أولى

ما بين صبر وخنوع…

} مريانا أمين

 الصبر شعارنا نحن البشر منذ الأزل،

فالفلاسفة تكلموا عنه والديانات السماوية وغير السماوية تكلّمت عنه أيضاً كي تساعد الإنسان عادة على مواجهة التحديات والصعاب، فسقراط يقول: “إنّ المعارك تكسب بالصبر”. وأحد الفلاسفة الألمان لوثر يقول: “إنّ الإنسان الذي يضبط سرعته لا يصبح أبطأ لكنه يضمن تحسين عمله من حيث الجودة والفعالية، كما يُحسّن حياته الخاصة ليحصل على المزيد من السعادة”.

ويقول الإمام علي بن أبي طالب الذي ربط الصبر بالإيمان: “أعلم أنّ الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد فكما لا خير في جسد لا رأس معه، لا خير في إيمان لا صبر معه”.

من هنا أصبح الصبر عنواناً كغيره من العناوين التي تبرز عندما نواجه كلّ مرة التحديات والمصاعب؛ لأنه مبنيّ على التماسك والتوازن أمام المشاكل والاحزان والفواجع.

والفاجعة الأكبر التي نعيشها اليوم هي الأزمة الاقتصادية، ومنذ بدأت ونحن باشرنا باستذكار شعارات الصبر يوماً بعد يوم، علّها تقلل من حزننا وتهدم جبال القهر، ثم أصبحت الشعارات مكتوبة على صفحات الجرائد ووسائل التواصل الاجتماعي بشكل كبير كقول البعض “شدة وتزول” و “الصبر من الأخلاق” و “دواء الدهر الصبر عليه” و “الصبر عند نزول المصيبة عبادة” وغيرها الكثير من الأقوال والأمثال الشعبية التي تحثنا على الصبر،

لكننا دون أن ندري أصبحنا نأخذ من شعار الصبر أداة لسحق أفكارنا الإبداعية وهدم مبادراتنا الجريئة ونسيان مشاريعنا الطموحة.

وبكلّ بساطة تحوّل الصبر إلى كسل وخنوع وإلى ضعف وانهزام واستسلام.

نعم في الصبر التأني لكننا نريد أن نصنع مستقبلنا بعرق الكرامة، بعدما أعيانا الجهد وتحوّلت جباهنا من جباه عنيدة إلى جباه حزينة بعيدة عن البهاء.

نعم في الصبر التأني لكننا نرى بأمّ أعيننا كيف يجتمع من سبّب الفاجعة مع بعضهم البعض علانية حيناً وسراً أحياناً ليرموا بنا عرض البحر ويجعلونا فريسة للقدر والمجهول، ونحن نبحث عن لقمة العيش برحلة عذاب مستمرة.

لقد حوّلوا في بلادنا الصبر من ميزة جيدة إلى مقيتة، فها نحن تعوّدنا على السكوت عن الظلم ونقول إنه صبر .

وتعوّدنا على السكوت أمام الذلّ وأمام من يسرقنا ونقول إنه الصبر.

هل هي شعرة واحدة تفصل بين الصبر وبين الشيطان الأخرس!

نحن صبرنا كثيراً حتى تحالف الصبر مع الظالمين.

فها هم يحتقرون صبرنا ويضحكون في سرّهم عليه وعلينا…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى