ثقافة وفنون

سرنمة…!

} مصطفى بدوي

في الطريق إلى مخيلة البحيرات

كان الماء يلقن الأجراف ما  تعالى

من زخات شايكوفسكي

ويوحي بالغياب

كان الخطو يذرف الدهشة النازفة

والمدى في زحفه يواكب الأزمنة

في الطريق الرشيق إلى مخيلة البحيرات

كان النهار شارداً يرشق اللوعة النابحة!!

***

حانةٌ على  بحر الشمال

ماذا لو امتطيت قطار الشمال لئلا أعود إلى وجهة في الجنوب المزنر بالغبار ؟؟!

أنتحي لي ركناً قصياً في مقصورة ملأى بالغجر وأغاني السفر

فتصحو حشرجات الندم  في دم الليل،

أسهو تماماً رفقة السيجارة الشقراء وأنا أحدّق في دمدمة الصخب..

أذكر الأحباب طوراً وطوراً ألعن الوقت المعبّد بالخسارات..

أحتمي بالحنين إلى بسمة والدي اذ تتراقص زرقة عينيه في ناظري..

فتسقط دمعة حانية على خدي  في مهب الوله..

أستعير من وحشة الليل جرأته فأفتح لي حواراً مع  سيدة في العقد السادس او ينيف تتصفح بلامبالاة (النيويوركر) وبين الحين والآخر تحملق فيّ وكأنها بحاجة إلى من يشاركها لحظة  هاربة.. أفهم لاحقاً أنها متجهة لرؤية ابنها الذي يعمل في شركة سويدية ولم تره منذ ثلاث سنوات..

شعرت بتفاهة قصتها موقناً أن همّها العاطفي لا يضاهي البتة جراح أمهاتنا اللواتي لم يكن يعرفن لا النيويورك تايمز ولا التايمز ولا النيويوركر بل لم تسمح لهن الظروف حتى بتهجي الأبجدية وأغلبهن لم يعرفن قطار الشمال ولا الجنوب، بل عرفن قطاراً واحداً هو قطار الألم..

ذلك القطار الذي ورثناه نحن الأبناء عنهن فتهنا في أرض الله الواسعة لنضرب بعصينا في التيه فيساقط ثمراً عصيّاً ..

***

استدراكٌ متأخرٌ

لماذا تركت antwerpen يا فان ديك ورحلت الى لندن «الصخر والحديد»؟

اليوم أرفع  قبّعتي في صحتك، كما يليق بشاعر مهووس بالريح وهي تزمجر في ناي الأزمنة

اليوم أقطع الشارع المؤدي إليك

لأشعل الحاسة المتعالية!!

 

*ناقد وشاعر مغربي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى