الوطن

ندوة للمنتدى الاقتصادي عن إعادة هيكلة الدين العام: اقتراحات وحلول لاسترداد الثقة وتوزيع الخسائر

أقام «المنتدى الاقتصادي الاجتماعي» في «دار الندوة»، ندوة عبر تقنية «زووم» حول «إعادة هيكلة الدين العام في لبنان». تحدث فيها كل من الخبير الاقتصادي الدكتور إيلي يشوعي ومدير المحاسبة العامّة السابق في وزارة المال والنقيب الأسبق لخبراء المحاسبة المجازين في لبنان وعضو الهيئة التأسيسية في المنتدى أمين صالح.

وأدار الندوة عضو الهيئة التأسيسية للمنتدى الدكتور زياد حافظ وحضرها حشد من الاقتصاديين والأساتذة الجامعيين والمهتمين بالشأن الاقتصادي – المالي.

وقال الدكتور يشوعي في مداخلته «لا نستطيع الكلام على إعادة هيكلة الدين العام في لبنان، بعد أن أعلنت الحكومة السابقة توقف لبنان عن دفع مستحقاته من سندات اليوروبندز الممولة من مستثمرين خارجيين. ثم إن دين الدولة بالليرة اللبنانية الذي وصل إلى نحو 60 مليار دولار تهاوى إلى نحو 10 مليارات دولار على أساس سعر الصرف الحقيقي لليرة اللبنانية تجاه الدولار. لكن ذلك لن ينفع المودع ولن يردّ له فلساً واحداً من ودائعه الضائعة في المصارف».

أضاف «أمّا المعالجة للديون الخارجية البالغة 36 مليار دولار، هي في التوجه إلى صندوق النقد والحكومة في يدها برنامج شامل للإصلاحات التي تناسب لبنان واللبنانيين، فجرى التفاهم عليها وعلى أساسه تطلب الحكومة من الصندوق التدخل مع الدائنين الخارجيين لإعفاء لبنان من 50 في المائة على الأقل من ديونه الخارجية. وهذه ممارسة معروفة عالمياً بالنسبة للدول النامية المتعثرة مالياً وتسمى بـ Debt relief.  وهنا أيضاً لا يفيد المودع من ذلك بطريقة مباشرة لجهة استرداد بعض ودائعه. فلا يبقى من أجل تحقيق ذلك سوى المساءلة والمحاسبة والمحاكمة والمصادرة والسجن للسارقين من أجل أن يشكل ذلك المدخل الوحيد للبدء باستعادة المودعين لجزء أساسي من ودائعهم وأن تكف المصارف عن عملية تذويب الودائع بالدولار والتي تعتبر استمراراً في نهب اللبنانيين، على أن يلي ذلك عملية إعادة بناء واسعة لرأسمالنا الوطني من مشاريع بنى تحتية وخدمات عامّة من دون أن تشكل أي ديون جديدة على اللبنانيين وذلك بواسطة تلزيمات دولية من خلال مكاتب دولية متخصصة وبالمزايدة، وتحتفظ الدولة بملكية كامل الرأسمال العام، ويُنقل موظفو تلك المرافق العامّة من القطاع العام إلى الشركات الملتزمة بسلاسة ودون التسبب بزيادة نسب التضخم، وضخ الرساميل من قبل تلك الشركات سوف يعيد الحياة إلى القطاع الخاص والسيولة إلى الاقتصاد ورصيد الودائع إلى أصحابها».

ورأى أمين صالح من جهته «أن الدين العام في لبنان هو في معظمه دين داخلي ويتوزع بين دين بالعملة اللبنانية ويشكل 62 في المائة من إجمالي الدين العام وبين دين بالعملات الأجنبية خصوصاً بالدولار الأميركي ويشكل 38 في المائة وأن مصرف لبنان يحمل 44 في المائة من إجمالي الدين والمصارف التجارية تحمل 35 في المائة وحملة سندات اليوروبوند الآخرين حوالى 9 في المائة والباقي من الدين العام تحمله المؤسسات العامة اللبنانية».

واعتبر «أن الحل للخروج من الأزمة في لبنان والمدخل الوحيد للإنقاذ، هو في إسقاط الدين العام أي التحرّر من الدين العام وإلغائه كلياً ( باستثناء الدين الذي يحمله الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي) وقروض باريس 3 والقروض الثنائية (مع دول ومنظمات دولية) أي أن الدولة اللبنانية بإمكانها شطب حوالى 90 في المائة من الدين العام أي حوالى 82 مليار دولار، وبالتالي الارتياح من دفع عبء فوائد هذا الدين وتوفيره للإنفاق على البنى التحتية خصوصاً الكهرباء وعلى الشؤون الاجتماعية ولا سيما الصحة والتعليم».

ولفت إلى «أن الاقتصاد اللبناني عجز عن تحمّل عبء فوائد الدين العام وكذلك المالية العامة ما دفع بالدولة إلى التوقف عن دفع سندات اليوروبوند وفوائدها، فلجأت الحكومة ولاسيما السلطة النقدية أي حاكم مصرف لبنان إلى استخدام الوسائل النقدية لتخفيف عبء الدين العام وإطفائه فعمدت إلى خفض سعر صرف الليرة اللبنانية تجاه العملات الأجنبية ولا سيما الدولار حيث وصل إلى معدلات مرتفعة حوالى 24 ألف ليرة مقابل كل دولار أميركي، الأمر الذي سبب ارتفاعا هائلاً في مستويات الأسعار والتضخم وأصبح معظم الشعب اللبنانيي (حوالي 82 في المائة) في حالة فقر وأكثر من نصفه في فقر مدقع، هذا فضلاً عن الاقتطاع الذي مارسه مصرف لبنان والمصارف التجارية على الودائع بكامله وصل إلى 80 في المائة».

واقترح صالح توزيع الخسائر على الجهات المستفيدة وهي مصرف لبنان والمصارف التجارية حملة سندات اليوروبوند والمودعين، ذلك «أن من استفاد من الفوائد في النهاية هم المصارف التجارية وحملة سندات اليوروبوند والمودعين». واقترح «استعادة الفوائد المدفوعة بالزيادة عن المعدلات العالمية وقدرها 58 مليار دولار وتوزيعها بين المصارف والمودعين بنسبة ما استفاد كل منهم من هذه الفوائد ـ استرداد الضرائب غير المحصلة على فوائد الدين العام – استرداد الهندسات المالية واسترجاع الأموال المحولة إلى الخارج بالعملات الأجنبية ومن ثم إعادة هيكلة المصارف على ضوء نتائج توزيع الخسائر».

ورأى «أن من شأن هذا الحلّ أن يؤدي إلى استرداد الثقة بالدولة وبالإقتصاد وبالنظام المصرفي والنقدي، والنتيجة الأهم هو تراجع سعر صرف الدولار إلى المستويات التي كانت الحكومة السابقة تخطط للوصول إليها وهو حوالى 4279 ل.ل لكل دولار أميركي، وبذلك يعاد التوازن والاستقرار إلى الاقتصاد وإلى المستوى المعيشي ويبتعد لبنان عن إملاءات الجهات الخارجية التي تمسّ بالسيادة الوطنية».

أمّا الحافظ الذي أدار الندوة، فقال «إن الهدف من الندوة الإضاءة على قضايا مفصلية أوردها في رؤيته الاقتصادية الاجتماعية»، وفي تلك الرؤية اعتبر «أن نقطة البداية لمعالجة الوضع هي إعادة هيكلة الدين العام الذي ضرب أرقاماً قياسية على الصعيد العالمي نسبة للناتج الداخلي».

وتحدث في الندوة كل من إدمون شماس، خليل فغالي، محمد وهبي، د. ساسين عساف، محمد قاضي، نمر الجزار، بشارة مرهج، رضا سويد، محمد قاسم، د. بسام الهاشم، د. فيوليت داغر، د. حسن جوني

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى