مانشيت

احترام توازن الرئاسات وحكومة يسمّيها رئيسها يُسقط الطائف وسلطة مجلس الوزراء / هل قرأ الحريري خطأً انطلاق التفاوض أم انتبه لسقوط «لا تفاوض في ظل السلاح»؟

الحريري يلتقي عون وبرّي اليوم... وشينكر يبدأ التحضير لإطلاق مفاوضات الترسيم

 

كتب المحرّر السياسيّ

يبدأ الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري جولة المشاورات التمهيدية لتسميته رئيساً مكلفاً بتشكيل الحكومة الجديدة اليوم، بالتزامن مع وصول معاون وزير الخارجية الأميركية ديفيد شينكر إلى بيروت تحضيراً لافتتاح التفاوض غير المباشر على ترسيم الحدود يوم الأربعاء. وفيما يبدأ الحريري، كما توقعت البناء من لقاء الاثنين في بعبدا، تقول مصادر على صلة بالملف الحكومي أن الحريري سيسمع من رئيس الجمهورية تذكيراً بحصيلة المشاورات التي أجراها الرئيس عون مع الكتل النيابية خلال فترة تعثر تأليف الرئيس المكلف مصطفى أديب لحكومته قبل اعتذاره بأيام، والتي انتهت إلى أن الكتل النيابية ترفض أن يقوم أحد بالنيابة عنها بتسمية مَن يمثلها في الحكومة، وأن الأرجحية لحكومة حجمها يتراوح بين 18 و20 وزيراً، وأن الكتل مجمعة على دعم المبادرة الفرنسية، وأن رئيس الجمهورية سينتظر نتائج الاستشارات النيابية لمعرفة مدى نجاح الرئيس الحريري في مشاوراته مع الكتل النيابية. أما في عين التينة فسيسمع الرئيس الحريري، وفقا للمصادر ذاتها، سؤالاً من نوع آخر حول سبب كلامه المؤذي والمهين عن تراجع رئيس مجلس النواب نبيه بري عن موقفه في التفاوض حول الترسيم تحت تأثير العقوبات، مطالباً الحريري بالجواب عما إذا كان هناك فارق بين ما سبق وأطلعه بري عليه من حصيلة للتفاوض مع الأميركي، وفقاً للبيان النهائي في شهر تموز الماضي قبل العقوبات، وبين النص الذي أعلن، والذي ربطه الحريري بالعقوبات، فجاء كلام الحريري مصدر ربح مجاني للمفاوض الإسرائيلي بداعي الكيد السياسي الداخلي، بينما كان كلام الحريري كطرف في خلاف سياسي داخلي أن يدعم المفاوض اللبناني بأن يشهد للرئيس بري صلابته وثباته وفوزه بإطار تفاوضي يحمي المصلحة اللبنانية، وأن يسجل معنى القبول الأميركي والإسرائيلي بالتفاوض في ظل السلاح، والتسليم باستحالة الانتظار الاقتصادي حتى إنهاء أمر السلاح، بعدما فشلت محاولات تطويقه، ومحاصرته داخلياً وخارجياً، بحيث شكل هذا التسليم الأميركي مدخلاً للفرصة التي يريد الحريري الاستثمار عليها لتشكيل الحكومة.

الحصيلة التي ستنتهي إليها مشاورات الحريري لا تزال غامضة، وفقاً للحدود التي سيبلغها في التراجع عن إمكانية الجمع بين طلب تحقيق التوازن بين الرئاسات، وهو ما قاله الحريري عن وضع رئيس الحكومة بالتوازي مع رئيسي الجمهورية ومجلس النواب، وهذا صحيح، وبين حكومة يسمّي وزراءها رئيسها، تحت شعار مستقلين واختصاصيين، لأن هذا يعني تحويل مجلس الوزراء إلى مجلس مدراء عامين وليس إلى سلطة سياسية عليا، تدير البلاد وفقاً لما جاء به اتفاق الطائف، وإسقاط مجلس الوزراء كسلطة هو إسقاط للطائف، ومثل التوازن بين الرئاسات الذي أقامه الطائف، هناك توازن بين رئيسي الجمهورية والحكومة من جهة والوزراء من جهة موازية، هو أهم إنجازات الطائف، وإطاحة هذا التوازن ستعني عملياً استعادة نظام الترويكا، حيث يتولّى الرؤساء الثلاثة رسم سياسة الدولة، بالتشاور والتوافق، من خارج الدستور وخلافاً لنصوصه، ويتحوّل مجلس الوزراء إلى مجلس مدراء تنفيذي للقرارات، إلا إذا كان الحريري يسعى لفرض عُرف جديد يقوم على إحياء صيغة الـ43 مع استبدال نقل صلاحيّات رئيس الجمهورية إلى مجلس الوزراء بنقلها الى رئيس الحكومة، وهذا تغيير جوهري في النظام وتوازنات الطائف.

التساؤل الذي يواجه الحريري هو من الذي يستثمر في معاناة الناس وفرص الإنقاذ والمبادرة الفرنسية لتحقيق مكاسب سياسية، من يدعو لشراكة تضمن تحقيق أوسع تغطية للقرارات الإصلاحية، أم مَن يحاول إلغاء الشراكة لتحقيق الاستفراد بقوة التهويل بالانهيار؟

الحريري يبدأ جولة مشاورات جديدة

بقيت مبادرة رئيس تيار المستقبل سعد الحريري محور الحركة السياسيّة وسط جولة اتصالات يقودها الحريري مع القوى السياسية يواكبها بسلسة زيارات الى بعبدا وعين التينة لوضع مبادرته قيد التشاور مع الرئيسين ميشال عون ونبيه بري قبيل أيام قليلة على موعد الاستشارات النيابية الملزمة.

ويزور الحريري رئيس الجمهورية قبل ظهر اليوم بعدما اتصل به امس الاول، ثم يلتقي عصراً رئيس مجلس النواب وفق ما اتفقا خلال اتصاله بينهما.

واستبق الحريري الزيارتين بلقاء  رؤساء الحكومات السابقين مساء أمس، في بيت الوسط بعيداً عن الاعلام لاطلاعهم على اتصالاته المرتقبة ابتداء من اليوم.

بيت الوسط

وبحسب مصادر بيت الوسط لـ«البناء» فإن توجهات الحريري متصلة تجاه العمل على إنقاذ الوضع الراهن والذي يمكن وصفه بالكارثي وبالتالي فهو سيوسّع مروحة اتصالاته ولقاءاته التي لن تقتصر على عون وبري ليُبنى على الشيء مقتضاه، خاصة أن مبادرته تهدف إلى إنقاذ ما يمكن إنقاذه من المبادرة الفرنسيّة والشروع نحو الإصلاحات مع تشديد المصادر على أن الحريري سوف يحدّد طرحه القديم الجديد بتأليف حكومة تكنوقراط، علماً أن الأجواء الفرنسية تشير في هذا السياق وفق المصادر إلى أن السفيرة الفرنسيّة الجديدة ستبلغ الأسبوع المقبل المسؤولين اللبنانيّين بتفاصيل النسخة الجديدة من المبادرة الفرنسيّة.

عين التينة

في المقابل يُصرّ ثنائي أمل وحزب الله على تأليف حكومة تكنوسياسية لمواجهة التحديات القائمة اقتصادياً واجتماعياً والمستجدة على صعيد ملف ترسيم الحدود. كما علمت «البناء» أن الرئيس برّي متمسك بطلبه السابق بأن تبقى وزارة المال بيد الطائفة الشيعيّة وأن يسمّيه أيضاً. وهذا الأمر لا علاقة له بشخصيّة رئيس الحكومة بل أمر مبدئي. وأشارت مصادر نيابية في كتلة التنمية والتحرير لـ«البناء» الى ان الاتصالات مستمرة بين القوى السياسية لتحديد موقفها من مبادرة الحريري والرئيس بري مستعدّ للتعاون مع الحريري لتسهيل الاتفاق على الحكومة تكليفاً وتأليفاً لكن المشاورات لا زالت في بداياتها ولم تُحسَم رغم المناخ الإيجابي الذي ظهر خلال الأيام القليلة الماضية، لكن المصادر تلفت الى أننا لن نقبل أن نوقع شيكاً على بياض، ولذلك الأمور متوقفة على المفاوضات مع الحريري ورؤيته لشكل الحكومة وبرنامج عملها ليبنى على الشيء مقتضاه.

التيار الوطني الحر

أما مصادر التيار الوطني الحر فرأت أن طرح الحريري لحكومة اختصاصيين غير ذي جدوى وهذا سوف يعني تمديداً للأزمة مع إشارة المصادر لـ«البناء» إلى أن الأجواء حتى الساعة داخل التيار تقول إن طرحاً كهذا من شأنه أن يدفع لبنان القوي لعدم المشاركة وعدم التسمية أيضاً، وبالتالي على الحريري أن يُعيد تصويب بوصلته صحيحاً إذا كان ينوي حقيقة إبداء التعاون المنشود.

وعلمت «البناء» أن الحريري سيُصرّ خلال مفاوضاته مع القوى السياسية على طرحه بحكومة تكنوقراط واختصاصيّين لمهمة محددة ومدة زمنية محددة.

وأكدت أوساط أخرى مطلعة في التيار الوطني الحر أن التيار «لم ولن يعمل على طرح أي مرشح لتولي منصب رئاسة الحكومة لا في الداخل ولا مع الخارج وأنه يتابع بإيجابية كل المشاورات التي تدور للوصول الى صيغة تلبي مطالب الناس في لبنان الذين يريدون حكومة قادرة على الإنقاذ»، ورأى أن «المبادرة الفرنسيّة يجب أن تلقى كل التجاوب من كل الأطراف، لأنها الوحيدة الجدية والصادقة والتي تحاكي الواقع اللبناني». ولفت الى ان «لبنان يستحق التضحيات ونحن أول مَن يُضحّي من أجل لبنان على ألا نكون وحدنا مَن يضحي».

القوات

إلى ذلك يجتمع تكتل القوات اللبنانية بعد غد الأربعاء لاتخاذ الموقف المناسب من التكليف، وبانتظار القرار النهائي للقوات، فإن الاتصالات والمشاورات ستكون مفتوحة حتى يوم الاربعاء مع تأكيد مصادر القوات أن موقفها لا يزال على حاله ولن يتبدل تجاه تشكيل حكومة مستقلة من اختصاصيين بعيدة كل البعد عن الطبقة السياسية. ولا تعلق المصادر على حراك الحريري الذي يبدأ اليوم، مؤكدة أن رؤيتها للحل واضحة ولا لبس فيها.

اللقاء الديموقراطيّ

كما يعقد اللقاء الديمقراطي اجتماعاً خلال اليومين المقبلين لدرس الموقف من الاستشارات من كل جوانبه ليُبنى على الشيء مقتضاه، مع ترجيح مصادر مطلعة أن تحصل اتصالات بين الاشتراكي والحريري في الساعات المقبلة قبل أن يحدد اللقاء الديمقراطي موقفه من الاستشارات.

وفيما تضاربت المعطيات حول حصول الحريري على تغطية خارجيّة أميركية سعودية لمبادرته، أشارت مصادر أخرى في الحزب الاشتراكي الى أننا لا نرى اي تغيّر اقليمي لناحية دعم ترشيح الحريري ومنطق الأمور يقول بضرورة وجود رعاية أميركية إيرانية. لكن مصادر أخرى في فريق ٨ آذار تشير الى مؤشرات إفليمية دولية تقف خلف تحرك الحريري الجديد. فيما اكدت مصادر البناء ان المشاورات ستتركز على خطي بعبدا بيت الوسط من جهة ومن جهة ثانية خط بيت الوسط عين التينة لتدوير الزوايا وتذليل العقد التي واجهت السفير مصطفى اديب لا سيما شكل الحكومة وعدد وزرائها ومهمتها ومن يسمّي الوزراء ودور الكتل النيابية في هذا الإطار، لكي تضمن اي حكومة الثقة النيابية في المجلس النيابي.

الفرزلي

وأكد نائب رئيس مجلس النواب ايلي فرزلي ان «هناك ٢٢ نائباً مسيحيّاً خارج الأحزاب ومعيار الميثاقيّة في تسمية رئيس الحكومة غير محصور بالأحزاب».

وتابع الفرزلي في حديث تلفزيوني «لا أنصح الرئيس عون، بل هو في موقع الناصح للجميع وأدرك أنّه حريص على أن تكون كل طائفة ممثّلة في الحكم كما يجب».

وأضاف: «نصحت باسيل منذ سنة بتأييد الحريري، فالربط مع المكوّن السنّي أساسي». وشدد الفرزلي على انه «يجب أن يُكلف الحريري يوم الخميس وأي تخلف من قبله يتحمّل هو مسؤوليته».

الراعي

وأشار البطريرك الماروني بشارة الراعي في عظة الاحد إلى أن قلقنا يتعاظمُ إذا تعثَّر تكليف شخصيّة لرئاسةِ الحكومة الجديدة، خصوصاً إذا تعثّر تأليف حكومة إنقاذيّة، غير سياسيّة، وتكنوقراطيّة، تتمكّن من المباشرةِ بالإصلاحاتِ في البُنى والقطاعات، وفقًا لتوصيات مؤتمر سيدر».

وأكّد أنّ ضمانة نجاح التأليف هي العزم من قبل الجميع على تجنّب التسويف، ووضع الشروط، وافتعال العقد غير الدستوريّة وغير الميثاقيّة، من أجل قضم الدولة وإبقاء مصير لبنان مرهونًا بصراعات المنطقة واستحقاقاتها الّتي لا تنتهي، معتبرًا أنّ هذه مشكلة وطنيّة خطيرة عندنا لا حدَّ لها إلّا باعتماد نظام الحياد الناشط الّذي يعيد للبنان هوّيته، ومكانته، ودوره الحضاريّ في سبيل السلام والاستقرار في الداخل وفي المنطقة.

وشدّد الراعي على أنه لا يحقّ لأيّ فريق أن يتخطّى الدستور، ولآخر أن يتنازل عنه، ولآخر أن يشوّه النظام الديمقراطيّ.

كورونا

على صعيد آخر ومع ارتفاع عدد البلدات التي ستُقفِل اعتبارًا من اليوم إلى 169 بلدة، استمر عدد إصابات كورونا بالارتفاع، واعلنت وزارة الصحة العامة تسجيل 1010 اصابات جديدة بكورونا و4 حالات وفاة خلال الساعات الـ24 الماضية. في حين بدأ الهلع يصيب اللبنانيين من دون استثناء في ظل تمهيد المعنيين إلى رفع الدعم عن الدواء والمحروقات والمواد الأساسيّة الأمر الذي دفع بالمواطنين إلى المسارعة إلى شراء الدواء بكميات كبيرة من الصيدليات التي بدأت تعاني نقصاً من الكثير من الأدوية التي باتت مقطوعة. وفي هذا السياق بدا لافتاً ما أعلنه نقيب الصيادلة لجهة أن هناك أدوية مخزنة في مكان ما وكان أصحاب شركات الدواء ينتظرون رفع الدعم للاستفادة منها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى