الوطن

لا فصل سابع ولا غيره
تذكروا كيف جاءت «يونيفيل»!

} أحمد بهجة

ليس خطأ عادياً بل هو أكثر من خطيئة أن يهدّد سياسيون مخضرمون بأنّ لبنان سيتمّ وضعه تحت الفصل السابع في مجلس الأمن الدولي إذا لم يشكل الحكومة كما يريدها ما يُسمّى «المجتمع الدولي».

كان الأحرى بهؤلاء السياسيين أنفسهم أن يكونوا على الضفة الأخرى إذا قيل أمامهم مثل هذا الكلام، لأنهم لم يُنتخبوا لكي يكونوا عوناً للخارج على أبناء بلدهم، بل ليكونوا عكس ذلك تماماً. خاصة أنهم لا بدّ على اطلاع بما حصل بعد هزيمة العدو الصهيوني في حرب تمّوز ـ آب 2006، والمفاوضات التي حصلت قبل الاتفاق على المهام التي ستقوم بها قوات «اليونيفيل» في الجنوب في إطار القرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن في ذلك الحين.

وهنا يجدر التذكير بأنّ الرئيس الفرنسي الراحل جاك شيراك انتظر عدة أيام حتى حصل على ضمانات طلبها من أبناء الأرض في الجنوب لكي يقرّر حجم مشاركة فرنسا في القوات الدولية، وإلا لما كان وافق على تلك المشاركة. وهذا يدلّ بما لا يقبل الشك على أنّ التلويح أو التهديد بفصل سابع وما شابه لن يكون له أيّ تأثير طالما أنّ أهل الأرض هم أسياد المكان والزمان، وهم أصحاب الحلّ والربط بما قد يحصل من تطورات قد تتدخل بها قوى خارجية هدفها تغليب فريق على آخر في الداخل اللبناني.

كذلك يجب لفت نظر الذين يهوّلون على اللبنانيين ويطلقون خبريات من هنا وتكهّنات من هناك ويضعون البلد بين خيارينإما تشكيل حكومة كما يريدها الفرنسي والأميركي أو الخضوع للفصل السابع أو لغيره، يجب أن ينتبه هؤلاء إلى أنّ ميثاق الأمم المتحدة لا علاقة له من قريب أو بعيد بملف داخلي لبناني، حيث على اللبنانيين أنفسهم أن يتولّوا حلّ مشاكلهم، وحتى إنْ بقيت هذه المشاكل من دون حلّ فليس لها أيّ تأثير على السلم والأمن الدوليّين، وبالتالي لا يمكن أن تتدخل الأمم المتحدة في أمور من هذا النوع. فقد بقينا في السابق أشهراً طويلة بلا حكومات كما بقينا نحو ثلاث سنوات بلا رئيس جمهورية، ولم نشهد جحافل العالم تزحف إلينا لتحلّ لنا هذه العقدة أو تلك.

أكثر من ذلكهناك في العالم اليوم نوع من التوازن، ولا يمكن أن يصدر أيّ قرار عن الأمم المتحدة أو عن مجلس الأمن إلا إذا توافقت عليه الدول الكبرى، ونتيجة هذا التوافق الضروري لا بدّ أن يأتي أيّ قرار متوازناً وغير منحاز، وإلا فإنه لا يصدر على الإطلاق، والدلائل على ذلك لا تعدّ ولا تحصى حيث سقطت مشاريع قرارات كثيرة متعلقة بإيران وسورية وفنزويلا وغيرها

إذن لا قرارات دولية ولا فصل سابع ولا غيرهليس الأمر سوى تهويل لا ينطلي على أحد بل يضرّ بأصحابه الذين اعتقدوا أنه قد يفيدهم في سياق خصوماتهم الداخلية، بينما النتيجة أنهم راكموا المزيد من الخسائر شعبياً وسياسياً بعدما كانوا خسروا مصداقيتهم كونهم تركوا الناس ووقفوا في صف معرقلي التدقيق المالي الجنائي لأنه سيطالهم وسيحاسبهم مع الذين أهدروا المال العام وساهموا في تهريب مليارات الدولارات إلى الخارج.

المهمّ الآن أنّ اللبنانيين يريدون حكومة ترعى شؤونهم ومصالحهم، وتتخذ القرارات الصعبة الكفيلة بحلّ المشاكل والأزمات المتراكمة والمستعصية، واستكمال ما بدأته حكومة الرئيس الدكتور حسان دياب من معالجات جذرية على أسس علمية مدروسة ومن دون غوغائية ولا مصالح شخصية. وقد تأكد للجميع أنّ الحكومة لن تتشكل إلا بمعايير محلية داخلية لأنّ هناك قوى وطنية لا تصغي لأوامر الخارج مهما كانت الضغوط قاسية والتحديات صعبة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى