الوطن

لودريان جال على المسؤولين: مساعدات فرنسية للبنان ومفاعيل «سيدر» تنتظر تطبيق الإصلاحات

 

أطلق وزير الخارجية الفرنسية جان إيف لودريان في بيروت شعاره «ساعدونا لنساعدكم»، مؤكداً أنّ مفاعيل مؤتمر «سيدر» لا تزال قائمة ويمكن تحريكها بالتوازي مع تطبيق الإصلاحات التي التزمتها الحكومة اللبنانية في هذا المؤتمر.

وكان لودريان استهل لقاءاته في لبنان بقصر بعبدا حيث التقى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بحصور وفدين لبناني فرنسي. وخلال المحادثات أبلغ عون لودريان أن لبنان يتطلع إلى مساعدة فرنسا في مسيرة الإصلاحات ومكافحة الفساد التي بدأها منذ بداية ولايته الرئاسية، ومن خلال سلسلة قرارات اتخذتها الحكومة اللبنانية في إطار الخطة التي وُضعت للتعافي المالي والاقتصادي»، معتبراً «أن العلاقات اللبنانيةالفرنسية المتجذّرة في التاريخ، تفرض مثل هذا التعاون لما فيه مصلحة البلدين والشعبين الصديقين».

وعرض الظروف الصعبة التي يمرّ بها لبنان، سواء من الناحية الاقتصادية والمالية أو من ناحية تداعيات وباء «كورونا»، مشيراً إلى «الجهود التي تُبذل من أجل الخروج من الأزمة الراهنة بكل وجوهها، بالتعاون مع الدول الشقيقة والصديقة».

وتحدث عن «التداعيات التي خلّفتها الحرب في سورية على الاقتصاد اللبناني بعد إغلاق الحدود، وكذلك مسألة النازحين السوريين التي كبّدت لبنان خسائر تتجاوز الـ40 مليار دولار وفق المعطيات المتوافرة لدى المنظمات الدولية». وعرض للوزير الفرنسي «الخطوات التي تحققت في مجال مكافحة الفساد ومنها إقرار التدقيق الجنائي، إضافة إلى التدقيق الحسابي الذي اظهر وجود خلل في مالية الدولة»، متحدثاً عن «صعوبات وعراقيل تواجه مكافحة الفساد، خصوصاً مع وجود متورطين كثر فيه، يمارسون ضغوطاً عديدة لوقفها».

وشدد على «تمسك لبنان بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701»، شاكراً لفرنسا «الدور الذي تلعبه دائماً في إطار التجديد سنوياً للقوات الدولية العاملة في الجنوب «يونيفيل»، مؤكداً «أن لهذا الدور أهمية خاصة في التجديد المقبل لهذه القوات». واعتبر أن «الدعم الفرنسي للبنان أساسي في هذه المرحلة، وفي ذلك فائدة متبادلة للبلدين الصديقين».

وحمّل عون لودريان رسالة إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ضمّنها شكره للمواقف التي يتخذها حيال لبنان وللمبادرات التي قام بها في هذا الإطار.

 وكان لودريان نقل إلى عون رسالة شفوية من نظيره الفرنسي أكد فيها «وقوف فرنسا إلى جانب لبنان في الظروف الصعبة التي يمر بها، كما كانت دائماً وعبر التاريخ». وقال لودريان إن بلاده «مصممة على مساعدة لبنان وهي تتطلع إلى إنجاز الإصلاحات الضرورية التي يحتاج إليها»، مؤكداً «أن مفاعيل مؤتمر «سيدر» لا تزال قائمة ويمكن تحريكها بالتوازي مع تطبيق الإصلاحات التي التزمتها الحكومة اللبنانية بهذا المؤتمر عند انعقاده في باريس».

وأشار إلى أن «باريس وضعت خطة لمساعدة المدارس الفرنسية في لبنان واللبنانية، لمواجهة الأزمة الراهنة وهي تشمل أكثر من أربعين مدرسة ستلقى دعماً مالياً في إطار الدعم الذي تقدمه فرنسا للمدارس التي تدعمها في الشرق». ولفت إلى «المساعدات التي قدمتها بلاده لمواجهة وباء «كورونا»، إضافة إلى دعم إنساني بلغت قيمته 50 مليون يورو».

 والتقى لودريان رئيس مجلس النواب نبيه برّي  في عين التينة وغادر من دون الإدلاء بأي تصريحواجتمع إلى رئيس الحكومة حسان دياب في السرايا في حضور عدد من الوزراء. وجرى البحث في الإصلاحات المطلوبة لترجمة مقررات مؤتمر سيدر، والمفاوضات مع صندوق النقد الدولي.

وتطرّق المجتمعون إلى المشكلات  الاقتصادية والمالية والاجتماعية التي يعاني منها لبنان، والجهود التي تبذلها الحكومة لمعالجتها وموضوع التجديد لقوات «يونيفيل»، وملف اللاجئين السوريين. وشكر دياب فرنسا على الدعم الذي تقدمه إلى لبنان.

 كما استقبل وزير الخارجية والمغتربين ناصيف حتّي نظيره الفرنسي وعقدا  بعد ذلك مؤتمراً صحافياً مشتركاً استهله حتّي بكلمة اعتبر فيها   أن زيارة لودريان إلى لبنان تُترجم تعلق فرنسا بلبنان ووقوفها الدائم الى جانبه في تحدياته. من جانبه قال لودريان «جئت إلى لبنان للمرة الثانية بصفتي وزيراً للخارجية الفرنسية بناء على طلب رئيس الجمهورية إيمانويل ماكرون لتأكيد استمرارنا بدعم لبنان  ووقوفنا إلى جانب الشعب اللبناني»، لافتاً إلى أن «المرحلة خطيرة ولبنان بحالة مقلقة جداً والتداعيات الاقتصادية والمالية كثيرة  تنعكس بشكل كبير على اللبنانيين  الذين يزدادون فقراً».

وأضاف «نحرص على ألاّ تزعزع هذه الأزمة نموذج لبنان القائم على التسامح والانفتاح الذي قام لبنان عليه والذي يشكل جوهر هويته»، مشدداً على تصميم فرنسا البقاء إلى جانب اللبنانيين تحديداً في هذه الأوقات الصعبة.

وتابع «إن الحلول لتعافي البلد معروفة منذ وقت طويل. وفي مؤتمر سيدر  طرحنا عقد ثقة لتمويل مشاريع تنموية مقابل إصلاحات هيكلية ضرورية، والكل يعرف الحاجة للتغيير  ومطالب الإصلاح التي أكدت عليها في كانون الأول من العام الماضي في اجتماع مجموعة الدعم الدولية للبنان  تتلاءم مع تطلعات اللبنانيين».

وأضاف «لقد جئت اليوم لأقول لكل السلطات ومجمل القوى السياسية في لبنان أن من الضروري السير بالإصلاحات وهذه ليست مطالب فرنسا فحسب بل هي في المقام الأول مطالب الشعب  والأسرة الدولية. وأتناول هنا خصوصاً، إعادة إطلاق المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، ولاسيما عن طريق التدقيق الفاعل في حسابات مصرف لبنان. ولا يتوهمّن أحد أن ثمة بدائل تسمح للبنان الخروج من أزمته سوى التفاوض مع صندوق النقد الدولي. وأتناول هنا أيضاً ملف إصلاح الكهرباء الذي يعتبر ورشة داخلية، وأقول بوضوح إن ما تم القيام به حتى الآن ليس مشجعاً.».

ورأى «أن مكافحة الفساد والتهريب واستقلالية القضاء وتعزيز الشفافية هي أمور أساسية لمستقبل لبنان».

وإذ كرر جملته التي قالها أمام مجلس الشيوخ الفرنسي  «ساعدونا لنساعدكم» مؤكداً أنها تشكل شعار زيارته إلى  بيروت، قال لودريان «إن فرنسا مستعدة لحشد قواها بالكامل إلى جانب لبنان وأن تحشد دعم شركائها لكن يجب من أجل تحقيق ذلك القيام بالإجراءات  لإنعاش البلد وبخطوات جدية وذات صدقية. وننتظر منذ فترة بعيدة جداً أن نرى خطوات عملية تنفذ».

وتابع «رسالتي هي إذن مزدوجة: أولاً ، حثّ الدولة على الالتزام الجدي بالإصلاحات وثانياً دعم الشعب اللبناني والاستعداد لمساعدته لتمكينه من مواجهة التحديات».

وأعلن لودريان  أن فرنسا ساعدت القطاع الصحي في لبنان مالياً وكذلك عبر توفير تجهيزات طبية خصصتها للبنان «وستقدم فرنسا مجمل مساعدات تصل  قيمتها إلى 50 مليون يورو كمساعدات إنسانية مباشرة خصوصاً في مجال الخدمات العامة الأساسية والبنى التحتية الصحية، لكن يتعين على السلطات اللبنانية في المقام الأول أن توجد شبكات الأمان الاجتماعية غير الموجودة».

وقال «سوف نبقي على دعمنا للجيش اللبناني العامود الفقري لهذه الدولة ولقوى الأمن اللبنانية التي تلعب دوراً حاسماً من أجل ضمان استقرار وأمن البلاد ومن  الاساسي ان تقوم الدولة اللبنانية بتأكيد سلطتها وسيطرتها على مجمل أراضيها ولا بد كذلك من أن يحترم كل المسؤولين اللبنانيين ويحافظوا على مبدأ النأي بالبلد عن الأزمات التي تمر بها المنطقة»

 والتقى لودريان البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي في  بكركي التي غادرها من دون الإدلاء بتصريح.

كما زار الوفد الفرنسي مركز مؤسسة عامل الدولية (عامل) التنموي في حارة حريك. وكان في استقبال الوفد رئيس المؤسسة الدكتور كامل مهنا وخلال الزيارة، اطلع الوفد على أنشطة برامج الصحة والتعليم والحماية والتدريب المهني التي تنفذها المؤسسة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى