أولى

الأميركيّون يريدون التفاوض

 

 

لم يُخفِ الأميركيون أهدافهم من التصعيد بالعقوبات على سورية، فهم ولمرتين متلاحقتين يوضحون بصورة لا لبس فيها، أن ثمّة أمرين غير مطروحين على جدول الأعمال الأميركي، من باب التسليم بالوقائع الجديدة، الأول هو مستقبل الرئاسة السورية التي كانت هدفاً مباشراً للحرب التي قادتها واشنطن على سورية، والثاني هو مستقبل الوجود الروسي وطبيعة الدور الذي يؤديه بدعم الدولة السورية.

تحدّث الأميركيون عن أن هدفهم هو تغيير السلوك الروسي والسوري، وحدّدوا العنوان، وهو مستقبل الدور الإيراني ومعه دور قوى المقاومة في سورية، معلنين أن العقوبات الجديدة هي إطار للتفاوض حول مستقبل أمن الحدود الجنوبية لسورية من دون مواربة.

لو كان الأميركيون قد قرّروا البقاء في سورية والمنطقة، لما كانت ثمة حاجة لهذا التفاوض حول مستقبل الأمن جنوب سورية، وبالتالي رغم كل الضجيج الذي يثار حول انتقال أميركي إلى الهجوم، يبدو الأميركي واضحاً أنه يعرض صيغة للتفاوض عنوانها، مقايضة انسحابه بانسحاب إيران وقوى المقاومة، ويستخدم العقوبات كمنصة لهذا التفاوض مع روسيا كمستهدف رئيسي بالعقوبات، وعبرها مع سورية.

الموقفان الروسي والسوري متمسكان بعدم قبول العرض التفاوضي، لأنه يخفي سعياً لتمرير ضمّ الجولان الذي اعترفت به إدارة الرئيس دونالد ترامب بعدما توالت حكومات كيان الاحتلال على التمسك به، لأن القضية هي مستقبل الجولان الذي يفرض احتلاله وضمّه معادلة توازن يمثلها وجود قوى المقاومة وإيران. والمعادلة التي يجب أن يفهمها الأميركي أن ما يعادل مطالبته بالانسحابات ليس وجوده فقط بل انسحاب جيش الاحتلال من الجولان، بالنسبة لسورية، والتراجع عن قرارات الضمّ بالنسبة لروسيا، والتفاوض الروسي الأميركي يدور هنا، بينما بعض المنافقين التابعين الأذلاء للأميركي يهولون ويتوعّدون بمفاعيل قانون قيصر.

بعض المساعي الأوروبية تتحدث عن فرضية حل وسط عنوانها إعادة النظر بقوة الفصل الأمميّة في الجولان مع تجديد مهمتها.

في كل الأحوال والفرضيات تبدو سورية والمقاومة وروسيا في وضع التفوق الاستراتيجي، وتصبح العقوبات موضوعاً جدياً للبحث عند استهداف شركات روسية كبرى انطلاقاً من تعاونها مع سورية، فهل تجرؤ واشنطن؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى