الوطن

بشار الأسد عنوان قويّ للصراعات المقبلة

} د. وفيق إبراهيم

إعادة انتخاب بشار الأسد رئيساً لسورية لا تنحصر فقط في التجديد له بقدر ما تعكس إصراراً من الشعب السوري من جهة والمحاور الإقليمية المؤيدة لسورية من جهة ثانية، على الانخراط في الدفاع عن محور كبير يتقدّم للدفاع عن المنطقة في وجه المشروع الأميركيّ الخليجيّ “الإسرائيليّ”.

هناك قسم كبير في شرق سورية وحدودها العراقية الأردنية هي بيد قوات أميركيّة تسيطر عليها وتتلاعب بإمكاناتها من الغاز والنفط ومعظم أنواع الزراعات.

لذلك فإنّ هذه الإمكانات الكبيرة تفرض على بشار الأسد اعتبار الإمكانات السورية فرصة لقتال الأميركيين والأتراك والأوروبيين وبعض أنواع الإرهاب المتسربل بلبوس حركات معارضة داخلية.

ما هو لافت هنا أنّ الرئيس بشار الأسد قائد شديد القوة يحظى بتأييد لافت في سورية ولبنان والأردن وبعض أنحاء العراق.

ما يتيح له تقديم نفسه كمبارز للطموحات الأميركية ومقاتل لـ”إسرائيل” ومجابه للأتراك.

أليست هذه هي سورية التي لا تسكت على ظلم لا في التاريخ ولا في الوقت الحاضر.

لذلك يتّجه الأسد إلى بناء تحالف راسخ مع القوى اللبنانية الأساسية من حزب الله والحزب السوري القومي الاجتماعي ومعظم الأحزاب الأساسية الوطنية بما يؤدي الى ولادة محور هو الأقوى من نوعه في الإقليم يربط بين روسيا عبر إيران وصولاً الى شواطئ البحر المتوسط اللبنانية.

أما خطوط القتال فإضافة الى الأميركيين والأتراك والأوروبيين، هناك القوى المحلية الخليجية الموالية للأميركيين وتعمل على خلق أحلاف مع “إسرائيل”. فهل هذه حقيقة؟

نعم، يعمل السعوديون بين جزيرة العرب والأردن ومصر و”إسرائيل” في شبكة يريدون منها حصار سورية وإيران وحزب الله حليف الإيرانيين آملين تصديع هذا التحالف، والأسباب هنا ليست خفية، انهم يريدون جذب “إسرائيل” الى جزيرة العرب في حلف يضمّ قطر والإمارات فتظهر بوادر معادلة شديدة السوء تطرد الإيرانيين من كلّ مكان في المنطقة العربية، على أن يعاودوا تنظيم صفوفهم في أعنف مشروع هدفه حصار سورية وإيران وحزب الله، بذلك يجري تطهير المنطقة العربيّة من كلّ أثر فارسي، كما يزعمون، لكن هناك تكملة للمشروع وتتعلق بتأمين مجموعات فارسيّة تتلاعب بالاستقرار الإيراني انطلاقاً من المناطق الجبليّة عند حدود باكستان وأوزبكستان، لكن هناك معلومات تزعم انّ عرب الأهواز هم النقطة الأساسية التي تريد السعودية والإمارات تحريكها بشكل تدفعها فيه الى الانفصال عن بلاد فارس.

قد يكون هذا المشروع صعب المنال نظراً للترابط الاندماجي بين الفرس والعرب في مناطق الأهواز وهو اندماج اقتصادي اجتماعي عميق غير قابل للتفجير.

فأين خطورة المشروع السعودي إذاً؟ إنه في قلب اليمن، حيث يعمل الدور السعودي على أساس تفجيره اولاً والسيطرة عليه بشماله وجنوبه تمهيداً لإعلان دولة واحدة موالية للسعودية والإمارات بشكل كامل.

ويبدو أنّ الإمارات بدأت بتطبيق الأقسام المتعلقة بها في جزر سقطرى وما يجاورها وصولاً الى دول القرن الأفريقي. على أن تنشر قوات سعودية ومصرية في البرّ اليمني، أما الذي فضح الخطة فهي مصر التي أعلنت بصراحة أنها تقف مع السعودية في اليمن، بما يكشف انّ الهدف السعودي لحلفها هو ربط اليمن بجزيرة العرب والإمساك بكلّ الخطوط البرية والبحرية من بحر عمان حتى إيلات ونجران، فتكبر أحلام ولي العهد محمد بن سلمان ويزداد قوة في طرح نفسه زعيماً خليجياً يمسك بالجزيرة والأردن مسيطراً على مصر وله في لبنان أدوار كبيرة. وهذا يتيح له التحوّل زعيماً لعالم إسلامي ضعيف بولي عهد لديه من الإمكانات المالية ما يقنع الأميركيين به وبوسعه الارتباط بـ “إسرائيل” للسيطرة على الشرق الأوسط.

فهل يقبل الأميركيون بهذه الأدوار لمحمد بن سلمان ويتركون له جزيرة العرب واليمن وحق التحالف مع مصر والأردن ولبنان؟

الأميركيون يريدون منه محاصرة إيران وسورية وهذا ما هو فاعله في مقبل الأيام بالاشتراك مع مصر التي تحتاج الى رؤوس الأموال والنفط.

السعودية الى أين؟

لن يعاديها الأميركيون، لكنهم لن يسمحوا بأدوار غير مرسومة في كتاب السياسة الأميركية العالمية. لذلك فإنّ محمد بن سلمان لن يزداد انتفاخاً أكثر مما يريد الأميركيون ولن تتمكن “إسرائيل” من السيطرة على جزيرة العرب لأنها تسيطر بهذا الدور على المنطقة الأميركية الخالصة التي يعتمدها الأميركيون لمجابهة روسيا والصين وحتى أوروبا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى