الدولة تستورد اللقاح لتعميم الأمان الصحي والتجار يستوردونه لجني الأرباح
}عمر عبد القادر غندور*
سمحت وزارة الصحة للقطاع الخاص استيراد لقاحات مضادة لفيروس كورونا وفق استيفائه للشروط والمعايير الطبية، وقد بلغ عدد الشركات والأفراد الذين سُمح لهم باستيراد اللقاح ما يزيد عن العشرين من مستشفيات ورجال أعمال ونواب حاليين وسابقين وشركات أدوية، بينهم شرطة طيران الشرق الأوسط ووكلاء لشركات غذائية، الى جانب تعاقد وزارة الصحة مع شركة «بفايزر» الأميركية ذات الفعالية بنسبة 95%.
ومن المنتظر ان يتضاعف عدد الراغبين في استيراد اللقاح مرة أو مرتين أو ثلاثة نظراً للحاجة الماسّة إليه، ومنه الروسي والصيني، والأميركي الآخر «موديرنا» وغيره من اللقاحات التي تحدّدها منظمة الصحة الدولية.
ولما كانت هذه السلعة المضمونة النجاح والرواج والأرباح، فقد تشهد تنافساً شديداً من تجار القطاع الخاص الذين اكتوى منهم اللبنانيون بفعل جشعهم واستغلالهم ونفاقهم، الذين لا يرأفون في العباد، ولا ذمة لهم ولا ضمير ولا مخافة من الله.
تجار هذا القطاع الذين يسطون على السلع المدعومة من المصرف المركزي، ويخزنونها حتى تنفذ من الأسواق ثم يطرحونها من جديد بأسعار جنونية، ويجنون أموالاً طائلة على حساب جيوب اللبنانيين!
وحتى الأدوية التي تبقى حاجة لا غنى عنها، بات أكثرها سلعة مفقودة لا بل يجري تهريبها، ولا يأبهون بالمرضى وحاجتهم الماسّة الى الدواء ولو ادّى فقدانه الى مضاعفات خطيرة والأمثلة على ذلك كثيرة كحليب الرضّع وغير الرضّع.
وكم تتحدث وسائل الإعلام بالصوت والصورة عن مواد غذائية فاسدة صادرتها او أتلفتها القوى الأمنية، ولم نسمع عن تاجر مرتكب سيق الى السجن.
أما المواد التي انتهت صلاحيتها ويجري تحديث تواريخها فذلك غشّ يمارسه التاجر باعتباره شطارة، ولا من يُحاسِب! ولا نتحدث عن كارتيلات الشركات الحصرية للدواء والغذاء والمتوارثة منذ فجر الاستقلال والتي لا تمنح الا لذوي الجاه والنفوذ من مصاصي دماء اللبنانيين.
كلّ هذا الخزي لا يمارسه الا الفجار من التجار الذين نراهم اليوم يتسابقون لشراء لقاحات كورونا.
بصراحة، نحن من الذين يرفضون إشراك القطاع الخاص الموبوء باستيراد مادة علاجية، ونفضّل ان يبقى الأمر وقفاً على الدولة رغم الشكوى منها، فهي أرحم من التجار الذين يذبحون الناس كلّ يوم ألف مرة.
وما يدرينا ان يقوم مثل هذا القطاع الخاص عبر الوكلاء بالطلب من شركة اللقاح المصنّعة أن تبيعها لقاحاً بذات المعايير الدولية ولكن بمواصفات معيّنة تدرّ على المستورد أرباحاً إضافية طائلة.
لذلك، نفضّل اللقاح الذي ترعاه الدولة لتعميم السلامة الصحية، وليس من التجار الذين لا يخافون الله.
وحتى لا نظلم أحداً نستثني من طبقة التجار من نشهد لهم بنظافة أيديهم وتقواهم وبينهم رجال عرفوا الله في أنفسهم والعباد، وهم قلة قليلة مع الأسف الشديد.
*رئيس اللقاء الإسلامي الوحدوي