ثقافة وفنون

المركز الوطنيّ للفنون البصريّة يستضيف معرض الفنّانة التشكيليّة فتاة بحمد

} لورا محمود

هي فنانة منغمسة باللون ومأخوذة بالفن الى حدّ الشغف، تنتمي الى أبجدية بصرية مختلفة عن غيرها من التشكيليين، لديها طقوس تبدأ بتحضيرها قبل رسم اللوحة التي تأخذ من وقتها كل الوقت تقريباً فهي تنقل ما تراه أمامها على اللوحة بكل التفاصيل الدقيقة. فوجودها بطبيعة غنية بالألوان تجعل المشاهد للوحاتها يشمّ رائحة الزهور العطرة في حديقتها ويسمع صوت الطبيعة المتسلل من فتحات القماش، فاللوحة مشغولة بفرح وأمل وضربات الريشة تدلّ إلى أي حدّ يصل إتقان التشكيل لديها هي الفنانة اللبنانية فتاة بحمد التي يستضيف لوحاتها المركز الوطني للفنون البصرية بدمشق بمعرض هو بمثابة التكريم لأعمالها رغم تعذّر حضورها.

رئيس مجلس إدارة المركز الوطني للفنون البصرية غياث الأخرس قال لـ»البناء» إن تفاعل الفنانة فتاة بحمد مع الطبيعة شفاف جداً وشاعري فرعشة الريشة ولمس اللون للقماش براحة من دون إرهاقه، هذا أمر من النادر أن نراه اليوم. فقوة معجونة المادة الزيتية لديها تضفي طاقة حياتية هامة للوحتها فهي فنانة يسعد الانسان عندما يرى أعمالها.

وراى الأخرس أن الفنانة بحمد لديها ثقافة بصرية جيدة ويرى تثقيف البصيرة من أهم ما يجب تدريسه وهذا ما كان يقوم بتعليمه لطلابه في فترة الستينيات. فالتفاعل مع الطبيعة مثلا ليس موجوداً عند كل فنان فليس كل عين ترى ألوان الطبيعة المنسجمة مع بعضها وتعيد دمجها مع روح الفنان نفسه كما فعلت الفنانة بحمد التي نرى التفاعل بينها وبين طبيعة بلدها واضحاً جداً. وهذا شي مدهش موجود بلوحاتها.

 وأشار الأخرس إلى أن الفنان السوري ليس فضولياً بفنّه وإبداعه رغم ان الفضول مهم لأي فنان سواء كان رساماً أو كاتباً. واليوم نحن ليس لدينا فنّ سوري خالص.

وعن استضافة المركز أعمال فنانين غير سوريين لفت الأخرس: لقد تواصلت مع العديد من صالات العرض وايضاً فنانين من لبنان والعراق والأردن لكن اليوم ظروف السفر والتنقل صعبة نوعاً ما. وانا هدفي أيضاً أن أجعل الفنان السوري يرى تجارب فنانين آخرين من خارج سورية.

وتقول الفنانة فتاة بحمد في كتاب وزّع على الحضور، حيث تعذر وجودها في معرضها بالمركز الوطني نتيجة الظروف الصحية التي يمرّ بها البلدان بسبب فيروس كورونا: أنا لا أرسم بل ألون وكل ما أريد أن أقوله أقوله عبر اللون. فتجربتي دائماً لها علاقة بالألوان وحبكة اللون أكثر مما لها علاقة بموضوع أو فكرة فعندما ابدأ العمل أكون في حالة بحث عما يخصّ الألوان وليس عن إيصال فكرة موضوع معين، ربما للصدفة انني احب الطبيعة وانا بالطبع اتعلم منها لكن لو انني كنت في مكان آخر فربما ما كنت سأرسم الطبيعة لذا فهذه الأعمال اليوم هي نتاج وجودي في هذا المكان بالذات.

وتتحدث المحاضرة في الجامعة اللبنانية بكلية الفنون والعمارة نيكول يونس عن تجربة الفنانة بحمد قائلة: أعمال بحمد أقرب ما تكون إلى احتفالية بألوان الطبيعة على مساحة اللوحات كأن اللون المنعكس بالريشة على اللوحة أبعد من حدود الانطباع والتعبير وإنما هو التوأم الروحي لذلك العرس الضوئي فهي لديها لغة لونية قل ما تتمتع بها عيون أبناء المدن وربما يربطها بعضهم بتعشق النور في كل حنايا القرى فيتولد أنسٌ خفي في نفوس الرائين.

وأضافت يونس: الفنانة بحمد تنقل ألوانها من حديقتها ومحترفها في قرية «كفرملكي» الجنوبية الى قلب شارع الحمرا كمن يغرس على شرفة بيته المديني الاسمنتي بعضاً من أمل بجرعة عطر فهي نموذج الفنانة المنغمسة في مساحة اللوحة رغم ضغط المساحة الفنية باتجاه التشكيل المفهوميّ فهي تتمسّك بالمساحة المسطحة باللوحة وبالريشة واللون رغم اتجاه الفنانين الشباب الى التخلي عن معظم الأدوات التشكيلية البنيوية لصالح المفهومية والتيارات ما بعد الحداثوية.

يذكر أن الفنانة التشكيلية اللبنانية فتاة بحمد من مواليد 1973 من قرية «كفرملكي» الجنوبية خريجة معهد الفنون الجميلة في بيروت ولديها خمسة معارض فردية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى