية وغير المحلية، وليس الهدف هو السبق الصحافي كمعظم القنوات الإعلاميّة، بل إلى جانب هذه المسؤولية تعتمد الإذاعة على الدقّة والأمانة في نقل الحدث. إضافةً إلى ذلك تتميّز «إذاعة النور» بالمنتج الخاص للنشرات الإخبارية، سواء في التحقيقات والتقارير والاستصراحات وذلك يهدف إلى بعد أوسع من نقل الخبر والحدث كما يتعلق أن يصل للجمهور والمستمع الخلفيّة والإلمام بالأحداث الحياتية، السياسية والاقتصادية والمعيشية. وأخيراً، تسعى الإذاعة إلى السرعة في نقل الأخبار، وأن تكون الإذاعة في قلب الحدث وذلك لانتشار المراسلين على كافة الأراضي اللبنانيّة ومعظم البلدان العربية.

«النور» في ظلّ كورونا

 هذا الاستحقاق الذي نعيشه محلياً وعالمياً قد وضع على عاتق «إذاعة النور» مسؤولية كبيرة، حيث يقول مدير الأخبار عباس شقير عن ذلك: إن هذه الحرب كما سمّاها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله هي حرب من نوع آخر، لذلك كان للإذاعة حرص على أن يكون الإنتاج على قدر مستوى المسؤول، وعمدت الإذاعة على تطويع الكثير من البرامج لمواكبة هذا الحدث، ليكون للإذاعة دور أساسي في الوعي والإرشاد على المستوى العام والصحي من خطورة هذا الفيروس غير المسبوق. وتناول جميع العناوين التي تهم الناس في هذا الصدد والإجابة عن جميع التساؤلات ومحاولة إزلة الغموض التي تلّف هذا الموضوع، لذا حاولت الإذاعة الاستعانة بالمعنيين على مستوى مؤسسات الدولة من وزارات معنية بمتابعة هذه القضية وعلى مستوى كلّ الشرائح من مستشفيات والدفاع المدني والعمل التطوّعي الشعبي في هذا المجال. هذه العناوين وسواها حاولت الإذاعة مواكبتها وإحاطة موضوع فيروس كورونا بكامله كي تكون الإذاعة على قدر كافٍ من اهتمام الناس وتوعيتهم ومساعدتهم. وبذلك نجحت «إذاعة النور» في أن يكون لها دور فاعل ومؤثر وأن تكون عنصراً فاعلاً ضمن المنظومة التي واجهت كورونا من خلال المسؤولية الإعلامية مهنياً وإنسانياً.

 «إذاعة النور» معكم لحظة بلحظة..

تعتمد إذاعة النور في إرسالها البث الأرضي والفضائي والإلكتروني. يغطي إرسال الإذاعة الأراضي اللبنانيّة كافة وشمال فلسطين والساحل السوري، وهي تبث 24 ساعة يومياً، على الموجات التالية: FM 91.7 91.9 92.3

للإذاعة موقع على شبكة الانترنت، انطلق في التاسع من أيار من العام 1999، وقد عزَّزته بالبث الإلكتروني المباشر والمتواصل في شهر شباط من العام 2006.

مع أي تطوّر حاصل في العالم لجهة الإنتاجات العلمية والتكنولوجية يسعى العاملون في المجال الإعلامي الإذاعي والصحافي والمرئي إلى مواكبته وإدراجه ضمن التقديم وطرق البث والعمل والمونتاج والمحتوى لذا أطلقت الإذاعة في عام 2006 الموقع الرسمي باسمها، الذي يندرج ضمن العمل الإعلامي المتطور الذي يعتمد على الصورة والكلمة على حدٍّ سواء.

يقدّم الموقع باقة من البرامج الاجتماعيّة والسياسيّة والدينية والفقهية وأخبار الساعة حول العالم، إضافةً إلى البث المباشر الالكتروني للإذاعة الذي يسمح للمتابعين بالاستماع إلى محتويات الإذاعة أثناء بقائهم في المنزل أو في أوقات العمل. ويقدّم الموقع معلومات تربوية وتنموية واجتماعية ومعلومات عامة عن الصحة والعمل والأدب والاجتماع ومنوّعات. كما يتضمن الموقع معلومات خاصة (سؤال وجواب) عن فيروس كورونا المستجدّ وذلك من خلال تقديم طروحات علمية عن الفيروس والوقاية منه.

الحضور الرقميّ

مواكبةً منها للتطور التكنولوجي وأهمية سرعة وصول الخبر والحدث تنشر «إذاعة النور» عبر موقعها كافة البرامج والاستصراحات والآراء، حيث يشير مسؤول الإعلام الرقميّ هادي عبد الغفّار إلى أن الموقع الالكتروني يقدّم عدداً من الخدمات، أولها الأخبار خلال التغطية الإخبارية السريعة ووجود أخبار موسّعة، كما يقدّم البرامج بعد عرضها على الهواء ويتمّ رفعها على الموقع بحيث يتمكّن المستمع اذا فاتته الحلقة من البرامج يستطيع الاستماع إليها متى شاء على الموقع. بالاضافة إلى رفع النشرات الصوتية.

ويضيف عبد الغفّار إلى أنه ثمّة بث مباشر 24 ساعة حيث يإمكان الشخص الموجود حول العالم الاستماع للبثّ المباشر عبر الموقع وهذه الخدمة تشكّل صلة وصل مع اللبنانيين بعالم الاغتراب ليبقوا مواكبين للأحداث التي تجري في لبنان.

كما للموقع تطبيقات للهواتف الذكية وهي:

ـ تطبيق خاص بالهواتف العاملة بنظام Android وهي الأكثر شعبية.

ـ نسخة أخرى من التطبيق خاصة للهواتف العاملة بنظام IOS  وهي أجهزة iphone وipad. وتتنوع خدمات التطبيقات من البرامج للبث المباشر للأخبار..

أما على مواقع التواصل الاجتماعي الإذاعة موجودة على منصة «تويتر» من خلالها تقدّم خدمة إخبارية، وعلى تطبيق تلغرام للإذاعة قناة خاصة، إضافةً إلى صفحة الإذاعة على «الفيسبوك» يتمّ من خلالها بثّ البرامج بشكل مباشر (live) بالصوت والصورة ويتم التفاعل من خلالها مع جمهور الإذاعة.

ويتابع: إضافة إلى إدخال التفاعلية للبرامج التي تحاكي هموم الناس مثل برنامج «صباح النور» الذي يتلقى مشاركات المستمعين من خلال «الواتساب» ويتابع شكاويهم في مختلف المجالات. كما أن الإذاعة متوفرة على منصة «soundcloude» الخاصة بالملفات الصوتية.

التنوّع والتنويع

تحرص إذاعة النور على التَّنوُّع في برامجها، فتقدِّم لجمهورها البرامج السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية، التربوية، الثقافية، الفكرية، الدينية، التاريخية، العلمية، التنموية (صحة/ زراعة/ تغذية/ سلامة عامة)، الترفيهية، الرياضية، وبرامج الأسرة والشباب والأطفال.

توفِّر خدمة إخبارية متواصلة من خلال فريق عمل متخصِّص وشبكة مندوبين ومراسلين داخل لبنان وخارجه لتغطية أهم الأحداث والمستجدَّة.

تعتمد الإذاعة مختلف الأساليب الإذاعية من سردية وحوارية وتمثيلية وتحقيقية، وغير ذلك من أشكال، وهي تخصص مساحات واسعة للفترات الحية والمباشرة.

تنتج إذاعة النور ما نسبته 95% من برامجها ذاتياً من خلال فريق عمل متخصِّص، وذلك في استديوهاتها المجهَّزة بالتقنيات الحديثة.

البرامج الإذاعية:

السياسية اليوم (الحوار السياسي)، خطابات السيد حسن نصر الله، السياسة اليوم (قراءات الصحف)، فرصة عمل، استراتيجياً، حديث الناس، صباح النور، صحتك بالدني.

وتسعى إلى الأفضل

شهدت «إذاعة النور» خلال اثنين وثلاثين عاماً تطوراً مستمراً من خلال حضورها البارز محلياً وعربياً وحصدها جوائز عديدة، كما انها في هذا البعد تعمل على قضية الحضور القويّ من خلال الإعلام الجديد الرقمي السريع، الذي بات أهم عنصر في المتابعة والتزوّد بالأخبار، حيث يشير عباس شقير إلى أن ثمة رؤية تعمل الإذاعة على ترجمتها خلال الأشهر والسنوات المقبلة لتعزيز حضورها الإعلامي الرقمي إلى جانب الإذاعي. وفي هذا الإطار على مستوى الموقع الرسمي للإذاعة هناك رؤية دائمة لتطوير العمل وفي المنصات المختلفة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى