أولى

ليبيا ومعركة الأحجام

 

 

يقف على ضفتي المواجهة في ليبيا من جهة دولة عضو في الحلف الأطلسي هي تركيا ومن الجهة المقابلة الحلف العربي الداعم للسياسات الأميركيّة في المنطقة الذي يضم الرياض وأبو ظبي والقاهرة، وفيما تساند تركيا حكومة الأخوان المسلمين يساند الحلف الثلاثي قائد الجيش خليفة حفتر.

خلال أسابيع قليلة دخل الوضع الليبي حرارة وتسارعاً جديدين. فالعمليات العسكرية التركية تتصاعد وتحقق المزيد من تثبيت حكومة الأخوان المسلمين التي كانت تتداعى تحت ضربات الجيش والرئاسة المصرية تخرج عن سياسة الصمت إلى إطلاق مبادرة سياسيّة تحظى بدعم يبدو وازناً على الصعيد الدولي، وربما تشكل مدخلاً لدور عسكريّ مصريّ وسودانيّ لدعم الجيش الليبيّ.

عملياً لا يمكن تخيل الحركة التركية التي يشكل مسلحو إدلب قوامها إلا على خلفية التحضير التركي لتبديل الأدوار بين سورية وليبيا حتى لو اقتضى التدخل المباشر عسكرياً، حيث النفط والغاز، وحيث لا مواجهة مع روسيا وإيران كحال سورية، كما لا يمكن تخيّل الاندفاعة المصرية الإماراتية السعودية إلا على قاعدة فهم تزامنها مع التراجع الذي يصيب جبهات القتال في اليمن لصالح أنصار الله، وحيث يمكن في ليبيا الزجّ بالجيش المصري وهو ما لم يكن ممكناً في اليمن.

ما يجري عملياً هو تغليب لغة التراجع عن الحروب بين أطراف الحلف الأميركي في المنطقة مع خصومهم التقليديين لصالح التسليم بتوازنات جديدة فرضتها حروب سنوات وشهور مضت في كل من سورية واليمن، والاتجاه نحو مباراة فاصلة لتحديد الأحجام بين الحلفاء أنفسهم تقررها المواجهة العسكرية والسياسية في ليبيا، وتزامن العسكري والسياسي والمحلي مع الإقليمي والدولي يعني أن وقت ترسيم الأدوار تمهيداً لطاولات المفاوضات قد بات قريباً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى