قشّة
لكأنّي بالأمور تتجه نحو الانفجار الكبير لا سمح الله، المعطيات كلها تؤشر الى صدامٍ ستكون له تبعات على التكوين الكلّي وعلى البناء الميثاقي للدولة والتوازنات الطائفية التي أبقت على هذه الدولة للسنوات المئة الفائتة تعوم على بحرٍ من المتناقضات وتجد في كلّ الأحوال مخرجاً يبقي على حالة التواجد البالغ التوتر والذي ينتظر تلك القشة التي ستقصم ظهر البعير… ثغرات دستورية وبنيوية وتناقض ليس كالتناقضات التي نعرفها في دول أخرى تخلق حالة من الاختلاف يعلو ويهبط ولكن يبقى في المقابل قواسم مشتركة كفيلة بالإبقاء على الدول في حالة تواجد، بينما يقوم العقل الكلي للمجتمع بفعل الرغبة بالبقاء بمعالجة التفاوت في المصالح، ومن ثم التناقض والتنابذ بحيث يبقي على حالة التماسك وبالتالي يبقي على جسم المجتمع في حالة من البقاء الذي قد يكون هشاً متوتّراً أو منقوصاً ولكنه متاحٌ في كل الأحوال…
الذي يبعث على التشاؤم بأنّ مثل هذا الأمر قد يكون بعيد المنال في الحالة اللبنانية هو… أولاً… شدة التناقض في الجسم المجتمعي والسياسي والمزاجي بحيث أننا لا نستطيع ان ننعته بالتناقض الجزئي القابل للمعالجة والتواؤم، هو تناقض كلّي مطلق، يصل حتى العداء الكلّي في ما يتعلّق على سبيل المثال بتعريف من هو العدو ومن هو الصديق. وثانياً… الأمور وصلت في لبنان الى نقطة بلغ السيل الزّبى… فمن يضمن أنّ الطرف الآخر الذي يتبع بالمطلق معسكر «أميركا إسرائيل السعودية» لا يخطط حالياً في الغرف المظلمة، وربما وصل الى منطقة التنفيذ، لعملية شبيهة بـ «الطيّونة» لا تمتلك معها المقاومة سوى الردّ الناجع، لأن نظرية «الصبر الإستراتيجي» في حالة عدم الردّ تصبح نكتة… لا نملك سوى ان نقول ربنا يستر. وقديماً قيل… عدوّ عاقل، خيرٌ من صديق جاهل.
