الوطن

خريطة العودة إلى الاتفاق النووي… دونها مراحل

} السيد سامي خضرا

الملف النووي الإيراني ليس ملفاً عادياً بكلّ المقاييس والموازين ولا يمكن اعتباره أنه يتعلق بدولةٍ أو بطرفين معيّنين إنما هو ملف إقليمي دولي بامتياز شارك في المُفاوضَة حولهُ ولسنوات طويلة أهمّ دول العالم.

وبالنسبة لمنطقتنا بالذات في ما يُسمّى بـ «الشرق الأوسط وغرب آسيا» هو حجر زاوية وأساس لكافة الملفات الأخرى، من هنا سوف يكون الاهتمام للسياسة الخارجية للإدارة الأميركية الجديدة في منطقتنا.

وإذا كانت إعادة الإعتبار لهذا الملف باتت محسومة من أركان الإدارة فإنّ ما يتوفر من معلومات ما زالت خبيئة تُشير إلى أنّ رسم الأحرف الأولى للحلّ باتت على الطاولة.

لكن هذا لا ينفي أن يضع البعض الأثقال والقيود أو يُعقِّد أخذ الملف إلى الحلول المنتظَرة بسبب حسابات خاصة تهُمُّ دولاً أوروبية بشكلٍ خاص.

فبعض الدول لها مصلحةٌ في توسعة نطاق المفاوضات مع الجمهورية الإسلامية كفرصةٍ لبحث بعض المواضيع الاستراتيجية التي تتَخطَّى الإتفاق النووي.

 وهذا أمرٌ سوف يُصعِّب الحلّ الذي تطمح إليه إدارة بايدن من أجل تيسير وتسيير سياستها في منطقة الشرق الأوسط وقد حاولتْ بعض الدول تلميحاً وتصريحاً إقحام دور لحلفاء لكن الموقف الإيراني الحاسم رفض ذلك وأعلن أنّ التفاوض لا يكون إلا حصرياً حول الملف النووي.

فَهَمُّ إدارة بايدن اليوم العودة إلى الإتفاق بشرط أن تعود إيران للإمتثال لنصّ الاتفاق، وفي المقابل فإنّ إيران مستعدة للعودة بشرط أن تتراجع الولايات المتحدة عن كلّ قراراتها التي نقضت فيه هذا الاتفاق، ومن الصعب أن يُبادر أحدهما لمُلاقاة الآخر.

والإيرانيون هنا حجتهم أكبر لأنهم يعتبرون أنّ مَن خرج من الاتفاق هو الذي عليه أن يعود، وظهر هذا واضحاً في الخطاب الأخير للإمام الخامنئي، فإيران ما زالت داخل الإتفاق والآخرون هم الذين انسحبوا أو نكثوا أو تقاعسوا.

فإزالة العقوبات يجب أن تكون أولاً.

والجمهورية الإسلامية في الأصل لا تثق بالإدارة الأميركية ولا بالأوروبيين، وتَأكَّدَ لها ذلك نتيجة تصرفاتهم، لِذا يبقى السؤال الكبير للمستقبل:

ما الذي يمنع الإدارة الأميركية مُجدّداً من أن تُجمِّد الاتفاق أو تتراجع عنه أو تنكث به في حال وجدتْ مصلحةً في ذلك، فهل من ضمانات؟

ستمرُّ علينا أسابيع من الأخذ والردّ والتوتر غير الخارج عن المألوف لكن الوقت لو طال فإنه لا يلعب لمصلحة الغرب لأنّ إيران عندئذٍ تكون قد تحرّرت منه لتخطو خطوات تراها مصلحةً لها من دون قيود.

وفي هذه الأثناء لا يعلم أحد ماذا يمكن أن يحصل من أحداث أو مفاجآت قد تُؤدي إلى تدحرج الأمور وتوترات لا تُعرف نَتائجُها وتَداعياتُها أو مَساراتُها ونهاياتها.

إنّ الملف النووي الإيراني موضوعٌ حساس ولا يمكن التهاون في شأنه خاصةً أنّ مظلومية إيران واضحة تماماً لأنّ العقوبات القاسية التي فُرضت مسَّت صميم وكيان الشعب الإيراني.

فالمطلوب اليوم من الغرب عموماً أن يُبادر لخطواتٍ تُسمّى «حُسن نية» لبناء الثقة من خلال رفع العقوبات الإنسانية التي تمسّ الجمهورية الإسلامية في ظلّ جائحة كورونا.

واضحٌ أنّ العودة عن الإتفاق لن تكون سريعةً وبقرارٍ واحد، فنحن أمام عودة متسلسلة سوف تتدحرج بحسب الظروف والوقائع، ولن تخلو من شدّ حبال خاصةً من الأكثر تضرّراً، أيّ من الكيان الصهيوني والنظام السعودي، وهنا تكون الكرة في الملعب الأميركي حول ماذا يَختار وماذا يُقرّر وكيف يُبَطِّئ أو يُسرِّع هذا الملف حيثُ أنّ التطورات الحرجة قد تأتي بما ليس بالحسبان…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى