مقالات وآراء

هل حان الوقت لاستثمار الاهتراء في لبنان؟

} عمر عبد القادر غندور*

بدأت نتائج زيارة السفيرتين الأميركية دوروثي شيا والفرنسية آن غريو الى الرياض للتباحث في الشأن اللبناني تتظهّر، ما يؤكد انّ الزيارة كانت بغالبيتها لهدف لبناني واستطلاع رأي المملكة في موقفها من الرئيس المكلف.

اجتماع معراب بالأمس بحضور السفير السعودي ليس بروتوكولاً ولا روتيناً، بل هو إجرائي بامتياز، وهو تتمة للمواضيع التي أثيرت في اجتماع السفيرتين ومباحثاتهما في العاصمة السعودية.

رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع قدم أوراق اعتماده لمن يلزم وأكد رفضه للحالة اللبنانية السائدة في لبنان، وبالتالي انحيازه الى الجانب السعودي، وأكدت وسائل إعلامية انّ جعجع بدأ معركته للانتخابات النيابية والرئاسية من الآن، والتي تستهدف تغيير الأكثرية النيابية الحالية ونقلها الى مكان آخر.

وليس صدفة ان تُشيّع وسائل إعلامية انّ الرئيس الأميركي جو بايدن حسم أمره وقرّر ان لا يسمح لإيران أن تكون صاحبة النفوذ الأكبر في لبنان!

ومثل هذا التوجه ليس جديداً، ومتى كانت الإدارة الأميركية تقبل بنفوذ غيرها في أيّ دولة في الشرق الأوسط؟

لماذا اليوم هذه التحركات “العلاجية” في لبنان بعد أكثر من عشرة أشهر من التجاهل واللامبالاة؟ وهل وصل الانهيار الاقتصادي والمالي والمعيشي إلى مرحلة الاستثمار المطلوب؟

لا شكّ، انّ من يسعى اليوم الى إعادة التركيبة اللبنانية على قواعد جديدة، هو من رسم وعمل واشتغل على إنهاك لبنان وتجويعه واهترائه وإفلاسه حتى تصل الأمور الى ما وصلت إليه. وهو الذي يتنطّح اليوم لإصلاح ما أفسده الغير وموافقته على قاعدة “قوم لأقعد مطرحك” وفق رؤية إقليمية بدأت تظهر معالمها من خلال محادثات فيينا حول الملف النووي الإيراني والأخبار المتناقضة عن مستقبل هذه المحادثات وآخرها ما قالته واشنطن: طهران هي وحدها التي تحدّد موعد استئناف المفاوضات في الوقت الحاضر، فيما دعا وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الحكومة الإيرانية الجديدة الى الاستعداد لاستئناف المفاوضات.

وأيضاً انّ العدو “الإسرائيلي” يُكثر من حديثه عن لبنان هذه الأيام، وحذرت مصادر أمنية صهيونية من انهيار النظام الاقتصادي في لبنان، ومن شأن ذلك ان يُقرّب المواجهة مع البلد المُضطرب، وانّ انهيار الدولة يعزز سيطرة المقاومة على البلد، وان “إسرائيل” بعثت برسالة الى الولايات المتحدة تحثها على دعم الجيش اللبناني لمنع انهيار الدولة، وانها بدأت تترقب الحرب الثالثة مع لبنان رهن ظروف يلزمها بعض الوقت.

وفي جديد الدخول “الإسرائيلي” على خط لبنان ما أدلى به رئيس الحكومة “الإسرائيلية” نفتالي بينيت في كلمة ألقاها في جلسة الحكومة الأسبوعية قال فيها: “لبنان على حافة الانهيار واسرائيل تتابع الاوضاع عن كثب”.

مثل هذا التدخل في الشأن اللبناني اعتبرته وزارة الخارجية الروسية غير مقبول، وردّت الخارجية الروسية عل تهديد الاتحاد الأوروبي بإنزال عقوبات على مسؤولين لبنانيين، بأنه يقوّض مبادئ وحدة لبنان.

وكان الاتحاد الأوروبي أعلن أنه يريد اعتماد إطار قانوني لنظام عقوبات يستهدف زعماء لبنان المتشاحنين ولكنه لفت الى انّ هذا الإجراء قد لا يُطبق على الفور.

وعُلم انّ وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان سيلتقي نظيره الأميركي انتوني بلينكن ليطلعه على ما سمعه الموفد الفرنسي الذي يزور بيروت حالياً.

ويبقى السؤال: هل يلتقي وزراء خارجية فرنسا ودول الخليج في نيويورك لاستكمال البحث في الأزمة اللبنانية؟

وتقول الولايات المتحدة وعواصم القرار انّ المؤسسة العسكرية اللبنانية يمكن ان تلعب دورها في المرحلة المقبلة، وانها أبلغت حلفاءها الخليجيين ضرورة مدّ يد المساعدة للجيش اللبناني ودعمه بالمال والعتاد اللازمين كونه الوحيد القادر على ضبط الأرض في حال تفشى الفلتان، او حصول عصيان مدني وأعمال شغب نتيجة تفاقم الاحوال المعيشية والسياسية بعد ان بدأ الجوع يطرق معظم الأبواب.

ولذلك ينبغي الربط بين هذه التداخلات في الداخل والخارج لمعرفة ما ستؤول إليه المداولات وما يكتنفها من تهديدات يتناوب عليها “الإسرائيليون” وأدوات الداخل، ومتابعة الفصل الأخير من تكليف الرئيس الحريري من استمراره في المهمة المستحيلة أو الاعتذار، وما هو السيناريو البديل، وهل ستفلح العقوبات الأوروبية في حلحلة مواقف المعنيين أم انّ لبنان أمام خيبات جديدة؟

*رئيس اللقاء الإسلامي الوحدوي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى