أولى

كلام الأسد في المسألة القوميّة

خلال استقباله وفوداً عربية مهنئة بالانتخابات الرئاسيّة، وما أظهرته من حضور شعبي يؤكد حجم التفاف الشعب السوري حول الرئيس الأسد وقيادته التي تجسّد المشروع القومي، قدّم الرئيس الأسد مقاربته للمشروع القومي على ركيزتين رئيسيتين، الأولى دعوة للمثقفين والنخب بتقديم المشروع القومي بصفته مشروع انتماء وتخفيف الجرعات العقائديّة من الخطاب القوميّ. فالهوية جامعة للمصير والمصالح بين مكونات الأمة، ارتضوا ام أبوا الانتساب الى مفهوم قومي عقائدي، والثانية دعوته لصياغة خطاب قوميّ قادر على ربط المشروع القوميّ بمصالح الناس.

في قضية الهوية القومية والانتماء القومي، سبق للرئيس الأسد مراراً أن خاض في نقاشات مع شخصيات دينية وعلمانية، وهو يدعو لفهم المسألة القوميّة من موقع كونها موضع الهوية الجامعة التي يعاملنا الصديق والعدو على أساسها. وهذه المرّة يضيف زاوية مقاربة تتصل بخطر التقسيم الذي عندما يصيب بلداً سينتقل كالعدوى إلى بلاد أخرى، ويمكن ان نضيف أنه في تجربة سورية كان تجذّر الإرهاب خطراً إذا نجح في سورية فسيستهدف سواها، فقاتلت سورية عنها وعن أمتها، وقبل سنوات كان المشهد الطائفي يحاصر سورية من جنباتها اللبنانيّة والعراقيّة، ولم يتأخر الداء عن محاولة الفتك بسورية، وما انتصارها عليه إلا بشارة خير لفرص مشابهة في لبنان والعراق، فتبني سورية نموذجاً للدولة لنفسها ولأمتها.

في قضية العلاقة بين الانتماء القومي ومصلحة الناس، يقدّم الأسد وصفة مباشرة للعمل القومي، فبدلاً من مجادلة حول عناصر العقيدة، لن تستقطب الا نخباً ضيقة، لماذا لا يخوض المثقفون وتتولى النخب، تناول المشتركات المصلحيّة التي تربط مكونات الأمة، ففكرة السوق المشرقيّة على سبيل المثال، وما تشكله من أساس لتكامل بلدان قادرة على التساند والتبادل وصولاً الى نسبة عالية من الاكتفاء، بين بلد قوي في الزراعة والصناعة وآخر بالنفط والطاقة وثالث بالخدمات التعليمية والصحية، وبدلاً من اعتماد العملات الأجنبية التي تستنزف الثروات لم لا يقوم التبادل بين هذه الدول بالعملات الوطنية، ومثل ذلك أسئلة عن معنى ربط دولنا بخطوط سكك حديديّة، وسواها من العناوين التي يستشعر الناس فيها مصالحهم.

نصر سورية كان فعل قيادة، والمشروع القومي سواء كان على حجم سورية الطبيعية أو على حجم البلاد العربية، يحتاج قائداً كالأسد تجتمع حوله القوى والنخب القومية، وربما يكون التكامل المشرقي أول الإنجازات التي يجب أن ينتجها هذا المشروع.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى