أخيرة

غلاسة

عام 1969 عرض الجنرال ديغول استفتاءً على الشعب الفرنسي لتكريس مزيدٍ من اللامركزية عن طريق مشروعٍ لتنظيم المناطق وإدخال إصلاحات تجديدية على مجلس الشيوخ، وعرض مشروعه هذا للاستفتاء، وهدّد بالاستقالة في حال فشله في تمرير مشروع هذا القانون ورفض الفرنسيين له.

رفض الفرنسيون المشروع بنسبة 52.4% وصوّتوا بـ «لا»… استقال الرجل فوراً لفشله في إقرار سياسته، ومرّر «رسالةً لرئيس المجلس الدستوري الفرنسي قال فيها… «سأتوقف عن ممارسة مهامي كرئيسٍ للجمهورية… هذا القرار يدخل حيّز التنفيذ اليوم في منتصف النهار…»

بشارة الخوري في لبنان استقال في عام 1952 حين شعر أنّ استمراره في السلطة سيؤدّي الى توتر سياسي وشعبي كبير بعدما أدرك حجم الجبهة المعارضة…

أما تجربة سوار الذهب في السودان فهي أشهر من نارٍ على علم… استلم الرئاسة على مضض، ولما قامت حكومة منتخبة، سلّم مقاليد الحكم فوراً إليها، ثم اعتزل العمل السياسي، ونأى بنفسه بعيداً عن متاهات السياسة وأدرانها.

تلك كانت نماذج على سبيل التمثيل لا الحصر… فالتاريخ ينضح بأمثلة لقيادات كان لديها ما يكفي من الحساسية والمروءة لتقوم بالمغادرة حينما شعرت انّ مشروعها وفلسفتها للحكم تواجه معارضة، وبات من الحكمة التنحّي جانباً، وترك الأمور لمن هو أكثر قبولاً وأكثر استجابة لمطالب الناس… إلّا الشعب الفلسطيني… «دعبس» راهن على السلام… وأدان كلّ من يتبنّى المقاومة العنفية، وجاهر بالفم المليان، بقناعته المطلقة بالمقدرة على تحقيق طموحات الشعب الفلسطيني من خلال المفاوضات والعمل الدبلوماسي السلمي… فشل مشروعه فشلاً ذريعاً مدويّاً … فهو لم يحقق أكثر من صفر مكعّب مما كان يدّعي بأنه يسعى الى تحقيقه… ولكن عجيزته ازدادت التصاقاً بكرسي الرئاسة… ولا زال لا يعدم وسيلة لإلغاء الانتخابات تارة… وتأجيلها تارة أخرى… حتى يتمكّن من البقاء في الحكم. بل وأقدم على قتل من يعارضه. لا نملك سوى أن ندعو الله بأن لا يؤاخذنا بما فعل السفهاء منا، وأن يفرغ علينا صبراً… لأننا بدون ذلك سنفقع قهراً.

سميح التايه

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى