مقالات وآراء

حزب «القوات» يطلق النار على نفسه…

} جمال محسن العفلق

الحق بالتظاهر هو حق من حقوق الإنسان وتحتوي العديد من المواثيق الدولية على صياغة واضحة للحق في الاحتجاج، فمنذ عام 1950 ضمنت الاتفاقيات الدولية حق المتظاهرين بالتعبير عن أنفسهم إلا أن هذا الحق هو نسبي ويبقى ضمن إطار الحرية في كل بلد على حده وبالعادة انّ السلطة هي التي تجابه المتظاهرين بوسائل متعددة تصل في بعض الأحيان الى العنف وإطلاق النار وهذا يكون في حالات نادرة ومحدودة ولا يمكن لأي حكومة في العالم ما عدا (قطعان الصهيونية) ممارسة العنف مع المتظاهرين بدون غطاء دولي لها.

وكمائن الغدر في بيروت لم تكن بفعل السلطة أو جزء منها إنما بفعل عصابة قتل تنتمي لمدرسة الإقصاء والعنصرية مدعومة من سفارات غربية وعربية ونفذت الأوامر دون أي حساب لموازين القوة أو السلم الأهلي، ففي لحظة طيش سياسي قرر سمير جعجع أن ينفذ جريمة في وضح النهار، وأرسل القناصين ليقتلوا بدم بارد أبناء وطنهم بتنسيق واضح مع المشغلين وغطاء إعلامي وسياسي برر هذه الجريمة، وكأنّ الذين قضوا في الجريمة هم قوة معتدية.

فهل ستتحمّل القوات نتيجة هذه الجريمة؟ سؤال يطرح نفسه بقوة لأننا إذا أردنا القياس بالعدد والعدة سنجد أن القوات رغم معسكرات التدريب التي خضعت لها والسلاح الذي تملكه رغم الادّعاء الكاذب دائماً أنها لا تملكه لا يمكنها إلغاء وجود الآخرين من الخارطة السياسية والعسكرية في لبنان. فمن دفع لهذه الجريمة أعطى وعوداً بالدعم العسكري والدولي والحجة القديمة الجديدة جاهزة وهي “حماية المسيحيين” في لبنان، رغم أنّ الجمهور المسيحي لا ينتمي للقوات، وعلى الأرض يعلم الجميع أنّ هذا الحزب التابع للصهيونية وينفذ أوامر السفارات خدمة للكيان الصهيوني، لا يشكل وزناً سياسياً حقيقياً لكنه يحتمي بحجة أنه أقلية وبحاجة الى الحماية! وما دام هناك مموّل فلا مشكلة لديه في القتل.

على المقلب الآخر أستطاع أولياء الدم وهم الأحق به ولن يلاموا على أيّ ردّ فعل، استطاعوا ضبط النفس وإبقاء التفويض للقيادة التي يثقون بها لتتخذ التدابير اللازمة لملاحقة القتلة ومنع حرب أهلية خيّم شبحها على بيروت، وإعادة الذاكر الى يوم جريمة البوسطة التي كانت شرارة حرب ما زال اللبنانيون يذكرونها ويعلمون أدق التفاصيل عنها. لكن اليوم مختلف لأنّ ثقافة الوطن والمواطنة أصبحت هي نقطة الاتصال بين جميع اللبنانيين وتشكل أكثرية ساحقة أمام أقلية تسعى لخدمة الكيان الصهيوني وتجريد لبنان من هويته القومية والعربية.

لقد خسرت القوات هذه الجولة كما كلّ ما سبقها رغم أنّ بعض مغرّديها على مواقع التواصل الاجتماعي يحتفلون بالنصر الفارغ، لأنهم استطاعوا قتل مدنيين غدراً، فيما يدّعي جعجع أنه “مقاومة مسيحية” رغم معارضة الأكثرية المسيحية له، وهو يعلم ذلك تماماً

جريمة الطيونة هي مسمار في نعش القوات، فهذه الجريمة أعادت الى الذاكرة كل الجرائم السابقة وأكدت أن العميل لا يمكن أن يصبح وطنياً حتى لو حصل على عفو خاص في مرحلة الفوضى السياسية، وأكدت هذه الجريمة دور السفارات المشبوه في لبنان وخصوصاً بعض العربية منها التي تموّل الجماعات الأصولية، فنفس السفارات التي كانت تحمي الأصوليين وتسهّل وصول السلاح لهم في سورية تعيد اليوم الكرة في لبنان وتموّل إرهاب القوات بحجة محاربة إيران وسحب سلاح المقاومة! فما نراه اليوم هو الدفع باتجاه وضع سلاح المقاومة على الطاولة والمساوات بين القاتل والمقاوم، فالسعودية تريد العودة الى لبنان عبر بوابة القوات وبغطاء من الأميركي والفرنسي ما دام السعي يتركز على محاولات النيل من سلاح المقاومة.

حزب القوات اللبنانية أطلق النار على نفسه… وأكد وضع نفسه في خندق الكيان الصهيوني، والهدف تمييع التحقيق في انفجار مرفأ بيروت كما حدث في التحقيق باغتيال الرئيس رفيق الحريري.

أحداث تعيد نفسها وتتكرّر في كلّ جريمة كبرى، والهدف جرّ المقاومة الى حرب أهلية وإبعادها عن الحدود الفلسطينية وجعل الكيان الصهيوني في أمان!

معركة مستمرة لن تنتهي بسهولة ولكنها لن تكون في صالح القوات مهما كان الاتجاه في العقاب، فالقضاء اليوم لدية أدلة دامغة على المتورّطين، وفي المقابل لن يكون لدى الطرف الآخر أيّ نية للتنازل عن دماء الشهداء والتفريط بها، وهذا سيكون من خلال القضاء الذي ادّعت القوات انه تريد حمايته، وستكتشف أنّ من طلبوا منها ممارسة القتل سوف يتخلون عنها كما تخلوا عن أكثر عصابات القتل والإرهاب في سورية…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى