أخيرة

كذب ملفوف بورق السوليفان

تماماً كما السلع الأميركية، وتماماً مثل همبرغر مكدونالدز، أو بيرغركنغ، سموم وملوّنات ومواد كيماوية، تلفّ بأروع وأجمل أنواع السوليفان الملوّن، تماماً كهذه السلعة، تطلق الأكاذيب من أفواه فتياتٍ فاتناتٍ مختاراتٍ بعناية، إحداهن ناطقة بلسان وزارة الخارجية، وأخرى ناطقة بلسان البيت الأبيض، وهكذا أكاذيب فاقعة، وافتراءات من النوع القاتل للحقيقة، وتزييف للواقع، كلّ ذلك خدمة لمشروع الهيمنة، وهذا أمر ليس بالمستحدث، ولا هو بالجديد، ربما قفزت التقنيات الآن قفزات كبرى، فأصبح الوصول الى المتلقّي أكثر يسراً وفاعلية وسرعة بعد ثورة المعلومات والتفنّن بإيصالها، ولكن الرغبة في العبث بكيمياء العقول وصياغة السرديّات التي تخدم هذه الهيمنة، كانت موجودة منذ زمن بعيد، ومنذ اختراع السينما، التي كانت تمثل ضرورة في لاوعي أرباب الهيمنة لخلق صورة مغايرة للواقع البشع الدموي اللاإنساني والذي نهجه الإنسان الأبيض في معرض جنوحه نحو الهيمنة والسطو على ثروات الآخرين والتوحش وازدراء الآخر، وبرزت حاجة ماسّة لأن يصوّر ذاته بطريقة تناقض تماماً واقعه المغرق في أنانيته وفي رغبته الجامحة للاستحواذ على كلّ شيء بغضّ النظر عن مدى لا إنسانية ولا أخلاقية الأسلوب والوسيلة للوصول الى ذلك…

وتأتّى له ذلك من خلال اختراع السينما التي قامت بدور كبير في مخاتلة الواقع وإظهار قيَم مزيفة وجاذبية تلوي عنق الحقيقة، تقوم بنفثها رموز جذابة على قدر كبير من الوسامة والجمال، فتنطلي الخدعة على الناس ويروّج لهذا الإنسان المغرق في توحشه وإجرامه ليظهر بمظهر هو النقيض الكلّي للحقيقة، أكاذيب وأضاليل ملفوفة في ورق السوليفان.

سميح التايه

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى