أولى

الانتخابات في سورية

شهدت سورية أمس، الانتخابات التشريعية الثالثة منذ بدء الحرب التي استهدفتها، وتهددت خلالها وحدة سورية وشرعيتها الدستورية، وتجري الانتخابات هذه المرة وقد استعاد الجيش السوري بدعم شرائح شعبية عريضة سيطرته على أغلب الجغرافيا السورية. فالقيمة السياسية للانتخابات هذه المرة أبعد من تأكيد الانتظام في ممارسة الحياة الدستورية بل تأكيد التعافي السياسي لمشروع الدولة واستعادته زخم الحضور والدور، رغم البقاء ضمن مشروع عملية سياسية تهدف لشرعنة دولية لمشروع الدولة وضمان التحاق القوى التي تنضوي تحت شعارات الانقسام والحرب بمشروع الدولة تحت سقف الوحدة الوطنية والسلم الداخلي.

في الطريق إلى الخلاص النهائي من تردّدات الحرب والأزمة، وبانتظار نضج ظروف دولية وإقليمية لذلك، يبدو أن المجلس النيابي الجديد مطالب بمهام لا تتعلق بمستقبل الحل السياسي الذي تتولاه القيادة السياسية للدولة وعلى رأسها الرئيس بشار الأسد، ولا تتعلق بحشد التعبئة الشعبية لمواجهة التحديات العسكرية والسياسية، بينما يتطلع السوريون كما تتطلع القيادة السورية نحو المجلس المنتخب لدور أوسع في مواجهة الأوضاع الداخلية الاقتصادية والاجتماعية الضاغطة، خصوصاً لجهة توسيع نطاق الرقابة على الأداء الحكومي ومواجهة ما يشكو منه السوريون من تباطؤ في أداء بعض الإدارات ومن فساد وهدر يصيبان المال العام.

كان واضحاً من هذه الدورة الانتخابية تراجع حضور وحجم مشاركة الشخصيات التي دخلت الحياة النيابية والسياسية بقوة وزنها المالي، ولعل في هذا إشارة يعلق عليها السوريون آمالاً في مجلس نيابي متحرّر من تأثيرات رجال الأعمال الذين يبقى لهم دورهم في الحياة الاقتصادية، لكن تحت رقابة مجلس نيابي يعبر عن غالبية شعبية تعاني من الضائقة المالية وتحتاج إلى أداء حكومي متحرّر من نفوذ رجال الأعمال وتدخلاتهم، وإلى إدارات حكومية تغادر عقلية مراعاة أصحاب المصالح المالية لحساب أولوية واضحة، هي تأمين حاجات الفئات الشعبية والأكثر فقراً من بينها، لتحقيق أعلى درجات الصمود في مواجهة ضغوط مالية واقتصادية ناتجة عن حرب مالية تفرضها العقوبات الأميركية والغربية على سورية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى