الوطن

أفدح ما خسره لبنان… سمعته!

عمر عبد القادر غندور*

تأكدت الدول القريبة والبعيدة ممن أبدت الاستعداد للمساعدة في تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة، أنّ رجال السياسة في لبنان لا يُعوّل على كلامهم وتعهّداتهم.

وزير الخارجية الفرنسية جان إيف لودريان قال أمام مجلس الشيوخ الفرنسي بكلّ وضوح إنّ بلاده ستتخذ إجراءات قاسية بحق من يعرقلون حلّ الأزمة اللبنانية، وانّ الأيام المقبلة ستكون مصيرية.

ومضى الوزير لودريان يقول: الأزمة الحكومية في لبنان ليست من صنع الطبيعة، بل هي من صنع مسؤولين سياسيين معروفين ضربهم العمى ولم يتحرّكوا لإنقاذ بلادهم رغم تعهّداتهم، ويعرقلون عن عمد أيّ مسعى للخروج من الأزمة.

وزير الخارجية المصري سامح شكري جاء الى لبنان وأجرى جملة من اللقاءات مع الطاقم السياسي، خرج بعدها ليقول إنّ ثمانية أشهر لم تكن كافية للمعالجة وما زال البلد أمام انسداد سياسي، ولا تزال الجهود تبذل لتشكيل حكومة من الاختصاصيين القادرين على الوفاء بحاجات الشعب اللبناني وتحقيق الاستقرار ليس فقط للبنان بل للمنطقة، وانّ بلاده يعنيها الاستقرار في لبنان، داعياً إلى تشكيل حكومة يحكمها الدستور واتفاق الطائف.

بدوره وصل إلى لبنان وزير خارجية سويسرا ايغناسيو كاسيس للاطلاع على الوضع اللبناني ومعاينة تعثر تشكيل الحكومة، في ضوء التحقيقات التي تجريها السلطات السويسرية بشأن تحويلات ضخمة قام بها حاكم المصرف المركزي رياض سلامة.

أما رئيس الجمهورية وجّه كلمة الى اللبنانيين قال فيها ان ممثلي وزارة المال وحاكمية المصرف المركزي يماطلون في المفاوضات مع شركة «ألفاريز ومارسال» ما يدلّ على عدم وجود إرادة لديهم لإجراء التدقيق الجنائي لدفع شركة «ألفاريز ومارسال» للاعتذار مجدّداً لعدم تمكّنها من القيام بعملها!

وقال فخامته إنه لم يكن يعرف حجم النقص في احتياط العملات الأجنبية، وهو نقص كانت تتمّ تغطيته من أموال المودعين، وهذا مخالف للقانون. وقال: أعيدوا للناس أموالهم التي فرّطم بها.

وفي المعلومات أيضاً في هذا الشأن أنّ المصرف المركزي أجاب على ٦٠ سؤالاً من أصل ١٣٣ سؤالاً طرحتها شركة «ألفاريز ومارسال» على المصرف المركزي، ورفض الإجابة على الأسئلة الباقية، أي أنه أجاب على ما نسبته 42% من الأسئلة كما قال وزير المالية.

بعد كلام وزير الخارجية الفرنسي، ومثله وزير خارجية مصر بات لبنان مكشوفاً أخلاقياً وسمعة واحتراماً، والآتي من الأيام أسوأ من حاضره، حتى هان الشعب اللبناني على هذه الطبقة السياسية التي ما زالت تتشدّق بمفردات وعناوين ومواثيق سخيفة لا تساوي عبوة حليب ودواء مفقود.

وكانت لافتة أيضاً زيارة الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية حسام زكي الذي قام بعدة زيارات للمسؤولين، وأكد من خلالها استعداد الجامعة العربية للمساعدة في إيجاد حلّ للأزمة اللبنانية، وقال بعد زيارته للرئيس نبيه بري: من الضروري وضع المسؤولية الوطنية فوق كلّ الاعتبارات الشخصية الضيّقة لأنّ الوضعين الاقتصادي والمعيشي للبنانيين يفترض حلولاً فورية.

وبدا أن السيد حسام زكي مقتنع لما عرضه او سمعه من الرئيس بري.

في سنة ١٩٢٦ وُضع أول دستور للجمهورية اللبنانية، بإشراف لجنة من رجال الفكر والسياسة كان على رأسهم ميشال شيحا، الذي ما ان فرغ من وضع مسودة الدستور وقراءتها على مسامع أعضاء اللجنة حتى استطرد قائلاً: «هذا دستور لبنان المكتوب، أما دستوره الحقيقي غير المكتوب فهو أنّ لبنان لا يُحكم إلا بالتسويات وأنصاف الحلول».

هكذا كان لبنان وهكذا سيبقى! أو ما سيبقى منه…

*رئيس اللقاء الإسلامي الوحدوي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى