أولى

73 عاماً على النكبة… لن يكسروا فينا العزم والإرادة

} العميد سمير أبو عفش

الحديث عن النكبة بعد 73 عاماً موجع للقلب، للراوي وللمستمع تذرف عيون من اكتوى بنارها، وتحرك بها المشاعر والذكريات والشجون، ذكريات تحمل قصة اقتلاعهم من أرضهم، وتحويلهم إلى لاجئين في شتات الأرض، حملوا مفاتيح بيوتهم على أمل العودة القريبة، واحتفظوا بها ليرووا لأحفادهم حكاية أرض لن تنسى على مر الزمان.

  تم طرد أكثر من 800 ألف فلسطيني خارج وطنهم وتهجيرهم ليقيموا في الدول العربية المجاورة وكافة أرجاء العالم، وذلك من أصل 1.4 مليون فلسطيني كانوا يقيمون في فلسطين عام 1948 وذلك في 1300 قرية ومدينة فلسطينية. وتشير البيانات التي وثّقها الموقع الإلكتروني  «فلسطين في الذاكرة» إلى أنّ «الإسرائيليين» قد سيطروا خلال مرحلة النكبة وما تلاها على 774 قرية ومدينة، وقد تمّ تدمير 531 قرية ومدينة فلسطينية، واقترفت القوات «الإسرائيلية» أكثر من 70 مذبحة ومجزرة بحقّ الفلسطينيين وأدت إلى استشهاد ما يزيد عن 15 ألف فلسطيني خلال فترة النكبة.

   شكلت النكبة  أكبر عملية تطهير عرقي شهدها القرن العشرين، وسيطرت العصابات الصهيونية على أكثر من 85% من مساحة فلسطين التاريخية والبالغة حوالي 27 ألف كلم2، بما فيها من موارد وما عليها من سكان، أي ما يزيد على ثلاثة أرباع مساحة فلسطين التاريخية. سيطرت العصابات الصهيونية خلال النكبة على 774 قرية ومدينة فلسطينية، وتمّ تدمير 531 منها بالكامل وطمس معالمها الحضارية والتاريخية، وما تبقى تمّ إخضاعه لكيان الاحتلال وقوانينه.

ارتكبت العصابات الصهيونية أكثر من 70 مجزرة بحق الفلسطينيين، تمثل كل واحدة منها جريمة حرب وجريمة بحق الإنسانية، وتصنف في إطار جرائم الإبادة الجماعية. حيث بلغ عدد الشهداء الفلسطينيين في معارك النكبة حسب عدة مصادر تاريخية نحو 15 ألف شهيد، بينما يتراوح عدد الشهداء العرب بين 3500 إلى 700 آلاف شهيد.

   بلغ عدد الأسرى العرب في أعقاب النكبة حسب الصليب الأحمر الدولي 5204 أسرى، منهم 4702 فلسطيني، والباقون أردنيون ومصريون وسعوديون وعراقيون ولبنانيون ويمنيون…إلخ، وكانوا موزعين على معسكرات الجليل 2229 أسيراً منهم 1894 فلسطيني، ومعسكر عتليت 1256 أسيراً منهم 1136 فلسطيني،  ومعسكر صرفند 873 أسيراً منهم 794 فلسطيني، تمّ إطلاق سراحهم في عملية تبادل أسرى في أواسط أيار 1949.

   لكن منذ البداية كان للسياسية الإنجليزية في فلسطين تأثيرٌ كبير في تسهيل عملية الهجرة اليهودية إلى فلسطين، ومناصرتهم وإمدادهم بالعتاد والمواد التموينية، وكذلك الوقوف في وجه الثورة الفلسطينية، حيث ضاقت المعتقلات بمئات الأبرياء دون محاكمة أو إسناد تهمة، ونظمت المحاكم العسكرية وراحت تحكم بالإعدام لمجرد حيازة سلاح ناري، وزجت في السجون نحو ألفين من الأبرياء، ومضت الفرق العديدة المدربة من جنودهم بعددها وأسلحتها الكاملة من طائرات ودبابات تمعن فتكاً وتقتيلاً، كذلك تمّ فرض الغرامات الباهظة على القرى.

   وفي عام 1947 تحولت قضية فلسطين إلى هيئة الأمم المتحدة، التي لم يمر على إنشائها أكثر من عامين، ونظراً للنفوذ اليهودي القوي في مؤسسات الحكم في الولايات المتحدة، ضغطت الولايات المتحدة على الدول الصغيرة لتوافق على توصية بتقسيم فلسطين إلى دولتين عربية ويهودية، وصدر القرار 181 في 29/11/1947 بتقسيم فلسطين إلى دولتين يهودية بمساحة54%، وعربية في المساحة المتبقية. وفي ربيع عام 1948 بدأت القوات الصهيونية بتنفيذ خطتها لاحتلال الأراضي الفلسطينية التي كانت معدة قبل سنتين، وحشدت قوات تبلغ 50000 جندي أمام 2500 مقاتل شعبي من الأهالي مع بعض المتطوعين العرب، وما لبثت القوات الصهيونية أن ازدادت إلى 121000 جندي، مقابل 40000 جندي عربي تحت قيادات متعدّدة، واحتلت تلك القوات 213 قرية وطردت 141000 لاجئاً قبل انتهاء الانتداب البريطاني في 15/5/1948.

   وشعرت الأمم المتحدة أنها أخطأت في اقتراح مشروع التقسيم، فاقترحت لجنة وصاية على فلسطين وأرسلت الكونت فولك برنادوت إلى فلسطين للوساطة، أصر برنادوت على أن يعود اللاجؤون إلى ديارهم فوراً، وأن يبقى النقب عربياً، خلافاً لاقتراح التقسيم، وعند إعداده التقرير النهائي، اغتالته عصابة صهيونية بقيادة شامير رئيس الوزراء «الإسرائيلي» فيما بعد. على إثر هذا القرار اشتدت المعارك الضارية بين اليهود والمواطنين العرب في فلسطين، وفي شمال فلسطين سلم البريطانيون مدينة طبريا في 18 نيسان لليهود بعد أن سهلوا وصول المدد إليهم، وحالوا دون وصول النجدة العربية و الذخيرة إلى المدينة وتذرعوا لإجلاء سكانها العرب بحجة أنهم أقلية يخشى عليهم غدر الأكثرية اليهودية، وكانت طبريا أول مدينة فلسطينية تسقط بيد الصهاينة.

لم تنتهِ النكبة الفلسطينية عام 1948، بل تبعتها نكبات أخرى، مروراً بنكسة عام 1967 التي شردت نحو 200 ألف فلسطيني معظمهم نحو الأردن، وصولًا إلى ما تنوي الدولة المسخ المسمّاة بـ»إسرائيل» فعله بضم الأغوار الفلسطينية بدعم من الولايات المتحدة الأميركية لإحلال نكبة جديدة بدأت فصولها بإعلان ما يسمى بـ»صفقة القرن»، التي تعمل على تصفية قضية اللاجئين وتنكر عليهم حقهم في العودة وتقرير المصير الذي يستمد مشروعيته من حقهم التاريخي في وطنهم، ولا يغيره أي حدث سياسي طارئ ولا يسقطه أي تقادم أو صفقات، وتكفله مبادئ القانون الدولي والاتفاقيات والمعاهدات الدولية، بالإضافة إلى قرارات هيئة الأمم المتحدة ذات العلاقة ومن أبرزها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان سنة 1948 والذي جاء في المادة 13 منه «أنّ لكل إنسان الحق في العودة إلى بلاده». كما أكدت على ذلك اتفاقية جنيف الرابعة وقرار الجمعية رقم (194 – د) الصادر بتاريخ 11/12/1948 الفقرة رقم (11) والتي تنص على الآتي: «تقرر وجوب السماح بالعودة، في أقرب وقت ممكن للاجئين الراغبين في العودة إلى ديارهم والعيش بسلام مع جيرانهم، ووجوب دفع تعويضات عن ممتلكات الذين يقررون عدم العودة إلى ديارهم وعن كل مفقود أو مصاب بضرر، عندما يكون من الواجب، وفقاً لمبادئ القانون الدولي والإنصاف، أن يعوض عن ذلك الفقدان أو الضرر من قبل الحكومات أو السلطات المسؤولة».

عام 1975 حدث تطوران هامان، فقد أصدرت الجمعية العامة انطلاقاً من قرارها رقم 3151 ـ ز (الدورة ـ 28) الصادر بتاريخ 14/12/1973 الذي دانت فيه “التحالف الأثيم بين العنصرية بين أفريقيا الجنوبية والصهيونية”، ومن القرار 77 (د ـ 12) الذي اتخذه مجلس رؤساء دول وحكومات منظمة الوحدة الأفريقية في دورته العادية الثانية عشرة، التي عقدت من 28/7 ـ1/8/1975 ورأى فيه “أن النظام العنصري الحاكم في فلسطين المحتلة والنظامين العنصريين الحاكمين في زيمبابوي وأفريقيا الجنوبية، ترجع إلى أصل استعماري مشترك، وتشكل كياناً كلياً، ولها هيكل عنصري واحد، وترتبط ارتباطاً عضوياً في سياستها الرامية إلى إهدار الإنسان وحرمته”، وانطلاقاً من أن “الإعلان السياسي واستراتيجية تدعيم السلم والأمن الدوليين الذين تم اعتمادهما في مؤتمر وزراء خارجية دول عدم الانحياز المنعقد في ليما في الفترة من 25 إلى 30 آب 1975 قد أدانا الصهيونية بأقصى درجة، بوصفها تهديداً للسلم والأمن العالميين وطالبا جميع البلدان مقاومة هذه الأيديولوجيا العنصرية الإمبريالية”، وأصدرت الجمعية العامة بتاريخ 10/11/1975 قرارها رقم 3379 (الدورة ـ 30)، الذي جاء في فقرته الأخيرة بعد سرد الحيثيات المذكورة: “تقرر أن الصهيونية شكل من أشكال العنصرية والتمييز العنصري”.

أما التطور الثاني فقد تمثل بإصدار الجمعية بتاريخ 10/11/1975 قراراً برقم 3376 (الدورة ـ 30) شكلت بموجبه لجنة تعنى بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه الثابتة، وكلفتها إعداد برنامج تنفيذي يكون القصد منه تمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة الحقوق المعترف بها في قرار الجمعية العامة 3236 (الدورة ـ 29)، آخذة بعين الاعتبار كل السلطات التي خولها الميثاق للهيئات الرئيسية في الأمم المتحدة، وقد قدمت اللجنة تقريرها الأول إلى مجلس الأمن بواسطة أمينه العام، فبحث التقرير وناقش التوصيات في حزيران 1976 ووافق عليها بالأكثرية، غير أن مشروع القرار سقط بالنقض الأميركي. بدأت هذه اللجنة تقدم كل عام تقريراً إلى الجمعية العامة، فقدمت تقريرها الأول المذكور، مع النتيجة التي آلت إليه مناقشات مجلس الأمن في حزيران1976، إلى الدورة الحادية والثلاثين (1976) فأقرت الجمعية العامة توصيات اللجنة في قرارها 31/20 (الدورة ـ31) الصادر بتاريخ 24/11/1976، وحثت مجلس الأمن على بحث التوصيات مرة أخرى”، بغية اتخاذ التدابير اللازمة لتنفيذ توصيات اللجنة لكي يتحقق في وقت مبكر تقدم نحو حل قضية فلسطين، وإقرار سلم عادل ودائم في الشرق الأوسط “. تضمن تقرير اللجنة برنامجاً تنفيذياً يمارس الشعب الفلسطيني على أساسه حقوقه الثابتة، وفيها حق العودة، وقد تضمن البرنامج مرحلتين لعودة اللاجئين:

1-  المرحلة الأولى: لعودة اللذين نزحوا نتيجة حرب حزيران 1967، وهي عودة غير مربوطة بأي شرط، ويتم تنفيذها فوراً.

2-  المرحلة الثانية: لعودة اللذين نزحوا في الفترة الواقعة بين عامي 1948 و1967، وتتولى الأمم المتحدة، بالتعاون مع الدول المعنية ومنظمة التحرير الفلسطينية، اتخاذ الترتيبات اللازمة لتمكين اللاجئين من العودة إلى ديارهم و ممتلكاتهم، وأما اللذين لا يختارون العودة فيدفع لهم تعويض عادل و منصف.

 شكلت لجنة حقوق الإنسان في آذار 1969 ـ نتيجة لدراستها قضايا حقوق الإنسان في المناطق المحتلة ـ شكلت فريق عمل مؤلفاً من النمسا، بيرو، تنزانيا، السنغال، الهند ويوغسلافيا؛ للتحقيق في انتهاكات “إسرائيل” المستمرة لحقوق الإنسان، لا سيما لاتفاقيات جنيف الرابعة، ورغم عدم تعاون “إسرائيل” مع هذا الفريق فقد قام بعمله، وقدم تقريراً مفصلاً في 20/1/1970، يؤكد انتهاكات “إسرائيل” لهذه الاتفاقية، وأيدت لجنة حقوق الإنسان النتائج التي توصل إليها فريق العمل الخاص.

   استناداً إلى ذلك كله، أصدرت عدة هيئات ومجالس ولجان ومؤتمرات دولية، عدة قرارات أكدت فيها انتهاكات “إسرائيل” المستمرة لحقوق الإنسان وأدانتها، كما أكدت سنة بعد سنة حقوق النازحين، وأعربت عن قلقها الشديد لاستمرار الاحتلال “الإسرائيلي” ودعت “إسرائيل” بصورة متكررة إلى الكف فوراً عن اتخاذ أي إجراء يؤدي إلى تغيير الطبيعة القانونية للأراضي العربية المحتلة، أو تشكيلها الجغرافي، أو تركيبها السكاني (القرار رقم 36/147 تاريخ 16/12/1981). أما حق النازحين بالعودة غير المشروطة إلى منازلهم وأراضيهم، وهو الحق الذي صرح به وثبته مجلس الأمن منذ 14/6/1967 بقراره 237 والجمعية العامة بقرارها رقم 2252 (الدورة الخامسة الطارئة) في 4/7/1967، فلا يزال موضوع التأكيد المتكرر في الجمعية العامة التي تدعو “إسرائيل” سنة بعد سنة ودورة بعد دورة إلى “اتخاذ خطوات فعالة لإعادة النازحين إلى بيوتهم دون أي تأخير”. واستنكرت الجمعية العامة بقرارها رقم 2792 ج (الدورة 26) بتاريخ 6/12/1971 الترحيل القسري للاجئين من غزة، ودعت إسرائيل إلى “التوقف فوراً عن هدم ملاجئ اللاجئين، وعن ترحيلهم عن أماكن سكناهم الحالية” وطالبت باتخاذ خطوات فورية لإعادة اللاجئين المعنيين إلى الملاجئ التي رحلوا عنها، وإلى تهيئة ملاجئ مناسبة لإقامتهم”، وتكرّرت مثل هذه الطلبات في دورات لاحقة. وغني عن الذكر أنّ فئة النازحين التي تتشكل من لاجئين فلسطينيين قدامى طردوا من مخيماتهم وأصبحوا للمرة الثانية أو الثالثة، وفئة النازحين من الأراضي الفلسطينية والأراضي العربية الأخرى التي احتلت عام 1967، إنما تنطبق عليهم الحقوق التي ورد بحثها في حقوق اللاجئين، بالإضافة إلى القرارات التي أكدت حقوق النازحين، باعتبار اللاجئين القدامى من الذين شردوا للمرة الثانية أو الثالثة” لاجئين جدد “تنطبق عليهم هذه القرارات.

    وبعد عدة حروب في منطقة الشرق الأوسط وبعد تغيرات على المستويات الدولية وأبرزها انفراط الاتحاد السوفياتي وانفراط عقد المنظومة الاشتراكية وعدم تأثير الجامعة العربية ولا دول عدم الانحياز ولا رابطة الدول الإسلامية، وفي 28 كانون الثاني 2020 أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب صفقة القرن في مؤتمر صحافي عقده بالبيت الأبيض وإلى جواره رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، واحتوت الصفقة على: القدس عاصمة غير مجزأة لما تمسى بدولة “إسرائيل”، والاعتراف بسيادتها على المستوطنات والأغوار، ويعترف الفلسطينيون أن “إسرائيل” هي دولة يهودية، ولن يكون للاجئين الفلسطينيين الحق بالعودة، تقديم 50 مليار دولار للاستثمار والنهوض بالاقتصاد الفلسطيني الخ.

لكن محمود عباس أعلن في كلمته خلال اجتماع القيادة الفلسطينية بعد إعلان الصفقة مباشرة أن القدس ليست للبيع، وكل حقوقنا ليست للبيع والمساومة، وصفقة المؤامرة لن تمر، وسيذهبها شعبنا إلى مزابل التاريخ كما ذهبت كل مشاريع التصفية والتآمر على قضيتنا العادلة.

   وفي هذا الإطار فقد حدّدت منظمة التحرير الفلسطينية رؤيتها للسلام من خلال التأكيد على:

– الانسحاب الإسرائيلي الكامل إلى حدود الرابع من حزيران 1967؛ عملاً بقرار مجلس الأمن 242، ومبدأ الأرض مقابل السلام.

– إبطال الضم “الإسرائيلي” للقدس العربية؛ عملاً بقرار مجلس الأمن رقم 478 لعام 1980، والجلاء “الإسرائيلي” التام عنها، وعودتها للسيادة الفلسطينية، عاصمة لدولة فلسطين.

– إنهاء البنية الاستيطانية؛ عملاً بقرار مجلس الأمن رقم 465 لعام 1980، وكافة قرارات الأمم المتحدة الأخرى ذات الصلة.

– التمسك بحقوق اللاجئين، وفقاً للقرار 194 الذي يكفل لهم حق العودة والتعويض.

– الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره بما يعني الاستقلال؛ عملاً بقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، وخاصة قرار مجلس الأمن رقم 1397، واستعادة السيادة الكاملة على كامل الضفة الفلسطينية بما فيها القدس، وقطاع غزة.

   وتؤكد فلسطين على أهمية تعزيز دور الأمم المتحدة، وأن تضطلع بدور أكبر في الشؤون الدولية، وذلك بالتعاون والتنسيق مع المنظمات الإقليمية الأخرى لمواجهة التحديات المتعاظمة في عالمنا المعاصر، وتعتبر أن مسألة إصلاح الأمم المتحدة هي مسألة ملحة؛ باعتبارها الجهة المنوط بها مسؤولية حفظ السلم والأمن الدوليين، وضرورة العمل بإلحاح لإضفاء روح الديمقراطية والشفافية اللازمة على سياسة صنع قرارات مجلس الأمن، بعيدا عن سياسة ازدواج المعايير، وتعزيز أواصر التعاون والتنسيق المشترك بينه وبين الأجهزة الرئيسية الأخرى للأمم المتحدة؛ من أجل تمكينها من القيام بصورة أفضل في احتواء المشاكل المتنامية والمهددة للسلم والأمن والاستقرار في العالم. وفي هذا السياق تبارك فلسطين نشاطات وفعاليات قوات حفظ السلام الدولية المنتشرة في مختلف مناطق النزاع في العالم. كذلك تدعو فلسطين الأمم المتحدة العمل على تنفيذ قراراتها المتعلقة بفلسطين؛ كمتطلب أساسي لتحقيق سلام عادل ودائم في المنطقة.

     إنّ المبادرات والمشاريع الصهيو أميركية تمثل النظرة التاريخية للقضية الفلسطينية من قبل الولايات المتحدة الأميركية والتي في مجملها واجهت الفشل الذريع؛ لأنها لم تأخذ بعين الاعتبار الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وجاءت في جميع تفاصيلها منحازة لخدمة المصلحة “الإسرائيلية” على حساب الفلسطينيين. إن أي خطة تتعارض مع حقوق شعبنا الفلسطيني التي كفلتها الشرعية الدولية، مصيرها الفشل، وستسقط كسابقاتها من المشاريع المشبوهة. إن العدوان “الإسرائيلي” الوحشي القائم الآن على المسجد الأقصى المبارك والمصلين فيه عدوان على المسلمين ومقدساتهم، وامتهان لكافة الأعراف والشرائع الدينية والمقدسات».

    وفي هذه الأيام بدات قوات الاحتلال “الإسرائيلي” عدوانها واقتحامها المستمر لباحات المسجد الأقصى المبارك وتدنيس حرمته والاعتداء على أرواح المصلين فيه، والمدافعين عنه، ما أوقع عشرات الإصابات بينهم. إن هذا العدوان مستمر في نفس الوقت في باب العامود، وغير بعيد عن المسجد الأقصى يستمر الاحتلال والمستوطنون ومجموعاتهم الإرهابية في العدوان على أهلنا الصامدين في الشيخ جراح والاعتداء عليهم واعتقال العشرات منهم، ومحاولة تهجيرهم من أرضهم ومنازلهم.

   إننا ندعو الأمتين العربية والإسلامية وبرلماناتها ومؤسساتها الارتقاء إلى مستوى خطورة ما يقوم به الاحتلال الإسرائيلي في القدس، وعدم الاكتفاء بإعلان مواقف خجولة تجاه ما يجري في أولى القبلتين وثالث الحرمين، واتخاذ مواقف عملية وعاجلة لنصرة القدس وأهلها وحماية مقدساتها بما يضمن تنفيذ كافة القرارات التي اتخذها بشأن حماية القدس وتعزيز صمود أهلها. ونطالب الاتحاد البرلماني العربي والبرلمان العربي وبرلمانات الدول الإسلامية لعقد اجتماعات طارئة عاجلة لبحث سبل الرد على هذا العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني ومقدساته.  على المجتمع الدولي أيضاً عدم الاكتفاء بمواقفه الكلامية التقليدية، والتحرك العاجل للجم هذا العدوان المنفلت وتوفير الحماية الدولية لشعبنا، خاصة لأهلنا وممتلكاتهم في مدينة القدس المحتلة التي تتعرض ومقدساتها الإسلامية والمسيحية باعتبارها أماكن عبادة محمية من وجهة نظر القانون الدولي.

يتصاعد عدوان الاحتلال هذه الأيام ليس في القدس المحتلة فحسب، بل في سائر الأراضي الفلسطينية المحتلة حيث تتعمد قوات الاحتلال تنفيذ الإعدامات الميدانية بحق أطفالنا وشبابنا كما حدث اليوم في جنين وقبل أيام في نابلس. لذا فإننا نطالب  دول العالم بالوقوف عند مسؤولياته القانونية والإنسانية أمام إرهاب الدولة “الإسرائيلي” المنظم ضد الشعب الفلسطيني العظيم وضد أهلنا وشعبنا في القدس. إنّ شعبنا سيتصدى لهذا الإرهاب ولن يكسروا عزيمتنا وإرادتنا،  فالقدس خط أحمر بكل ما تعنيه الكلمه، ودونها يهون كل شيء، ونحمل “إسرائيل” المسؤولية الكامله عن تداعيات عدوانها وإرهابها في القدس  وفي دولة فلسطين المحتلة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى