مقالات وآراء

أردوغان ما بين سورية وليبيا وناغورني قره باغ…

 

} ربى يوسف شاهين

 سياسات غير متزنة ولنقل خداعة تلك التي يمارسها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وذلك نيابة عن الاخوان المسلمين. كلّ ذلك لتحقيق المآرب القديمة الجديدة للسلطنة العثمانية، محرّكاً بها وعبرها «الإسلام السياسي» عبر منصة السياسة الدولية.

فتركيا الدولة الجارة لسورية وعلى عقود من الزمن، لم يكن يتوقع أن تصل الحماقة السياسية إلى مرحلة تبنّي الاحتلال الإرهابي، كنهج أساسي لها، فالعلاقات التي كانت سائدة بين دمشق وأنقرة، لا توحي بهذا العداء المبطن والمغلف بالودّ والصداقة، فالجميع يعلم كيف أنّ الحدود في وقت من الأوقات لم تكن موجودة بين البلدين بالمعنى الجيو السياسي، فالدخول من سورية الى تركيا وبالعكس، كان كمن يدخل من محافظة الى أخرى، وهو الحال بالنسبة للعراق ولبنان والأردن. هي علاقات بنتها سورية على أساس حسن الجوار، فماذا كان من أردوغان؟

في عام 2011 وتحديداً 15/3، بدأت أدوات الإرهاب تنشد لحن الولوج الى العمق السوري، محاولة فتح ثغرات في الجغرافية السورية، لتبدأ بضخ سمّها على الأرض السورية، وكانت عناصر أردوغان الإرهابية تنشئ مقرّاتها على الساحة السورية، وبدأ أردوغان بالتضخم الإرهابي عبر مجموعات متعدّدة من الإرهابيين، ممن أتى بهم من خارج الحدود السورية، ومنهم من قلب سورية ممن باعوا وطنهم لـ تركيا، ولم يكن أردوغان يعبث لوحده بالأرض السورية وبما عليها، بل كانت تقف وتدعمه 70 دولة وعلى رأسها الولايات المتحدة و«إسرائيل»، والأخيرتان موّلتا فكرهم الإرهابي من جيوب بعض الدول الأوروبية والخليجية في تحالف لم يسبق أن شهدته الساحة العالمية.

هي حرب فاقت الحربين العالميتين الأولى والثانية في عناوينها وتوجهاتها وحتى تداعياتها على المنطقة، لكن مع إدراك القيادة السورية لحقيقة المشهد منذ الأيام الأولى لـ «الربيع العربي»، بدأت القوات المسلحة السورية بدورها ومهامها في التصدي لهذا الإرهاب الممنهج، الذي يستقي ذرائعه من فكر الغرب الصهيوني، خاصة أنّ الكيان الاسرائيلي يقلقه تنامي محور المقاومة، والشباب الفلسطيني المقاوم وفكرة المقاومة التي أرهقته وأذاقته مرارة الهزيمة النكراء في أعوام 2000 و2006، وحرب المقاومة الفلسطينية في 2014 و2018 عبر صواريخ المقاومة الفلسطينية.

تمدّد أردوغان على طاولة الحرب الإرهابية ضدّ سورية مستغلاً الجوار، ليكون الأسفين الذي يدقّ في قلب سورية، لكن مع الانتصار الكبير الذي حققه الجيش العربي السوري والمقاومة والحليفان الروسي والإيراني، خاصة في دمشق وحلب على أدواته الإرهابية، حقق ضربة قاضية جعلته يتراجع إلى الخلف وليصبح في مأزق كبير، بعد أن اتضحت معالم الخطة الأميركية، فكانت الحنكة السياسية المشتركة للروسي والسوري والإيراني في فكرة اتفاق أستانا وسوتشي، لتحريك الملف السوري عبر منصات أممية ومنظمات دولية، فيحشر أردوغان في الزاوية، وإنْ طالت المدة، فالحرب الإرهابية الكونية على سورية أرهقت الشعب والجيش العربي السوري ولكنهم صامدون وما زالوا رغم كلّ الخِناق السياسي والعسكري والاقتصادي والمعيشي.

وعلى الضفة المقابلة دخلت واشنطن إلى وسط البادية السورية، في منتصف الطريق على الحدود بين العراق والأردن، ليكون صلة الوصل بين الإرهابيين القابعين لدى الاحتلال الاسرائيلي وقاعدة التنف فيكون اللقاء والاجتماع أسهل.

وما زال التلاقي الإرهابي بين أردوغان وترامب، عبر أدواتهم فاعلاً في المناطق التي يرفضون الرحيل عنها لمآرب لا تعدّ ولا تحصى، وما زال ملف شمال شرق سورية، ينتظر أن يتراجع المحتلّ ويرحل عن الأرض السورية، فالذرائع باتت عفنة ولا صحة لها.

في جانب ثانٍ، يستغلّ أردوغان الأوضاع في ليبيا، ليمدّ يده الملطخة بالدم السوري لصديقه السراج، لعله يستطيع تحقيق انتصار يرفع به سقف طموحاته أمام الشعب التركي، الذي أرهقته سمعة بلاده ورئيسه، وليزيل عنه غضب الأميركي وتحكمه باقتصادهم.

ومن سورية وليبيا إلى أذربيجان يرحل أردوغان عبر أفراد عصابته الإرهابية، لعله يستطيع تحقيق انتصار سياسي، فهو يبدو في جميع المشاهد كمن يتعمّد اللحاق بالرئيس بوتين، لعله يستطيع أن يطأ مراتب الدب الروسي، خاصة أنّ لدى أردوغان مخاوف جراء فقدان قدرته السياسية على الحكم، وحقيقة الأمر بدأت تلوح في رأسه مع كمّ الهزائم التي لحقت به، والتي تعدّ الأكبر لرئيس دولة إقليمية، كما نظيره ترامب الذي يستحق وبجدارة مرتبة القائم بالإرهاب.

في المحصلة، ما يجري على الساحات العالمية هو نتاج فكر الساسة المتعطشين لحلم السلطنة العثمانية، أو لحلم قيادة العالم، فـ عدوى الرئاسة اللا إنسانية باتت تنتقل بالعدوى من ترامب إلى أردوغان، إلى حكام أخرين يتحكم بهم عقل الغرب، وذلك عبر مصيدة المال والنفوذ والسياسة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى