مانشيت

هيل في زيارة وداعيّة بلا مهام… ومرسوم الترسيم يحسم غداً… وبدائل للنقاش / الراعي: التدقيق بعد الحكومة… وقاسم: نحن جزء من الحل الحكوميّ بتدوير الزوايا / الحسنيّة يحشد القوميّين للاستفتاء الرئاسيّ: وراء الأسد في مواجهة الاحتلال والإرهاب 

كتب المحرّر السياسيّ

بين مرسوم الترسيم للحدود البحرية، ومشروع التدقيق الجنائي، وتعقيدات المسار الحكوميّ، يصل معاون وزير الخارجية الأميركية ديفيد هيل قبل مغادرة منصبه في زيارة وصفتها مصادر أميركيّة إعلاميّة بالوداعيّة الخالية من أي مهام دبلوماسية، سواء في ملف ترسيم الحدود البحرية، أو في ملف تشكيل الحكومة، ولو تداول مع مَن يزورهم في هذه الملفات فمن باب التحضير لانتقاله إلى أحد مراكز الدراسات وسعيه لتأمين مصادر معلومات تغذّي عمله الجديد، وهذا تقليد يحرص عليه الدبلوماسيون الأميركيون وهم يغادرون مناصبهم، وتسمح بها الإدارة لموظفيها، على قاعدة أنتم اليوم ونحن غداً.

مرسوم الترسيم الجوال الذي حطّ عند وزير الأشغال ميشال نجار، قبل أن يعود الى رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب موقعاً ليقوم بتوقيعه، ويرسله الى رئاسة الجمهورية لإنجازه وإصداره، شكّل موضوع نقاش في كواليس السياسة، حيث الاندفاعة نحو التوقيع بما تحمله من صون لحقوق لبنان وفق الخرائط الجديدة التي أعدّتها قيادة الجيش اللبناني، وقطعاً للطريق على قيام كيان الاحتلال بالتنقيب داخل الحدود التي ترسمها هذه الخرائط، يقابلها تساؤل عما إذا كان صدور المرسوم في قلب المرحلة التفاوضيّة يعني نهايتها، وعما إذا كان التفاوض بعد صدوره وما قد يؤدي إليه من تعديل يشكل انكساراً معنوياً يجب تفاديه، وإحراجاً للمقاومة التي تعهدت بحماية الخط السيادي الذي تعتمده الدولة اللبنانية، لتبني الخط الموضع بموجب المرسوم أم الذي تنتهي إليه المفاوضات، ما طرح في التداول بدائل من نوع استبدال المرسوم بقرار حكوميّ يوقعه رئيسا الجمهورية وحكومة تصريف الأعمال يفوّض وزير الخارجية بمراسلة الأمين العام للأمم المتحدة بتجميد لبنان العمل بالإحداثيات الواردة في مراسلته السابقة لترسيم الحدود البحرية واعتماده خرائط أقرها الخبراء اللبنانيون بالاستناد إلى القانون الدولي، طالباً من الأمين العام تقديم المؤازرة التقنية للبنان لتدقيق الخرائط المرفقة ومطابقتها للقوانين الدوليّة من جهة، وتحذير كيان الاحتلال من أي تنقيب داخل الحدود المتضمنة في الخرائط الجديدة، قبل البتّ بالحدود النهائية عبر المفاوضات، أو إعلان فشل المفاوضات واعتماد لبنان خرائط نهائيّة وتوثيقها من قبل الأمم المتحدة، ويعتبر أصحاب هذا البديل أنه يحقق الغرضين، بصون الحقوق ودعم الوفد المفاوض ومنع الاحتلال من التنقيب داخل الحدود التي ترسمها الخرائط الجديدة، ويبقي للتفاوض سقوفاً متاحة،  ويتفادى منح الاحتلال فرصة الظهور كمنتصر عند أي تعديل تفاوضي للخرائط، كما يتفادى إحراج المقاومة بسقوف تعهدها بحماية الحدود السيادية.

في الشأن الحكومي، كلام واضح لنائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، يؤكد أن أسباب التعطيل لا تزال بالعقد الداخلية، وأن حزب الله ضمن الساعين للحلحلة، والعاملين على تدوير الزوايا، مشدداً على الحاجة لتقديم التنازلات من المعنيين الرئيسيين بتشكيل الحكومة، أي رئيس الجمهورية والرئيس المكلف بتشكيل الحكومة.

في سورية يواصل رئيس الحزب السوري القومي جولاته الحزبيّة عشيّة التحضيرات الجارية في المحافظات السورية للاستفتاء الرئاسي، التي يشارك فيها القوميّون تحت عنوان الدعوة للوقوف وراء الرئيس بشار الأسد بكل قوة والدعوة للمشاركة بكثافة في الاستفتاء، للقول نعم للأسد في مواجهة الإرهاب والاحتلال.

أشار رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي وائل الحسنية، إلى أن الحرب الإرهابيّة الكونيّة على سورية لم تنته بعد، وأنّ التركي والأميركي يواصلان الحرب من خلال الاحتلال المباشر لأراضٍ سورية ودعم الإرهاب. إضافة إلى الحصار الاقتصادي المفروض على السوريين، والذي يشكل انتهاكاً للحقوق والقيم الإنسانيّة.

رئيس الحزب أكد خلال اجتماعات عقدها مع مسؤولين ورفقاء في نطاق منفذيات اللاذقية وصافيتا والحصن بأن حلقات المؤامرة تتفكّك الواحدة تلو الأخرى، وأن ساعة الهزيمة النهائيّة لمحور الإرهاب قد دنت، لأنه بعد هزيمة الإرهاب فإن سورية تخوض معركة تثبيت السيادة على أراضيها وطرد المحتل الأميركيّ والتركيّ وأدواتهما، وأكد التمسك بخيار الصبر والثبات والصمود والمقاومة في هذه المعركة المصيرية والوجودية.

وقال الحسنية: نحن نؤمن بقضيّة عظيمة تساوي وجود كل فرد منا، وعلى هذا الإيمان ثابتون راسخون، وبالإرادة المصمّمة مستمرون حركة نهضة وصراع ومقاومة.

في غضون ذلك يحطّ وكيل وزارة الخارجية ديفيد هيل في بيروت اليوم من ضمن جولة تشمل عدداً من دول المنطقة. وتشير معلومات البناء الى أن محادثات هيل ستركز على ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان والعدو الإسرائيلي لا سيما أن الولايات المتحدة تنطلق في وساطتها على التفاوض على اساس اتفاق الإطار، في حين ان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون متمسك حتى الساعة بالمرسوم الذي حدّدته قيادة الجيش 2290 كيلومتراً مربعاً والذي وقعته وزير الدفاع الوطني زينة عكر وينتظر أن يوقعه وزير الاشغال العامة ميشال نجار تمهيداً لتوقيعه من قبل رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب. وأشارت المصادر الى ان زيارة هيل تأتي في سباق الضغط على المعنيين في لبنان من اجل عدم توقيع المرسوم، وبالتالي هذا يعني في حال حصل الرضوخ للضغوط الأميركية، والعودة الى اتفاق الإطار او خط هوف.

وفيما تبرز خلافات حول توقيع المرسوم من عدمه، ترى مصادر مطلعة لـ «البناء» الى ان اتفاق الإطار أُنجز وفق قاعدة التفاوض على مساحة الـ 860 كيلومتراً مربعاً في البحر، وبالتالي فإن المطالبة بمساحة 1430 كيلومتراً مربعاً إضافية دونها عقبات، وبالتالي فإن التراجع عنها سيضع لبنان في موقع المتنازل عن حقوقه فضلاً عن أن «إسرائيل» سوف تقابل ذلك بالتمسك بخط 310 والذي يعني الوصول الى البلوكات 5 و8 و9 و10.

على الخط الحكوميّ، كل المؤشرات تدل على أن لا حكومة في المدى المنظور فلا يمكن ضرب أية مواعيد حيال ولادة الحكومة، فكل الاتصالات المحلية على خط تشكيل الحكومة لا تزال تراوح مكانها، ولفتت مصادر متابعة للاتصالات الجارية الى ان الأمور لم تحل بعد وأن أفكار الرئيس نبيه بري التي طرحها لا تزال تنتظر الموافقة عليها من دون أية شروط من المعنيين في التأليف، علماً ان المصادر نفسها رأت أن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون كان واضحاً في إطلالته عندما ركز على التدقيق الجنائي واستبعد الملف الحكوميّ، وكذلك الأمر خلال لقائه الوزير المصري سامح شكري الأمر الذي يطرح الكثير من علامات الاستفهام حول مصير الحكومة في ظل الكباش الحاصل بين الرئيس عون والرئيس المكلف سعد الحريري حول التدقيق الجنائي.

وفي موقف يحمل في طياته رفضاً لطرح الرئيس عون بتقديم التدقيق الجنائي على تأليف الحكومة أشار البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي الى أن جِدّيةَ طرح التدقيق الجنائي هي بشموليّتِه المتوازية لا بانتقائيّته المقصودة. وأصلًا، لا تدقيق جنائيّا قبل تأليف حكومة، مشدداً على أن حريّاً بجميعِ المعنيٍّين بموضوعِ الحكومة أن يَكُفّوا عن هذا التعطيل من خلال اختلاق أعراف ميثاقيّة واجتهادات دُستوريّة وصلاحيّات مجازيّة وشروط عبثيّة، وكلُّ ذلك لتغطيةِ العُقدةِ الأمّ وهي أن البعضَ قدّمَ لبنانَ رهينةً في الصراعِ الإقليميّ/الدوليّ.

ورداً على الهجوم الذي تعرّض له العهد، باعتبار انه يعطي الأولوية للتدقيق الجنائي على حساب الحكومة، غرّد الرئيس عون عبر حسابه على تويتر: «الفاسدون يخشون التدقيق الجنائي، أما الأبرياء فيفرحون به».

 واعتبر مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي جهاد أزعور أن لبنان لا يمكنه أن ينتشل نفسه من الأزمة الاقتصادية من دون حكومة جديدة تجري تغييرات وتطلق إصلاحات تأخرت كثيراً.

وأشار الى انه لا يمكن أن يحدث تغيير في الاتجاه بالقطعة، ويتطلب الأمر توجهاً شاملاً.

وتابع مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في الصندوق أن الإصلاحات ينبغي أن تركز على القطاع المالي والميزانيّة والحوكمة والفساد والمرافق الخاسرة التي ساهمت في ارتفاع الدين.

على خط أزمة المحروقات، فإن أزمة البنزين تتجه نحو الحلحلة وأكد ممثل موزعي المحروقات في لبنان فادي أبو شقرا أنه أجرى اتصالات مع بعض أصحاب الشركات المستوردة، الذين أكدوا أنهم «سيوزعون اليوم مادة البنزين على الاسواق اللبنانية، وستحل أزمة المحروقات جزئياً».

وفي هذا الإطار لم يتضح بعد سبب تأجيل زيارة الرئيس دياب والوفد الوزاري المرافق الى العراق، وفيما وجهت أصابع الاتهام الى جهات سياسية داخلية بعرقلة الزيارة اتهمت مصادر اخرى الولايات المتحدة الاميركية بالضغط على الحكومة العراقية لإلغاء الزيارة في إطار إبقاء لبنان تحت الضغط والحؤول دون مده بأي شريان اوكسجين يخفف الضغط عنه ويعالج بعض أزماته لا سيما أزمة المحروقات التي تشمل معظم الأزمات الأخرى وتشكل فاتورة الاستيراد النفطية كلفة كبيرة على الخزينة اللبنانية ومصرف لبنان بالعملات الاجنبية. فيما أفادت مصادر مقرّبة من دياب ان الزيارة لم تلغ وستحصل في نهاية الشهر الحالي.

قاسم

اعتبر نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم أن «العرقلة في المسار الحكوميّ داخلية بنسبة 90% ولا أحد يصور لنا غير ذلك، وتشكيل الحكومة الآن في مرحلة تدوير الزوايا وإيجاد بعض الثقة بين الجهات وبعض التنازل وإذا لم يحصل ذلك فمن الصعب التشكيل»، وتابع: «هناك مشكلة أن الأولوية بالتشكيل هي للاستثمار السياسي والطائفي على حساب وجع الناس على الرغم من أن وجع الناس هو الأساس. وأعتقد أن تأثير الخارج ليس كبيراً، وبالنسبة لهم لبنان ليس أكثر من محل لإيواء النازحين السوريين وإبقاء لبنان على جهاز التنفس الاصطناعي، ونحن نلوم الداخل ونطلب أن يتم التنازل».

وتابع الشيخ قاسم: «نحن في حزب الله عملنا مع عدة جهات على مقترحات وحصل تقريب وجهات نظر وبقيت عدة قضايا ولكن عض الأصابع لا ينفع، لأننا سنقف أمام تصلب يؤثر سلباً على اللبنانيين، ونحن جزء ممن سعوا ولا زلنا نسعى لتقريب وجهات النظر وتخفيف الاحتقان والإقناع بأن التنازل هو أمر لمصلحة البلد، ولا نستطيع أن نقول إن إنجاز الحكومة سيكون قريبا أو لا لأنه مرتبط بتقارب جانبي تشكيل الحكومة، ويجب تخفيض بعض الشروط الموضوعة من الجانبين ويجب أن تكون هناك مرونة أكثر».

وشدد نائب الأمين العام لحزب الله، على أن «حزب الله يستطيع التكلم مع المعنيين بالشأن الحكومي وتقريب وجهات النظر، ولكننا لا نستطيع أن نفرض على أحد أن يقوم بأي أمر ما، وحتى حلفاءنا، فمن نحن حتى نلزم أحداً بموقف معين؟ نحن جزء من الحكومة وعامل مساعد، وقوتنا تستخدم في مواجهة «إسرائيل» وحماية لبنان أما قوتنا السياسية فهي بتمثيلنا في المجلس النيابي وتحالفاتنا ولا نفرض شروطاً على أحد، نحن لا يمكننا أن نيأس لأنه لا يجوز أن يترك البلد على الإطلاق».

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى