حديث الجمعة

سوق الحدادين – حلب

 

يقع سوق الحدادين جانب الجامع الأموي الكبير، وله ضفة واحدة هي الغربية، لأن الضفة الشرقية هي الجدار الغربي للجامع الكبير، وعلى تلك الضفة الغربية يتموضع هذا السوق بتناسق وانسجام، وينتهي عند عقدة سوق الحبال وسوق الخيش.

سُمّي بالحدادين لأن المهنة الغالبة عليه هي الحدادة العربية، كصناعة الفؤوس والأزاميل والمسامير بالإضافة إلى صفائح التنك والبراميل والعلب وسياخ الشوي والمناقل..

كان هذا السوق قبل ذلك يشتهر بصناعة سروج الخيل، وكان يُدعى حينها بسوق السرّاجين، ثم تحوّل بعد ذلك إلى مهن عدة كبيع الكاصات، وصب المفاتيح، والخردة، والحدادة.

كما أدخلت مهن بيع الأقمشة، والمكسّرات النيئة، والضيافة بأنواعها.

يبلغ عدد المحال ضمن هذا السوق حوالي 34 محلاً تجارياً.

وفي عام 2012 تضرّر هذا السوق بفعل الإرهابيين وتهدم بنسبة 90%. وبهمة أصحاب المحال التجارية وتضامنهم مع بعضهم، وعلى نفقتهم الخاصة استطاعوا إعادة ترميم معظم محال هذا السوق وفق شروط المدينة القديمة، وإشراف مهندسين مشرفين، يتابعون سير العمل بدقة وحرفية، لإعادته لألقه من جديد.

هذا ما حدثنا عنه المهندس المشرف تيسير حبيب قائلاً:

نحن ننسق مع أصحاب المحال وغرفة تجارة حلب، وبإشراف مديرية المدينة القديمة، ومديرية الآثار والمتاحف، لإعادة ألق هذا السوق وفق المواصفات والشروط المطلوبة.

وأضاف السيد (أحمد طرقجي) صاحب أحد المحال التجارية ضمن هذا السوق مستذكراً كيف كان السوق سابقاً يضجّ بالحياة لكونه نقطة عبور أساسية إلى أسواق عدة، آملا عودة الحياة إليه من جديد، لكون ترميم المحال شارف تقريباً على الانتهاء للبدء بعملية تركيب الأبواب الخارجية، وفق شروط المدينة القديمة وما تحمله من مواصفات، آملين من مجلس المدينة، أو الجهة المعنية، بترحيل الأنقاض المرمية على الرصيف الملاصق للجامع الكبير، كي تصبح نقطة العبور ضمن هذا السوق نظيفة.

} المدرسة (الحلوية)

يوجد داخل سوق الحدادين وأمام الباب الغربي المقابل تماماً للجامع الكبير، المدرسة (الحلوية) التي يعود تاريخ البدء في بنائها للعام 544 هجري، و1146 ميلاديّ.

بنيت المدرسة مكان المعبد الوثني، ويُقال بأن هيلانة والدة قسطنطين، هي مَن قامت ببناء هذه الكاتدرائية وكانت من أكثر الكنائس قداسة في الشرق الأوسط، ومع مرور الزمن، حوّلها القاضي أبو حسن الخشاب إلى مدرسة للمذهب الحنفي، وقام بعده رجل من أهل الخير يدعى نور الدين محمود بإنشاء مدرسة داخل المسجد، وأوقف لذلك الأوقاف الكثيرة، وكان يقدّم فيها حلوى القطايف في رمضان من كل عام، ويقوم بتوزيعها على الطلاب، وقد كان يوضع القَطر في جرن كبير عند مدخل باب المدرسة، ومن هنا جاء تسمية تلك المدرسة بالمدرسة الحلوية، ومن يدخل تلك المدرسة يجد على يمينه قاعدة ضخمة من الحجر الأسود، الذي هو جرن المعمودية الأصلي للكنيسة، وقد نقشت عليه صلبان، وبعض العبارات السريانية.

يلي ذلك درج ينحدر بسرعة إلى باحة المدرسة، التي تتوسطها بركة ماء، فسحة تلك الباحة مربعة الشكل، تحيط بها قاعات للدراسة، كانت تستعمل قديماً لتعليم الفقه الحنفي، والباحة تفضي في وسطها من جهة الغرب إلى مسجد مربع الشكل، تعلوه قبة، تحدها ستة أعمدة بيزنطية رخامية.

تتميز المدرسة الحلويّة، بمحرابها الجميل الأخاذ (المحراب الأيوبي) الذي يعتبر آية بديعة من الزخرفة العربية، وهو عبارة عن خشب محفور مع نقوش مرصعة بخشب الأبنوس والعاج والصدف، وعليه كتابة محفورة بخط مؤرخ حلب إبن العديم.

وقد قام بتشييد هذا المحراب، نور الدين الزنكي، في القرن 12 ميلادي ويقال بأن الشيخ القتيل السهروردي، حلّ في تلك المدرسة في وقت من الأوقات، زاهداً.

وفاء شربتجي

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى