الوطن

الحلف السعوديّ – الإسرائيليّ
يحاول تقييد حركة بايدن الإيرانيّة؟

} د. وفيق إبراهيم

تُسرّع السعودية في خطواتها التنسيقية مع الكيان الإسرائيلي عبر البحرين والإمارات أو بشكل مباشر بلقاءات لولي عهدها محمد بن سلمان ورئيس مجلس وزراء الكيان بنيامين نتانياهو.

هذا الاستعجال يثير الحيرة لأنه يجري قبل أقل من خمسة وأربعين يوماً على انتقال الرئاسة الأميركية من الخاسر ترامب الى الفائز بها جو بايدن.

فماذا يريد المحور السعوديالإسرائيلي من هذا الاستعجال؟

ما هو متعارف عليه في العلاقات السياسية بين قوى ودول تنتمي للمحور نفسه، أنها تواكب عادة تحركاتها الاستراتيجية مع الدول الأساسية في حلفها، والأميركيون هم احادية قطبية تمسك بالسعوديين والإسرائيليين معاً. بما يعني ان على الجميع انتظار مرحلة تسلّم بايدن للرئاسة بعد العشرين من كانون الثاني المقبل.

يبدو أن هذه التفاعلات الإقليمية تقودها «إسرائيل» من جهة والسعودية رأس محور خليجي عربي إسلامي من جهة ثانية.

لذلك فإن محمد بن سلمان هو الذي يهرول لتنظيم تحالفات واسعة تلي التطبيع الإماراتي البحريني، السوداني وتؤدي الى بناء حلف كبير يضم الى جانب هذه الدول المطبّعة كلاً من السعودية ومصر والأردن والمغرب مع بعض الدول الإسلامية التي لا تزال تعاند فكرة التطبيع مع «اسرائيل».

وتأمل السعودية في جذب العراق عبر حلف صغير مع مصر والأردن.

بذلك يتكوّن حلف كبير يشمل «اسرائيل» وآخر يشمل دولاً تنضوي في آليات عربية او إسلامية لا تشمل «اسرائيل» لكن تنفذ سياسات إقليمية لجهة استعداء إيران فتؤدي بالطبع الى تعويم «اسرائيل». هذا الى جانب محاولات لمحاصرة قوى معادية لـ»إسرائيل» على منوال حزب الله في لبنان.

قد تؤدي هذه المحاولات الى تكوين سلسلة احلاف مع «إسرائيل» بالمباشر وأخرى تعادي إيران، لكنها لا تضم «اسرائيل» بشكل تمويهي.

هذه المشاريع هي قيد البحث الاسرائيلي السعودي برعاية مباشرة من الرئاسة الحالية لترامب التي لا تزال في الخدمة.

هذه القيادة الأميركية المرتبطة في العمق بالحزب الجمهوري الأميركي تريد إحداث أكبر كمية ممكنة من العراقيل القادرة على اعتراض مرحلة الرئيس الجديد بايدن الذي يتحضّر للتسلّم.

السؤال هنا هو عن الاستفادات التي تصيب الاطراف الثلاثة المخططة وهم الحزب الجمهوري ومحمد بن سلمان وحلفاؤه و»اسرائيل» نتنياهو.

أميركياً إن ما يفتح شهية الجمهوريين هو أي مشروع بعرقل بايدن المنتمي لمنافسه الحزب الديموقراطي.

لذلك فإن حزب ترامب يغطي حالياً تحركات نتنياهو ومحمد بن سلمان آملاً منهما تشكيل هذا المحور المعادي لإيران.

كذلك فإن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يعرف أن الرئيس بادين وحزبه الديموقراطي لن يتأخرا عن استبداله بأمير آخر من آل سعود اذا تمكنا من ذلك لأنهما هاجماه واتهماه بالديكتاتورية في السنوات الخمس الأخيرة ويعتبران أنه من جماعة منافسهم ترامب وبالتالي آلية من آليات الحزب الجمهوري في شبه جزيرة العرب.

ماذا عن «إسرائيل»؟

الكيان المحتل يعرف أنه جزء حيوي وجيوبوليتيكي من النفوذ الاميركي العالمي وبالتالي فلا خوف حقيقياً عليه من أي تغيير سياسي. وهذا يعني أنه مؤيد من الحزبين الجمهوري والديموقراطي.

لكن لـ»إسرائيل» مصلحة في استعداء مفتوح لإيران على اساس بناء سياسات تقارب وتحالف مع دول عربية معادية بدورها لإيران.

ما يجعلها تلتقي مع هذه الدول.

المشكلة هنا في التوقيت فقط وليس بالبعد النهائي للموضوع، فبايدن يريد هدنة شرق أوسطية تفسح له المجال لإعادة التفاوض مع إيران وسحبها من مشروع حلفها مع روسيا والصين، الى جانب تعاقدات اقتصادية أميركية إيرانية يستفيد منها الطرفان.

هذا ما يتناقض مع مصلحة «اسرائيل» التي تشعر أن الفرصة سانحة ليس لمجرد تطبيع مع دول عربية لم يسبق لها أن حاربتها انما مرحلة بناء هذا الحلف الذي يسمح لـ»إسرائيل» بالاختراق الاقتصادي للعالمين العربي والإسلامي بزعم العداء لإيران.

هنا تعتقد «إسرائيل» ان هذا الأمر فرصة تاريخية قد لا تتكرّر.

هناك إضافة لهذا المبرر الاسرائيلي ويتعلق بنتنياهو هو شخصياً المأزوم على مستوى شعبيته والمتّهم بالفساد والمتراجع انتخابياً وصولاً الى حدود تأكيد الإعلام الإسرائيلي الى أن ما يحمي نتنياهو هو موقعه في رئاسة الحكومة فقط وإلا لكان في السجن قابعاً مع المجرمين.

فهل ينجح الحلف السعودي الإسرائيلي في اعاقة الحركة الإقليمية لبايدن؟

الملاحظ هنا ان ابن سلمان مقتنع باندفاعته لإنهاء الوسيلة الوحيدة التي يستطيع ان يحتمي بها لجعل بايدن وحزبه الديموقراطي يسامحونه على اغتيال الخاشقجي والمئات من أمثاله على قاعدة توقف ولي العهد عن مشروعه مع «اسرائيل» حتى وصول إذن أميركي يسمح بهذا الأمر.

ما هو معروف هنا أن أميركيي بايدن يعملون مع رئيس السلطة الفلسطينية ابو مازن على مشروع دويلة فلسطينية من 60 % من الضفة الفلسطينية مع غزة وعاصمتها قرية أبو ديس المجاورة للقدس الشرقية بما يتيح لبايدن مهادنة ايران وبناء الحلف العربي الاسرائيلي وربما الإسلامي لمجابهة المخاطر التي تواجهها من التنين الأصفر الصين وروسيا امبراطورية القرن الحادي والعشرين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى