مانشيت

بوتين وبايدن في قمة جنيف: عودة السفراء ولجان أزمات للسيطرة على التصعيد… وبدء الحلحلة / سجال بعبدا وعين التينة: كشف المستور في الخلاف بين كسر الجرة والصدمة الإيجابيّة / إضراب الاتحاد العمالي بعد بيانات الأحزاب المشاركة: مَن يعلن الاحتجاج وعلى مَن؟ /

كتب المحرّر السياسيّ

خطفت قمة الرئيسين الأميركي جو بايدن والروسي فلاديمير بوتين الأضواء والأنفاس يوم أمس، فهي حدث غير عادي، في ظروف غير عادية، والرئيسان يمثلان كل في بلده النخبة الآتية من عمق التجارب والخبرات، وكل منهما يعبر عن مشروع يسعى لحجز مقعد فاعل لبلاده على الساحة الدولية، واحد يريد التقدّم ببلده الى الأمام، وآخر يسعى لوقف تراجع مكانة بلاده إلى الوراء، رئيس بنى بهدوء مراكز قوة وفاعلية لا يمكن تجاهلها لدولة يقودها منذ عقدين، ورئيس يريد تنظيف وترميم ما خلفه سلفه من فوضى وخراب، وقد بدت القمة حاجة متبادلة للرئيسين والدولتين، فهما تمتلكان أكبر وأخطر مخزون للأسلحة النووية في العالم، وتقعان على أغلب خطوط التماس في ملفات تبدأ من الحرب السيبرانية إلى خطوط الاشتباك في أوكرانيا وسورية، وتستخدم في حربهما شعارات وأسلحة تحيط بها الالتباسات كشعار حقوق الإنسان ودعم المعارضات من الجانب الأميركي، ويقابلها الوضوح والحزم من جانب موسكو سواء في حق الشراكة أوالاحتكام للقانون الدولي.

انتهت القمة وعقد كل من الرئيسين مؤتمراً صحافياً منفصلاً، بدا فيه الرئيس الروسي حازماً وحذراً، مشيداً بخبرة شريكه وجديته، لكنه لا يريد التسرع في التفاؤل بانتظار مراكز القوى داخل الكونغرس والدولة العميقة الأميركية التي تناصب موسكو العداء، بينما ظهر بايدن مبشراً بمرحلة جديدة، وبأن الأمور إلى الأحسن، بعدما أكد كل منهما بلغته أن كل شيء كان واضحاً، فقال بايدن إنه أوضح ما يزعج حكومته ويدفعها للرد، وقال بوتين لا حاجة للتذكير بالخطوط الحمراء فالكل يعرفها، ومن بين سطور الكلام، قرأت مصادر تابعت القمة ومواقف الرئيسين، أن عودة السفيرين وتشكيل فرق العمل الخاصة بالأمن السيبراني والتشديد على اتفاقيات الحد من التسلح وتنظيم التعاون في القطب الشمالي، إنجازات ليست بسيطة، بينما الاحتكام للقرارات الدولية والاتفاقيات المبرمة في ملفات سورية وليبيا وأوكرانيا ترك وضع تفاصيله لوزارتي الخارجية في كل من موسكو وواشنطن، متوقعة تراجعاً أميركياً في قضية المعارض الروسي الكسي نفالني، وتسهيلاً روسياً للتعاون السيبراني، وانضباطاً اميركياً في إطار اتفاقات مينسك الخاصة بأوكرانيا، وتعاوناً لتسريع التسوية الليبية، أما بالنسبة لسورية فلم تتوقع المصادر تحركاً سريعاً بانتظار مصير الوجود الأميركي في العراق الذي سيقرّر مصير القوات الأميركية في سورية، وبانتظار معرفة حدود ومصير التفاهم الأميركي التركي حول تمركز قوات تركية في مطار كابول قالت حركة طالبان إنها ستعامله كقوات احتلال، حيث سيقرّر ذلك كيفية تعامل الأميركيين مع الملف الكردي في سورية، ومبرر بقاء قواتهم بالتالي.

في الشأن الداخلي الذي سيشهد إضراباً عاماً أعلنت الهيئات النقابية العمالية وغير العمالية المشاركة فيه، وأعلنت الأحزاب السياسية المسؤولة عن الحكم أو الموجودة في المعارضة دعمه، بحيث صار المشهد سوريالياً يضيع فيه صاحب الاحتجاج على المشكو منه والذي يتم الاحتجاج بوجهه واعتراضاً على سياساته، وفيما ربطت الجهة الداعية الإضراب بعنواني الأوضاع المعيشية وتأخّر تشكيل الحكومة، زاد الوضع المعيشي تدهوراً، وانفجر الوضع الحكومي بسجال عالي السقوف بين بعبدا وعين التينة، خرجت فيه المواقف عن المعهود من انتقاء الكلمات ومراعاة خطوط الرجعة، بحيث تضمنت المواقف كشفاً للمستور من خلاف مزمن، دفع المصادر المتابعة للشأن الحكومي للتساؤل عما إذا كان يمثل كسراً للجرة بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس المجلس النيابي نبيه بري، كما توحي المواقف المتضمنة في البيانات، او صدمة إيجابية ستحرّك المسار الحكومي، كما بدا من الإشارات الأخيرة لترحيب بعبدا ببقاء مبادرة بري، وكلام بري عن بقاء مبادرته وقوله فلنذهب للحل، تعقيباً على نفي رئيس الجمهورية نيته بالحصول على الوزيرين الإضافيين لحصة الثمانية وزراء، وتوقعت المصادر أن يبدأ حزب الله حركته على حليفيه الرئيسيين منعاً لتواصل السجال وتداعياته ومحاولة لرأب الصدع واستئناف المساعي على الجبهة الحكومية.

وتطوّر السجال على خط بعبدا – عين التينة إلى حرب بيانات ظهّر حقيقة الخلاف وغياب الانسجام السياسي بين رئيسي الجمهورية والمجلس النيابي وبالتالي كشف عمق الأزمة الحكومية التي لن تنفرج في القريب العاجل في ظل توقف الاتصالات والمشاورات بشكل كامل بانتظار آخر الآمال المنتظرة من القمة الأميركية – الروسية والمفاوضات والحوارات على الساحة الإقليمية، أن تؤدي إلى إنتاج حل داخلي يحول دون انزلاق البلد إلى الانهيار الكامل والانفجار المحتوم مع الدعوات المتتالية للمشاركة في الإضراب الذي دعا إليه الاتحاد العمالي العام اليوم.

وانطلق السجال بعد بيان عين التينة الذي وجه انتقادات لاذعة للرئاسة الأولى بالقول: «طالما حل موضوع الداخلية إلى أن أصريتم على 8 وزراء + 2 يسميهم رئيس الجمهورية (الذي ليس له حق دستوري بوزير واحد فهو لا يشارك بالتصويت فكيف يكون له أصوات بطريقة غير مباشرة). متعطل كل شيء والبلد ينهار والمؤسسات تتآكل والشعب يتلوى وجدار القسطنطينية ينهار مع رفض مبادرة وافق عليها الغرب والشرق وكل الاطراف اللبنانية الا طرفكم الكريم. فأقدمتم على البيان البارحة صراحة تقولون لا نريد سعد الحريري رئيساً للحكومة. هذا ليس من حقكم، وقرار تكليفه ليس منكم، والمجلس النيابي قال كلمته مدّوية جواب رسالتكم إليه. المطلوب حلّ وليس ترحال؛ والمبادرة مستمرة.»

وردّ مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية بالقول: «البيان الصادر عن الرئيس بري أراد أن يؤكد ما بات مؤكداً بأن الهدف الحقيقي للحملات التي يتعرّض لها رئيس الجمهورية هو تعطيل دوره في تكوين السلطة التنفيذية ومراقبة عملها مع السلطة التشريعية، وإقصاؤه بالفعل حيناً، وبالقول أحياناً، عن تحمل المسؤوليات التي القاها الدستور على عاتقه». ولفت إلى أن «رئيس الجمهورية لم يطالب بتسمية وزيرين اثنين زيادة على الوزراء الثمانية، كما لم يطالب بالثلث الضامن على رغم عدم وجود ما يمنع ذلك». وختم البيان: «تسجل إيجابية وحيدة هي الرغبة في ان تبقى مبادرته مستمرة لتسهيل تشكيل الحكومة وإن كان البيان أسقط عن دولته صفة «الوسيط» الساعي لحلول وجعله ويا للأسف طرفاً لا يستطيع أن يعطي لنفسه حق التحرك «باسم الشعب اللبناني».

ولم يتأخّر رد عين التينة على بيان رئاسة الجمهورية، مذكراً بأن «رئيس الجمهورية ميشال عون هو صاحب القول: «بعدم أحقيّة الرئيس ميشال سليمان بأية حقيبة وزارية او وزارة». فلنذهب الى الحل». فردّت رئاسة الجمهورية مذكرة بأن «الرئيس سليمان لم يكن لديه، عند انتخابه، أي تمثيل نيابي ولم يحظ بدعم أكبر كتلة نيابية في مجلس النواب كما هو حال الرئيس عون حالياً. ومع ذلك، اعطي الرئيس سليمان ثلاثة وزراء على الأقل في كل حكومة تمّ تشكيلها حتى نهاية عهده». فردّ المكتب الإعلامي لبري سائلاً: «مرة ثانية نريد أن نصدق ونسأل طالما الأمر كذلك لماذا أعلن «التكتل» أنه لن يشارك ولن يعطي الثقة»؟

وفيما نأى تيار المستقبل بنفسه عن سجال الرئاستين تاركاً لعين التينة التصدّي للرئاسة الأولى، أيدت مصادر المستقبل بيان بري معتبرة أنه «وضع النقاط على الحروف وكشف ما كان يُقال سابقاً بأن رئيس الجمهورية هو من طلب من بري التدخل».

وأكدت أكثر من جهة سياسية لـ«البناء» أن «مساعي تأليف الحكومة دخلت في العناية الفائقة ولم يعد يجدي مدّها بحقن التنفس الاصطناعي، إذ بات واضحاً أننا أمام أزمة ثقة بين الرئيسين عون والحريري وإمكانية التعايش بينهما في حكومة واحدة باتت شبه مستحيلة إلا في إطار تسوية خارجية كبرى يدخل فيها الأميركي بقوة في الملف اللبناني وتضغط على كامل الأطراف لتقديم التنازلات وتسهيل تأليف الحكومة، وسوى ذلك مجرد لعب وتصفية حسابات في الوقت الضائع بانتظار ما ستفرزه المفاوضات والقمم الدولية والإقليمية».

ولفت مصدر مقرب من بعبدا لـ«البناء» أن «الحريري لا يريد تأليف الحكومة بسبب الرفض السعودي له وقد أكد ذلك أكثر من مسؤول دولي روسي وعربي، ولذلك يتذرع الحريري بحجج واهية ويرمي كرة التعطيل على رئيس الجمهورية لكي يتهرب من المسؤولية والضغط أمام الرأي العام اللبناني والمجتمع الدولي». وتساءلت إلى متى سيبقى الحريري متمسكاً بورقة التكليف فيما لا يستطيع التأليف طيلة ثمانية أشهر؟ وهو يعرف أن البلد على حافة الانهيار ويحتاج الى حكومة لإنقاذه ومنعه من الانفجار»؟.

ولم تُسجل أية لقاءات أو اتصالات بين أطراف السجال، لفتت زيارة رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط الى عين التينة، حيث التقى الرئيس بري وغادر من دون الإدلاء بأي تصريح.

وفي غمرة اشتعال النار السياسيّة بين عون من جهة وكل من بري والحريري، برز موقف رئيس التيار الوطني الحر الذي نأى بنفسه عن السجال معلناً «تمسّكه بتشكيل حكومة برئاسة الحريري». وأعلن من ساحة النجمة بعد اجتماع اللجان المشتركة لمناقشة قانون البطاقة التمويلية: «هناك بوادر ثورة اجتماعية جديدة محقة بسبب الذل الذي يعيشه اللبنانيون وهناك مسؤولية كبيرة ملقاة على مجلس النواب في موضوع ترشيد الدعم والبطاقة التمويلية. القضية طارئة جداً ولا يجوز بقاء الدعم استنسابياً فيما الصهاريج تمر عبر الحدود تحت أعين القوى الأمنية وبمشاركتها أحياناً وفقط مجلس النواب بإقراره للقانون يحل جزئياً موضوع الدعم ويبعد النقمة الكبيرة الآتية».

في المقابل سأل رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله السيد هاشم صفي الدين: «هل يعرفُ بعضُ الذين يدفعون باتجاهِ انهيارِ بنيةِ الدولةِ ومؤسساتِها، هل يعرفونَ بالضبط أينَ سيصبحُ لبنانُ بعدَئذ؟».

وخلالَ لقاءٍ معَ العلماءِ والمبلّغينَ في منطقةِ بيروت حذّر صفي الدين من الاستخفافِ بفكرةِ انهيارِ الدّولةِ ومؤسساتِها لانَ لبنانَ سيكونُ عندَها أمامَ حالةِ انفراطٍ من الصعبِ جداً أن يُعادَ جمعُه ولـمُّه من جديد، وأكّدَ أنَّ المطلوبَ كي لا نصلَ الى تلكَ اللحظةِ أن تكونَ هناكَ جهودٌ صادقةٌ وحقيقيةٌ لتداركِ ما أمكن.

وسجّلت دعوات من كافة القطاعات والنقابات والهيئات الاقتصادية للمشاركة، من المصارف الى الضمان وموظفي الدولة مروراً بعمال المطار والممرضين للمشاركة في الإضراب الذي دعا اليه الاتحاد العمالي العام اليوم احتجاجاً على الأوضاع المعيشية الصعبة، ولفتت دعوة تيار المستقبل الى المشاركة.

وعشية الإضراب ترأس رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب في السرايا الحكومية، اجتماعاً بحث في موضوع مكافحة الاحتكار والتخزين والتهريب، حضره عدد من الوزراء وقادة الأجهزة الأمنية.

ولفت دياب في كلمته في مستهل الاجتماع الى أن «ما نشاهده في الشوارع مخيف ويقدم نماذج عن غياب الدولة. الناس تملأ الفراغ، وهذا أمر مخيف ونتائجه كارثية، لأنه يمهد الطريق لفكرة الأمن الذاتي، وبالتالي يعني الفوضى المنظمة وتشرذم البلد. لذلك المسؤولية تعني الجميع: المسؤولين في الإدارة والقضاء والأمن. لكن هذه المسؤولية تقع أولاً على عدم تشكيل حكومة منذ أكثر من 10 أشهر». وتابع: «في ظل الحصار على البلد والقرار الخارجي بعدم مساعدة لبنان، أصبحت الحلول لأزمة البلد صعبة جداً، خصوصاً في غياب حكومة قائمة لديها صلاحيات. لذلك نحن معنيون اليوم بتخفيف وطأة الأزمة على الناس وعدم تركهم لتداعياتها».

وبعد انتهاء الاجتماع، أعلن الوزير رمزي المشرفية اتخاذ بعض الإجراءات التي بقيت سرية، وتلا توصيات واقتراحات عملية وموضوعية لتخفيف الأزمة على المواطنين ومنها: الطلب من الأجهزة القضائية، التشدد في الإجراءات القضائية بحق المهربين والمتلاعبين، سواء بالتخزين أو الاحتكار والتشدد في تطبيق نظام وأيام العبور بين لبنان وسورية، بانتظار نقل نقطة التفتيش الحدودية في المصنع إلى أقرب مكان من نقطة التفتيش السورية».

كما تحدّث وزير الصحة العامة الدكتور حمد حسن مشيراً الى أنه «وبعد بيان مصرف لبنان أعتبر أن كل موجودات المستودعات عند المستوردين من كواشف مخبرية ومستلزمات ومغروسات طبية يجب أن تكون موزعة من صباح اليوم على المستشفيات والصيدليات والمختبرات».

وعلمت «البناء» أن قادة الأجهزة الأمنية عرضوا خلال الاجتماع تقارير أمنية كشفت حجم التخزين والتهريب والتلاعب بالأسعار اضافة الى الفوضى والإشكالات الأمنية أمام محطات الوقود والصيدليات والسوبرماركات والمستشفيات التي تتطور كل يوم الى حوادث إطلاق نار. وأشارت مصادر وزارية وحكومية لـ«البناء» الى أن «هناك صعوبة في مكافحة تجار الأزمات والمافيات التي تتلقى الدعم والتغطية من قوى حزبية وسياسية وجهات نافذة في الدولة، لذلك ستعمل الحكومة قدر استطاعتها للحد من الفلتان الحاصل، لكن لا يمكن القضاء عليه كلياً»، وحذرت المصادر من تجمع المؤشرات المختلفة لحصول انفجار اجتماعي في الشارع ستتخلله أحداث أمنية متعددة وفي مناطق عدة ستبدأ من اليوم خلال الإضراب وقطع الطرقات الذي انطلق يوم امس في عدد من المناطق». وعلمت «البناء» ايضاً أن الاجهزة الامنية وضعت بالتنسيق فيما بينها خطة امنية لتنظيم تعبئة الوقود امام المحطات ومكافحة التهريب والتصدي للاشكالات الامنية وقطع الطرقات التي قد تحصل في التحركات الشعبية اليوم لا سيما لجهة دخول طابور خامس لافتعال توترات أمنية».

وعشية المؤتمر الدولي لدعم الجيش اللبناني، أشار مسؤول في وزارة ​القوات المسلحة​ الفرنسية، في تصريح لوكالة ​رويترز​، إلى أن «قوى عالمية ستسعى لجمع عشرات الملايين من الدولارات لتقديم مساعدة طارئة للجيش خلال اجتماع اليوم بهدف منع انهيار الجيش». وأوضح المسؤول أن «​الجيش اللبناني​ هو العمود الفقري للبنان، ويضمن عدم تدهور ​الوضع الأمني​ في البلاد، والمؤتمر لن يسعى لدفع رواتب الجيش اللبناني، وإنما لتقديم ​مواد غذائية​ وإمدادات طبية وقطع غيار لعتاد الجيش، وحتى ​الوقود».

في غضون ذلك، وبعد حضور الوسيط الأميركي في ملف ترسيم الحدود البحرية الجنوبية مع فلسطين المحتلة السفير جون دوروشيه الى بيروت منذ أيام لإعادة تحريك مفاوضات الترسيم، يقوم الوفد العسكري اللبناني المفاوض بسلسلة زيارات على المرجعيّات الرئاسية لإطلاعها على ما آلت إليه المفاوضات في جلستها الأخيرة وإمكانية العودة إلى الطاولة إذا ما دعى الوسيط الأميركي إليها.

وبعد زيارته بعبدا منذ أيام، زار الوفد أمس، الرئيس دياب في السراي الحكومي. وضمّ الوفد العسكري العميد الركن بسام ياسين، العقيد الركن مازن بصبوص، السيد وسام شباط والسيد نجيب مسيحي. وأطلع الوفد دياب على الحصيلة النهائية لجولات المفاوضات الست.

وأشارت مصادر مطلعة على الملف لـ«البناء» إلى أن «الوفد اللبناني اعترض في جلسة التفاوض الأخيرة على الشروط التي وضعها الوفد الإسرائيلي وأهمها حصر التفاوض على مساحة الـ 860 كيلومتراً مربعاً، فيما تمسك الوفد اللبناني بالتفاوض من الخط 29 أي توسيع المساحة المتنازع عليها لتشمل 1290 كلم مربعاً». وكشفت أن «موقف الوفد اللبناني فاجأ الوفد الإسرائيلي وكذلك فاجأ الوسيط الأميركي الذي أجرى سلسلة اتصالات للاستفسار عن حضور الوفد من عدمه في الجلسة التالية، ولم يتأكد من هذا الأمر إلا عند الساعة 11 ليلاً قبل انطلاق الجلسة الثانية التي لم تحصل».

وبحسب أجواء الوفد اللبناني العسكري لـ«البناء» فإن «أي عودة للتفاوض لن تتم قبل تراجع العدو عن موقفه الأخير وشروطه المسبقة التي تعرقل استمرار التفاوض»، مؤكدة على أن «لبنان لن يتراجع عن خط الـ29 الذي يثبت حقوقه في الثروة النفطية ويحمي البلوكات البحرية في المياه الإقليمية اللبنانية». وتلفت الأجواء إلى أن «تمسك لبنان بالخط 29 نسف كل الخطوط الأخرى التي تقدّم بها وسوّق لها الموفدون الأميركيون السابقون وكل الشروط والخطوط الإسرائيلية، وفرض أمراً واقعاً جديداً انطلاقاً من حقوق لبنان السيادية والموثقة».

وفيما ربطت أوساط مراقبة بين عودة الوسيط الأميركي وبين التغيير الذي طرأ فجأة في المشهد السياسي الحكومي في «إسرائيل»، في ظل رهان أميركي على التوصل إلى تسوية مع الحكومة الإسرائيلية الجديدة التي جاءت بمساعٍ أميركية، أوضحت المصادر المطلعة أن «لا ربط بين الحدثين، لكون الوسيط الأميركي قرّر موعد زيارته إلى بيروت قبل أن يتبين مآل الوضع الحكومي في «إسرائيل»».

وتوقعت المصادر أن «يمتد أمد المفاوضات طويلاً ربما لعشر سنوات بسبب التعقيدات في الملف السياسية والتقنية والاقتصادية وحاجة الطرفين إلى استخراج النفط وتمسكهما بشروطهما في الوقت نفسه». مؤكدة أن «الأمر يتطلب التحلي بالصبر والصمود والحفاظ على وحدة وتماسك الموقف الوطني والالتفاف حول الوفد المفاوض». وأكدت المصادر أن «ربط مصير الأزمة اللبنانية الاقتصادية باستخراج واستثمار النفط غير واقعي وعملي، بل إنّ الثروة النفطية تشكّل خلاصاً للبنان على المدى الطويل لكن ليس على المدى القصير، وبالتالي الإنقاذ يكون عبر تأليف حكومة جديدة وإصلاحات مالية واقتصادية ونقدية».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى