الوطن

بعبدا: همّ رئيس الجمهورية الوصول إلى حكومة منسجمة قادرة على مواجهة الظروف

سجال حادّ بين عون والحريري حول مسار التأليف

وسط المناشدات الشعبية والسياسية والحزبية اللبنانية والدعوات الدولية الكثيفة، إلى الإسراع في تشكيل حكومة تحفظ ما تبقى من الدولة من الانهيار الكامل والشامل، اندلع سجال حادّ بين رئاسة الجمهورية والرئيس المكلّف تأليف الحكومة سعد الحريري حول مسار التأليف وعثراته وتقاذف الجانبان المسؤولية حياله.

فقد ردّ المكتب الإعلامي للحريري على  مقالة لمستشار رئيس الجمهورية الوزير السابق سليم جريصاتي، معتبراً أنها «تتطلب لفت نظره (جريصاتي) إلى أمرين: الأمر الأول: إن الأجوبة التي يبحث عنها المستشار موجودة لدى فخامة رئيس الجمهورية. الأمر الثاني: إن ما فاته من معلومات ربما بسبب عدم إطلاع المستشار على المعطيات كافة الموجودة لدى فخامة الرئيس».

وقال المكتب في بيان «لقد التقى الرئيس المكلّف فخامة رئيس الجمهورية على مدى 12 مرّة، في محاولة حثيثة للوصول إلى تفاهم بشأن تشكيل الحكومة، وهو في كل مرّة كان يعبّر عن ارتياحه لمسار النقاش، قبل أن تتبدّل وتتغير الأمور مع الأسف بعد مغادرة الرئيس الحريري القصر الجمهوري. فالرئيس المكلّف يريد حكومة اختصاصيين غير حزبيين لوقف الانهيار الذي يعيشه البلد وإعادة اعمار ما دمره انفجار المرفأ، أمّا فخامة الرئيس فيطالب بحكومة تتمثل فيها الأحزاب السياسية كافة، سواء التي سمّت الرئيس المكلّف أو تلك التي اعترضت على تسميته، الأمر الذي سيؤدي حتماً إلى الإمساك بمفاصل القرار فيها وتكرار تجارب حكومات عدّة تحكمت فيها عوامل المحاصصة والتجاذب السياسي».

وأشار إلى أن الحريري خلال زيارته قبل أيام، قصر بعبدا «قدّم تشكيلة حكومية كاملة متكاملة بالأسماء والحقائب، من ضمنها أربعة أسماء من اللائحة التي كان فخامة رئيس الجمهورية سلّمها للرئيس المكلّف في ثاني لقاء بينهما، وهي لائحة تتضمن أسماء مرشحين ومرشحات يرى فيهم فخامة الرئيس المؤهلات المطلوبة للتوزير. فإذا كان فخامته لم يزوّد مستشاره بالتشكيلة الحكومية فإن المكتب الإعلامي للرئيس المكلّف على أتمّ الاستعداد لتوفيرها له بالسرعة اللازمة».

ولفت إلى أن الحريري «منذ تكليفه تشكيل الحكومة، لم يتوقف عن التواصل مع الصناديق الدولية ومؤسسات التمويل العالمية وحكومات دول شقيقة وصديقة، وأمامه الآن برنامج متكامل لإطلاق آلية مدروسة لوقف الانهيار وإعادة إعمار ما هدّمه انفجار المرفأ وتنفيذ الإصلاحات وإقرار قوانين أساسية مثل قانون الكابيتال كونترول». واعتبر أن كل ذلك ينتظر توقيع  رئيس الجمهورية على مراسيم تشكيل الحكومة «ووضع المصالح الحزبية التي تضغط عليه جانباً، وأهمها المطالبة بثلث معطّل لفريق حزبي واحد، وهو ما لن يحصل أبداً تحت أي ذريعة أو مسمّى».

وختم بالقول «حبذا لو أن معالي المستشار يقوم بتعديل وجهة رسالته إلى الجهة المسؤولة عن تأخير التأليف وهي على مسافة خطوات من مكتبه في القصر الجمهوري».

ردّ بعبدا

وردّ مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية على بيان المكتب الإعلامي للحريري، لافتاً إلى أنه برزت فيه   «سلسلة مغالطات عن مواقف رئيس الجمهورية لا بدّ من توضيحها:

أولاً: إن الاعتراض الذي أبداه رئيس الجمهورية قام أساساً على طريقة توزيع الحقائب الوزارية على الطوائف، ولم يجر البحث في الأسماء المقترحة. وقد رأى رئيس الجمهورية أن المعايير ليست واحدة في توزيع هذه الحقائب، وطلب من الرئيس المكلّف إعادة النظر بها. كذلك اعترض الرئيس عون على تفرّد الرئيس الحريري بتسمية الوزراء وخصوصاً المسيحيين منهم من دون الاتفاق مع رئيس الجمهورية، علماً أن الدستور ينصّ على أن تشكيل الحكومة يكون بالاتفاق بين رئيسي الجمهورية والحكومة.

ثانياً: لم يسلّم رئيس الجمهورية لائحة بأسماء مرشحين للتوزير، بل طرح خلال النقاش مجموعة أسماء كانت مدرجة في ورقة أخذها الرئيس المكلّف للإطلاع عليها، واستطراداً لم تكن هذه الورقة معدّة للتسليم، أو لاعتمادها رسمياً بل أتت في خانة تبادل وجهات نظر.

ثالثاً: في كل مرّة كان يزور فيها الرئيس المكلّف قصر بعبدا، كان يأتي بطرح مختلف عن الزيارات السابقة، والصيغة التي قدّمها في آخر زيارة له كانت مختلفة عن الصيغ التي تشاور في شأنها مع رئيس الجمهورية.

رابعاً: لم يطرح الرئيس عون يوماً أسماء حزبيين مرشحين للتوزير، بل كان يطرح على الرئيس المكلّف ضرورة التشاور مع رؤساء الكتل النيابية الذين سوف يمنحون حكومته الثقة ويتعاونون معه في مشاريع القوانين الإصلاحية التي كانت تنوي الحكومة اعتمادها، ولم يرد في ذهن الرئيس عون يوماً «إمساك الأحزاب بمفاصل القرار» أو «تكرار تجارب حكومات عدّة تحكّمت فيها عوامل المحاصصة والتجاذب السياسي»، بل كان همّه أولاً وأخيراً الوصول إلى حكومة منسجمة تكون قادرة على مواجهة الظروف الصعبة التي تمرّ بها البلاد والتي تتطلّب مرونة في التعاطي وصراحة وواقعية، وليس عناداً وتحريفاً للحقائق».

الحريري مجدّداً

وتعليقاً على بيان رئاسة الجمهورية، أسف المكتب الإعلامي للحريري في بيان جديد، لـ»السجال القائم مع المكتب الإعلامي لرئاسة الجمهورية، والذي أطلق شرارته مستشار رئيس الجمهورية الوزير السابق سليم جريصاتي في الرسالة الموجهة إلى الرئيس المكلّف، والتي لا يمكن عزلها عن موقف الرئاسة الأولى من المستجدات الحكومية والفتاوى التي أدرجها المستشار القانوني بشأن المهل المتاحة للرئيس المكلّف».

وأكد المكتب «مضمون البيان الذي صدر عنه تعقيباً على مقالة المستشار الرئاسي، ولا سيما لجهة تسلّم الرئيس المكلّف لائحة من فخامة الرئيس بأسماء المرشحين للتوزير في الاجتماع الثاني بينهما، واختياره منها أربعة أسماء لشخصيات مسيحية، خلافاً لما أورده بيان القصر عن تفرّد الرئيس المكلّف بتسمية الوزراء المسيحيين».

وقال إن «الرئيس المكلّف تسلّم في الاجتماع الأخير مع فخامة الرئيس، طرحاً محدّداً لإعادة النظر في توزيع الحقائب والتواصل مع الكتل النيابية بما يفضي إلى تمثيلها في التشكيلة الحكومية وتوفير الثلث الضامن لأحد الجهات الحزبية».

وأمل من «الرئاسة إعطاء توجيهاتها بوقف التلاعب في مسار تأليف الحكومة، وضبط إيقاع المستشارين بما يسهّل عملية التأليف لا تعقيدها»، معتبراً أن «الأولوية التي لا تتقدم عليها أي أولوية، هي الخروج من نفق الأزمة وتداعياتها المعيشية والاقتصادية ووضع البلاد على سكة الإنقاذ الحقيقي».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى