أولى

قانون قيصر وتداعياته اللبنانيّة حرب نفسيّة

يضع الأميركيون قانون تصعيد العقوبات على سورية قيد التنفيذ مطلع الشهر المقبل في تعبير شديد الوحشيّة عن طبيعة السياسة الأميركية، التي لا تعبأ في نتائجها الإنسانية في بلد كفنزويلا يشارف على مخاطر الانهيار الاقتصادي والاجتماعي، وتعتبر أن بلوغ المجاعة والعجز عن مواجهة الكورونا إنجازات وانتصارات، رغم ما يثبت كل يوم من أن كل هذه الضغوط لم تغيّر شيئاً في السياسة من جهة، ومن ظهور بدائل اقتصادية في العلاقات التجارية الدولية تمثل ناقلات المشتقات النفطية الإيرانية إلى فنزويلا ومبادلة محتوياتها بمعادن فنزويلية ثمينة أحد تعبيراتها من جهة ثانية، بحيث شيئاً فشيئاً تنتج العقوبات نقيضها، مزيد من الجذرية السياسية ومزيد من التكامل الاقتصاديّ بين الدول المستهدفة.

بالتأكيد سيصيب القانون الأميركي في تطبيقاته الكثير من عناصر التعافي الذي تسلك طريقه سورية مع ثبات انتصارات جيشها على الجماعات الإرهابية، وسعيها لإطلاق عجلة الاقتصاد، ما سيصيب بدوره سعر العملة الوطنية والقدرة الشرائية للسوريين بالأذى أيضاً، وما سيؤخر قدرة الدولة السورية على مواجهة أيّ تحوّلات مفاجئة في مسار كورونا. وربما سيفرح الأميركيون ويحتفلون بكل هذه العناوين عند تحققها بصفتها انتصارات سياسية، لكن الشيء الأكيد الذي لا يعرفونه هو أن شيئاً لن يتغيّر في السياسة، فسورية بالمقارنة مع فنزويلا، وبعد تضحيات الحرب التي شنّت عليها، وفي ظلّ مقدراتها في مجال الأمن الغذائي وصناعاتها الاستهلاكيّة، ستصمد ولن يتغير فيها شيء في السياسة، لكن التكامل الاقتصادي التبادلي دون المرور بالدولار الأميركيّ، وربما عن طريق التبادل العينيّ على الطريقة الفنزويليّة الإيرانية، سينشأ عبر الحدود بين سورية وجيرانها، بقوة الحاجة الطبيعيّة، وبمعزل عن مشيئة الحكومات، وهكذا تشكلت الأسواق الإقليمية عبر التاريخ.

الذي يطبّلون ويزمّرون للتحركات الأميركية تحت عنوان إغلاق الحدود اللبنانية السورية، ويأملون بتحقيق ما لم يتحقق في حرب تموز من تدويل للحدود، لا يعلمون أن الترهيب والترغيب الأميركيين للأطراف اللبنانية داخل وخارج منظومة السلطة قد يفلح بإرباك المواقف وتظهير رسائل سلبية منها، لكن موازين صناعة القرار في لبنان في ظل وجود مقاومة قوية ومقتدرة ومحميّة شعبياً يحول دون تحول كل هذا الغبار إلى حقائق. فالذين يتمسكون بالوقوف مع المقاومة لن يتحولوا أدوات ضغط عليها، ومن ترهبهم العقوبات سيفقدون تأثيرهم بانتقالهم من موقع الأصدقاء، أو يفقدون فائدتهم الأميركية إذا أدوا موجبات الصداقة. وفي قضايا السيادة وفي طليعتها الحدود مع سورية لا يوجد لون رمادي، كما في النظر لسلاح المقاومة، بما في ذلك صواريخه الدقيقة، ومشاريع ترسيم الحدود البحرية، خصوصاً في البلوك التاسع حيث العيون الإسرائيليّة.

التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى