أخيرة

الثورة الفلسطينية بخير… وستنتصر

} ثائر دبدوب

مع بداية القرن العشرين بدأت المطامع الاستعمارية تبدو جلية وواضحة في السيطرة والهيمنة على فلسطين بسبب موقعها الاستراتيجي بين الشرق والغرب إضافة الى اكتشاف النفط في المناطق العربية، وقبل ان تضع الحرب العالمية أوزارها بدأت بريطانيا بالتصرف بالأرض المقدسة وكأنها تملك تلك الأرض، فكان وعد بلفور المشؤوم الذي أعطى لليهود إقامة دولة في فلسطين!

وما ان انتهت الحرب العالمية الأولى حتى سارعت الدول المنتصرة وفي مقدّمتها فرنسا وبريطانيا إلى تقسيم المنطقة، في عام 1916 وقع الاتفاق بين الدبلوماسيّيْن الانكليزي مارك سايكس – والفرنسي فرانسوا بيكو حيث أصبحت فلسطين من حصة البريطانيين، وفي المقابل كانت بريطانيا تخدع العرب بوعود واهية تهدف الى استمالة العرب للوقوف في وجه العثمانيين عبر رسائل السير ماكماهون للشريف حسين والوعود التي قدّمها بحصول العرب على استقلالهم.

وفي عام 1920 وقعت القوى المنتصرة في الحرب العالمية الأولى اتفاقية سان ريمو والتي أقرّت الانتداب البريطاني على فلسطين لتبدأ معها المقاومة الفلسطينية الرافضة للانتداب البريطاني الذي كان يطمع بأن تبقى فلسطين تحت سيطرته، فعمد الى تشجيع الهجرة اليهودية الى فلسطين تنفيذاً للأجندة الامبريالية في إبقاء فلسطين بمنأى عن محيطها القومي والعربي، فقاوم الشعب الفلسطيني هذا المشروع  بثورة القدس عام 1920، ثورة يافا عام 1921، ثورة البراق عام 1929 والثورة الكبرى عام 1936 ليثبت أصحاب الأرض والحق رغم الإمكانيات المحدودة جداً قياساً لما يمتلكه المستعمر الانكليزي والغازي الصهيوني.

وفي عام 1948 كان المستعمر البريطاني قد هيّأ الأجواء لطرد أبناء الأرض ليحلّ مكانهم أناس تمّ تجمعيهم من كافة أرجاء المعمورة، فقام المستعمر بتسليح الصهاينة وفي المقابل جُرّد الفلسطينيون من الأسلحة حتى الفردية منها، ورغم التفوّق التسليحي إلا انّ معظم القرى والمدن الفلسطينية شهدت معارك طاحنة من الجليل الأعلى حتى النقب.

لجأ الفلسطينيون الى الدول المحيطة بفلسطين، لكن حلم العودة الى تراب الوطن كان يكبر ويكبر مع كلّ جيل… فكانت أمانة تسلّم من جيل الى جيل، حتى بدا كأنّ حلم العودة أمر مستطاع بانطلاقة الرصاصة الأولى للثورة الفلسطينية عام 1965 لينخرط فيها كلّ أبناء الشعب الفلسطيني، ثورة قلبت المعادلة في المنطقة فحلم الصهاينة ببناء دولة من النيل الى الفرات ذهب في مهبّ الريح بفعل العمل الفدائي المقاوم الذي استطاع ان يصل الى كلّ الأراضي الفلسطينية بعمليات نوعية، لتؤكد انّ الحق الفلسطيني لا يموت بالتقادم، وأنّ النصر آتٍ لا محال. وبعد ان أصبحت أميركا على رأس الامبريالية العالمية واصلت ما بدأه المستعمر البريطاني فاحتضنت الكيان الصهيوني وقدّمت له كلّ الدعم حفاظاً على دورها كدولة في قلب الوطن العربي بل انها استمالت البعض من النظام العربي باتفاقات كامب ديفيد ووادي عربة وصولاً إلى التطبيع المجاني لبعض دول الخليج والسودان، ليواكبها ما قام به الرئيس السابق للولايات المتحدة الأميركية دونالد ترامب بفرض ما يُسمى «صفقة العصر» التي أفشلها الموقف الفلسطيني الرافض للتنازل عن الحق الفلسطيني.

انّ مسيرة الثورة الفلسطينية التي تعود بداياتها الى ما قبل النكبة تؤكد انّ الشعب الفلسطيني بكلّ أطيافه من المُحال ان يتنازل عن حقه وإنْ اختلفت صنوف المقاومة سواء كان بالسلاح أو الحجر والسكين او الدهس والبالونات الحارقة، تبقى الغاية واحدة وهي أن نرى علم فلسطين خفاقاً فوق كنائس ومآذن القدس.

انّ تاريخ الثورة الفلسطينية والمقاومة بمرور ما يقرب القرن على بدايتها حيث الإضرابات والمقاومة بدات في ظلّ وجود المستعمر البريطاني، وهذا يثبت انّ هذه الثورة وجدت لتبقى مهما عظمت المؤامرات، ففي عام 1970 وبعد مجازر قالوا انّ الثورة انتهت للتجدد على الساحة اللبنانية ليمتزج الدم اللبناني والفلسطيني في أروع ملاحم البطولة في جنوب لبنان، وفي عام 1982 واثر الاجتياح الصهيوني وخروج المقاومة الفلسطينية من لبنان قالوا انّ الثورة انتهت لتتجدّد على أرض فلسطين بانتفاضة جماهيرية في كلّ القرى والمدن العربية في فلسطين من نهرها الى بحرها، فكلّ المؤامرات التي حاولت من خلالها الامبريالية والصهيونية القضاء على الثورة الفلسطينية وبالتالي على الحق المشروع للشعب الفلسطيني كان الشعب الفلسطيني وفي كلّ مؤامرة يخرج منها أقوى وأصلب فلا التقنية العسكرية او تكنولوجيا التسليحية ولا حتى الضغط الاقتصادي والحصارات استطاعت النيل من عزم وإرادة الشعب الفلسطيني فشعب ينجب أبناء حلمهم الوحيد العودة وغاية مُناهم فلسطين محال ان يركعوا مهما عظمت التضحيات وستبقى فلسطين الحلم والأمل، والنصر آتٍ مهما طال الزمان فهذا الشعب يستحق الحياة ويستحق ان يبقى موحداً، فوحدته هي السدّ المنيع في وجه غطرسة العدو، كما أنّ دعم الحركات الوطنية في الوطن العربي يسهم الى حدّ كبير في صمود الشعب الفلسطيني، فتشكيل جبهة عربية موحدة تشمل كلّ الوطنيين تمثلً رافداً هاماً جداً يصبّ في نهر العودة الى فلسطين…

*مسؤول شبيبة جبهة التحرير العربية في لبنان

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى