أولى

في الذكرى الرابعة عشرة قراءة في عدوان تموز 2006

رامز مصطفى _

ثانياً المواجهة وإبداعات المقاومة

العدو الصّهيوني لا يجهل قدرات المقاومة وحزب الله، وإمكانياته القتالية، على خلفية ما مُني به من خسائر فادحة خلال كلّ المعارك التي خاضتها المقاومة ضدّ جيشه المحتلّ لأرض الجنوب، والحروب التي شنها الكيان على لبنان، في عملية ما أسماها بـ «تصفية الحساب» في تموز 1993، وحرب «عناقيد الغضب» في العام 1996. قبل أن تجبره المقاومة على الانسحاب صاغراً من الجنوب في العام 2000. وخلال مرحلة ما بعد التحرير، فقد فشلت جهود العدو الاستخبارية، ولم يتمكن من الوصول إلى ما يمتلكه حزب الله والمقاومة في لبنان من تطورات مذهلة في القدرات والإمكانيات العسكرية، تدريباً وعتاداً، وبشكل خاص القوة الصاروخية التي شكلت مع المواجهة والالتحام المباشر مع قوات جيش العدو الصهيوني التي دخلت الجنوب، كما حصل في مارون الراس وعيتا الشعب وبنت جبيل، ووادي الحجير حيث حوّلت المقاومة دبابات العدو إلى كتل وخردة حديدية، جعلت من الوادي نقشاً محفوراً في الذاكرة على أنه مقبرة للغزاة الصهاينة. وترافق ذلك مع استمرار القوة الصاروخية في التساقط على عمق الأراضي الفلسطينية المحتلة طيلة 33 يوم، أسقطت من خلالها الجبهة الداخلية للكيان. وأفقدت القيادات بكافة مستوياتها القدرة على إدارة المعركة، والفشل في القيادة والسيطرة خلال أيام العدوان المُدّمر لكل البُنى التحتية على شعاع الأرض اللبنانية.

لعلّ ما انتهجته المقاومة من اتباعها استراتيجية وتكتيكاً قتالياً زاوج بين القتال على نسق الجيوش النظامية، وقتال حرب العصابات، وفقاً لظروف المعركة في الميدان، قد دفع قادة جيش العدو إلى الوقوع في الإرباك والتخبط. على عكس قيادة المقاومة التي أظهرت القدرة الفائقة على السيطرة والقيادة، وما أظهرته من رباطة جأش وإرادة لا تلين. وما ظهور قائد المقاومة السيد نصر الله على شاشة قناة «المنار»، ومخاطبة الجمهور على تنوّعه في لبنان وخارجه، وإعطاءه الأوامر المباشرة للمقاومين في تدمير البارجة الحربية «ساعر، التي ترابط قبالة بيروت بهدف الاعتداء على أهلها الآمنين، حيث دمّرتها المقاومة، وأخرجت سلاح البحرية الصهيونية من المعركة. إلاّ دليل في القدرة والتحكم على السيطرة والقيادة، على الرغم مما ارتكبه العدو وألحقه من دمار هائل ومجازر بحق أهل الجنوب والضاحية والبقاع الشمالي. مضافاَ لذلك الحملة الإعلامية والسياسية المنظمة التي طاولت المقاومة وحزب الله، محملة إياهم مسؤولية هذه الحرب، ووصفهم بالمغامرين والمقامرين سواء من هم في الداخل اللبناني، أو في الواقع الإقليمي والدولي.

من إبداعات المقاومة وقيادتها في سياق الحرب أنها كرّست مفهوم المعادلات المتقابلة، بمعنى مقابل قصف بيروت ستقصف تل أبيب. وهذا ما أكد عليه السيد حسن نصر الله في إطلالاته التي لم تنقطع طيلة أيام العدوان. وهنا نصحت قيادات في الكيان الحكومة أنها لا تجرّب حزب الله، مما سيؤدي إلى كارثة إستراتيجية حقيقية في انهيار مجتمع المستوطنين الصهاينة. وكما في الميدان، أبدعت المقاومة في حربها الإعلامية والنفسية.

*كاتب فلسطيني

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى