أولى

الحملة على الجيش في طرابلس ظالمة

 

ما شهدته طرابلس خلال الليالي الماضية كان مؤلماً وموجعاً، سواء لما تعانيه طرابلس من نموذج فاضح لتخلّي الدولة عن مسؤولياتها الإقتصادية والمالية والاجتماعية خلال عقود، رغم كثرة الوعود، أو لمشاهد حرق المؤسسات وتخريب منشآت المدينة، خصوصاً لمؤشر الخطورة بجعل الفوضى نتاجاً وحيداً لتزاوج أزمتي تفشي كورونا والأزمة السياسية الاقتصادية المفتوحة.

تجاهل سياسيّو طرابلس خلال هذه السنوات مسؤولياتهم كرؤساء حكومات من المدينة أو من خارجها يتزعّمون تيارات سياسية تملك أغلبية التمثيل النيابي للمدينة خلال عقود، سواء بصفتهم قادة حكم أو بصفتهم متموّلين كباراً أحجموا عن بناء مشاريع اقتصادية منتجة في هذه المنطقة الشديدة الحرمان رغم وعودهم الكثيرة.

خلال مرحلة ما بعد 17 تشرين عام 2019 كانت كل مداخلات السياسيين المعارضين للمقاومة تقوم على محاولة استغلال الشارع والتشجيع على قطع الطرقات والضغط على قيادة الجيش والقوى الأمنية للتراخي مع أعمال الشغب والتخريب، خصوصاً قطع الطرقات وكلما كان يتشدّد الجيش والقوى الأمنية كانت المواقف تندّد وتدعو لتفهم الغضب بصفته تعبيراً مشروعاً.

مع أحداث طرابلس شعر هؤلاء أنهم مهدّدون، لأن اللاعب الذي يعبث بالشراع يستهدف نفوذهم ويحمل مشروعاً لا يقيم حساباً لمكانتهم ويقدم بديلاً مدعوماً وممولاً لينمو ويتقدم على حسابهم، خصوصاً أنهم يعلمون أن الراعي الإقليمي الذي اعتادوا على رعايته يعتمد وكيلاً جديداً وبرسائل يريد توجيهها للمبادرة الفرنسية التي يراهنون عليها استغلّ طرابلس واستثمر أوجاعها.

المطلوب من الجيش أن يتشدد ومن القوى الأمنية أن تفعل، لكن المطلوب من القيادت المعنية ان تتخلى عن الكيل بمكيالين وتقف وراء القوى الأمنية والجيش، لكن أن تتحمل مسؤولياتها بثلاثة مستويات، تسريع تشكيل الحكومة بالتخلي عن السقوف العالية للمحاصصة، والحضور السياسي في الشارع الطرابلسي على مستوى قيادات الصف الأول، وفتح صناديق المال وخزائن الثروات لاعتماد سياسة تضامن وتعاضد مع العائلات الفقيرة بالإضافة لحثّ مؤسسات الدولة على تسريع مساهماتها في هذا المجال.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى