أولى

أقصر الطرق للعدالة

في النقاش الدائر حول الملفات القضائية التي أثارتها استدعاءات المحقق العدلي القاضي فادي صوان، صفق الكثيرون لتحديه للحصانات واعتباره أن جميع اللبنانيين رؤساء ووزراء ونواب ومواطنين متساوون أمام القانون، لكن الأمور بخواتيمها ولم تكن في السياسة يوماً تقاس الأمور بالنيات.

إذا تفادينا التحليلات والمواقف التي تتهم استدعاءات القاضي صوان بالسياسية وتنطلق من حصرها برئيس واحد للحكومة من أصل أربعة قام المحقق بتسميتهم وهو الأقل مسؤولية بعيون الجميع، ومعه بثلاثة وزراء من حكومات مختلفة، لم يستدعَ رؤساء الحكومات التي كانوا فيها فيما لم يستدع وزراء من حكومة رئيس الحكومة المستدعَى، فإن الكلام عن اعتبار الاستدعاءات مقدمة لتشمل الجميع دونه واقعة أن لا حقبة زمنية ولا وحدة تقنية تجمع الذين تم استدعاؤهم، فلو كان الزمن معياراً فتم استدعاء رئيس حكومة ووزراء مرحلة لقلنا يمكن أن يلحقها رئيس حكومة ووزراء مرحلة أخرى، ولو تمّ استدعاء وزراء شغلوا الحقيبة نفسها وتعاقبوا عليها لقلنا ربما يكون في الحساب استدعاء وزراء آخرين تعاقبوا على حقائب أخرى.

الأمر الثاني هنا هو أن الحديث يلتبس على الكثيرين حول الفرق بين الاستماع للإفادة وبين الادعاء، وليس طبيعياً أن ينتظر ممن يتم الإدعاء عليه أن يقيم الأعراس لاتهامه بالمسؤولية عن جريمة بهذا الحجم، عدا عن حقه بالتصرّف كبريء والاحتماء وراء كل العناوين القانونية لتعطيل الادعاء وفقاً لمعايير العدالة التي تنظم العمل القضائي وفق ركني الادعاء والدفاع.

السؤال للذين يطلبون تجاوز كل الحصانات، هو عن النهايات وليس عن النيات، فماذا لو أعدّ المحقق العدلي ملفاته الاتهامية الكاملة والموثقة بحق الرؤساء والوزراء من دون تمييز ونت دون تجزئة ومن دون استنساب وانتقاء، وأرسلها الى مجلس النواب ليتولى الادعاء عليهم وبدء محاكتهم أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، فنحن أمام احتمالين، أن يلبي المجلس أو لا يلبي. فإن امتنع سقطت الحصانات وإن قام بالتلبية سيكون تحت المجهر يوماً بيوم مقارنة بالذي سيجري على الساحة القضائية العدلية بحق سائر المدعى عليهم، وستكون محكمة الرأي العام غير الواثقة بالسياسيين سيفاً مسلطاً لفرض إيقاع الجدية على الملاحقات، وتبين مدى جديتها وستكون كل المعلومات مع بدء المحاكمة قد صارت بحوزة اللبنانيين، والانتخابات وراء الباب.

أليس أحد الاحتمالات القائمة اليوم هو أن تصل الملاحقات إلى طريق مسدود أو أن يتوقف التحقيق عند نقطة ما، أو أن يتحوّل المأزق الى مدخل بحث بتسوية تحفظ ماء وجه القضاء وتتيح مواصلة التحقيق؟

الأمور بخواتيمها وليست بالنيات.

التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى