أولى

لمناقشة مشروع مجلس النقد علمياً

 

يقدّم البروفسور الأميركي ستيف هانكي دعوة للبنانيين للأخذ بمشروع إنشاء مجلس للنقد، ويتفاعل الطرح إيجاباً وسلباً ويتحول موضوعاً إعلامياً واسع الانتشار بين تأييد ومعارضة من الخبراء، ويقدم هانكي لمشروعه نماذج بلدان مثل الأرجنتين وهونغ كونغ وبلغاريا.

انقسام الخبراء حول الأفكار التي طرحها هانكي يتناولها من الباب الذي طرحها فيه كمخرج إنقاذي من الأزمة، فيقول المبالغون بالتأييد إن المشروع يقدم حلاً للأزمة ويرد المعارضون باستعراض عوامل الأزمة الاقتصادية والمالية والإدارية والسياسية التي لا يمكن حلها بمجلس يتولى مهمة تسعير العملة الوطنية بالقياس للتغطية الموضوعة بتصرفه من العملات الأجنبية والذهب، والتحكم بعدم ضخ أوراق نقد جديدة في السوق الا بما يحظى بما يوازي قيمتها من التغطية.

في الوضع اللبناني المأزوم لا مناص من حل مركب سياسي اقتصادي إصلاحي، لكن المطلوب مقاربة الملف النقدي من زاوية مختلفة، هي زاوية الحاجة لفصل تداعيات الأزمة السياسية والاقتصادية والمالية عن سعر الصرف الذي يشكل العنوان الخطير لتأثير هذه الأزمات على القدرة الشرائية للناس والذي يشكل انفلاته عنواناً للانهيار الكبير الخطير، فإن كان هذا ممكناً فهو يستحق التفكير.

فصل تسعير النقد وضخ الأوراق النقدية عن الواقعين السياسي والمالي للدولة، سيضع الحكومات والمجلس النيابي وراءها أمام مسؤولية تمويل الدولة وإنفاقها من غير طريق ضخّ المزيد من أوراق النقد في الأسواق، وبالتالي البحث عن تحصيل موارد تغطي حاجات الدولة، خصوصاً بعدما ساعد ارتفاع سعر صرف الدولار في تخفيض الكثير من أكلاف الجهاز الإداري للدولة، حتى لو تم تعديله بنسب تراعي تراجع القدرة الشرائيّة بصورة معقولة.

ما يمكن وضعه من ضمان للنقد المتداول يقارب 35 مليار دولار بحساب الاحتياط الموجود لدى المصرف المركزي وقيمة الذهب، وبتسعير الدولار على الـ 5000 ليرة فهذا يعني تغطية تعادل أربعة أضعاف الكتلة النقدية المتداولة، ما يعني القدرة على حماية هذا السعر شرط حل معضلتين، الأولى مصدر للدولار المطلوب لتغطية حاجات الاستيراد، والثانية مصادر لتمويل الدولة من غير طريق ضخ أوراق نقدية جديدة في الأسواق.

يقول بعض الخبراء إن مجلس النقد يمكن له وفقاً لهذه المعطيات التحكم بضخ جزء من الاحتياط لتأمين دولارات الاستيراد من جهة، ويمكن له المواءمة مع ضخ أوراق نقدية جديدة، شرط أن يكون السقف لمدة سنة تتوازن فيها الدولة ويتوازن السوق مع الوضع الجديد.

الأمر يستحق الدراسة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى