أولى

لقاء فرنجيّة وباسيل إلى إفطار نصرالله صيام جديد

المعركة الدائرة تحت عنوان الأغلبية النيابية واحدة من أخطر المعارك التي يواجهها لبنان، فقد قررت واشنطن تجنيد حلفائها منذ انتفاضة 17 تشرين للمضي قدماً في معركة الضغط لتحميل المقاومة مسؤولية الانهيار الذي يعيشه لبنان، أملا بالحصول على أغلبية نيابية مناوئة للمقاومة وتتجرأ على المواجهة المباشرة معها، بفرض معادلة جديدة كان يتحاشاها خصوم المقاومة من قبل، كتسمية رئيس حكومة معادٍ للمقاومة وتشكيل حكومة من دون مشاركة ممثلين للمقاومة، أملاً باستعادة ما يشبه حكومة فؤاد السنيورة عام 2008 التي اتخذت قرار تفكيك شبكة اتصالات المقاومة، أعقبتها أحداث 8 أيار التي مهّدت حينها لاتفاق الدوحة الذي نظم التساكن وربط النزاع داخلياً بين المقاومة وخصومها.

منذ وصول العماد ميشال عون الى رئاسة الجمهورية عام 2016 عبر ما عُرف بالتسوية الرئاسية، خصوصاً مع إقرار قانون الانتخابات الجديد عام 2017، ارتفعت الأصوات في معسكر واشنطن تنديداً بخيار ربط النزاع والدعوة للانتقال إلى المواجهة، وكانت عملية احتجاز الرئيس سعد الحريري في السعودية ذروة الحملة الداعية للمواجهة، التي تأتي الانتخابات النيابية لاختبار نتائجها، وفقاً للوصفة التي حددها جيفري فيلتمان في أعقاب انتفاضة 17 تشرين، إذا استعصى ضرب المقاومة فليكن تجريدها من حلفائها أو تجريدهم من قوتهم، ولتكن الانتخابات هي ساحة النزال.

خلال الفترة الممتدة منذ 17 تشرين وما تخللها من ضغوط، لجأ الحلف الذي تقوده واشنطن في كل مرة يشعر فيها أن لدى المقاومة مبادرات تكسر الحصار الى الالتفاف بخطوات تراجع خلالها عن سياسة الإسقاط كي لا يسقط لبنان في حضن المقاومة بدلاً من السقوط على رأسها، كما حذر الإسرائيليون كلاً من واشنطن والرياض عقب سفن كسر الحصار. وكما فعلت واشنطن بالإعلان عن استعدادها لاستثناء جرّ الغاز المصري والكهرباء الأردنية عبر سورية الى لبنان من عقوبات قانون قيصر، قرّرت السعودية ودول الخليج التراجع عن قرار القطيعة الدبلوماسية والعودة إلى الانخراط السياسي والاقتصادي مع لبنان خشية الفشل الذريع في الانتخابات، أملا بمنح جرعة دعم معنوي ومادي للحلفاء بوجه المقاومة وحلفائها.

تجربة العراق أظهرت للأميركيين وحلفائهم أن الحصول على الأغلبية النيابية قد لا يكون كافياً لتغيير المشهد السياسي والحكومي، لكن ذلك لا يُعفي المقاومة وحلفاءها من الاعتراف بأن الخلافات في معسكر الحلفاء قد ضيّعت فرصاً ذهبيّة للتقدّم بحلول للمشاكل اللبنانية طالما تحدّث عنها الأمين العام لحزب الله، خصوصاً في ملف الطاقة، وكانت تجربة حكومة الرئيس حسان دياب إدانة لانقسام معسكر الحلفاء على قضايا قد تستحق الخلاف لكنها تستحق حسن إدارة هذا الخلاف تحت سقف الانتماء الى معسكر حلفاء، تجمعه عناوين تموضع استراتيجيّ، لا تنهي الخلافات التكتيكية لكنها تمنع تحويلها إلى عناصر تتسبب بالفشل في وجه معسكر يتربّص بالجميع دون استثناء، لدرجة بدا خلالها أن الحلفاء يشعرون بالقرب من الخصوم أكثر من قدرتهم على التلاقي وتنظيم خلافاتهم، وأن جمهورهم لم يحمل العدائيّة التي حملها لمن يفترض أنهم حلفاء الحليف المشترك نحو من يفترض أنهم الخصوم.

الإفطار الذي ضمّ رئيس تيار المردة سليمان فرنجية ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل الى مائدة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، خطوة صائبة وفي الاتجاه الصحيح، للإجابة عن سؤال، حول مدى أهليّة حلفاء المقاومة على الارتقاء إلى مستوى الممارسة السياسية المسؤولة، التي تعرف كيف تدير خلافات تكتيكية مع حلفاء استراتيجيين، وكيف تدير تفاهمات تكتيكية مع خصوم استراتيجيين.

إنه زمن الصيام عن الصراعات المجانيّة التي لا تحقق أرباحاً، ولا جدال حول حجم تسببها بالخسائر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى