أولى

هل تصدق المفوضيّة الأوروبيّة مزحتها السمجة؟

تقول رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين إن “إفلاس دولة روسيا ليس سوى مسألة وقت”، وتستدلّ على ذلك بكون “دين روسيا الخارجي بلغ في 1 فبراير الماضي 59,5 مليار دولار بما في ذلك الدين على قروض السندات الخارجيّة – 38,97 مليار دولار. وإجمالاً يوجد لدى روسيا 15 قرضاً يجب سدادها في الفترة ما بين عام 2022 إلى عام 2047”، كما قالت.

عندما تقرأ الاستنتاج في رأس كلام رئيسة المفوضية ونظراً لمكانتها المرموقة ومركزها الجدّي، تنتظر مع سرد الأرقام أن تقرأ عجزاً وتراجعاً قيمته بتريليونات الدولارات، فتصدمك الأرقام التي أوردتها كعلامات على حتميّة إفلاس روسيا، لتكتشف أنها العلامة على قدرة روسيا على الصمود.

فجوة مصرف لبنان الماليّة أكثر من الـ 60 مليار دولار التي تشكل سقف الدين الخارجيّ لروسيا حسب رئيسة المفوضية المحترمة والمتزنة، وعندما وردت كلمة الإفلاس هبّت عاصفة إنكاره، من كل حدب وصوب، بما في ذلك ما جاء من رياح أوروبيّة ترفض الحديث عن إفلاس لبنان، وتكتفي بالقول إن لبنان يعاني أزمة سيولة.

تبيع روسيا يومياً من النفط والغاز لأوروبا وحدها، ما يزيد عن مليار دولار وفقاً لأرقام المفوضيّة، أي أن إجمالي الدين يعادل مداخيل شهرين من مبيعات الطاقة لأوروبا، فكيف يكون سبباً للإفلاس. ولتسهيل المقارنة، فإن الديون الأميركية تبلغ 30 تريليون دولار، وأميركا ليست بنظر رئيسة المفوضية أمام خطر الإفلاس، واذا أخذنا بالاعتبار أن حجم الاقتصاد الأميركي يعادل 15 مرة حجم الاقتصاد الروسيّ (24 مقابل 1.4) تريليون دولار وفق أرقام عام 2020، فهذا يعني أن روسيا ستكون بألف خير حتى لو بلغت ديونها 1.8 تريليون دولار، أي ثلاثين مرّة ما هي عليه الآن.

فهل تصدّق رئيسة المفوضية الأوروبية أن إفلاس روسيا مسألة وقت، أم أن هذه مقتضيات الكذب في الحرب النفسيّة، ومن ثم تصديق الكذبة، ورهان أن الاستنتاج وحده دون التدقيق بالأرقام المرفقة سيفعل فعله، أما إذا كانت تصدّق ما قالته فهذا يفسّر سبب فشل السياسات المبنية على هذا الوهم؟

مزحة سمجة ليست إلا!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى