مانشيت

حبس أنفاس في المنطقة والعيون شاخصة إلى القدس غداً… هل تقع المواجهة وتخرج عن السيطرة؟ / معركة نائب الرئيس امتحان أكثريّة القوات وتماسك التغييريّين والكتلة المستقلة وتحالفات التيار/ الحاكم يكشف تحكّمه بسعر الصرف فينخفض الدولار 25% بدقيقة واحدة وتعميم سيُنفّذ الاثنين/

كتب المحرّر السياسيّ

تدخل المنطقة غداً يوماً ساخناً يحبس الأنفاس، مع انطلاق مسيرة الأعلام الصهيونية واستهدافها العبور داخل القدس وصولاً لأطراف المسجد الأقصى، بعدما سمحت حكومة الاحتلال بالمسيرة وخط سيرها، في ظل مخاطر ترافق المسيرة لتحول استفزازات المستوطنين والمتطرفين إلى مواجهات بينهم وبين المقدسيين، خصوصاً في باب العامود، والمرابطين في المسجد الأقصى، والذين يتوقع أن ترتفع أعدادهم بحجم الوافدين من الأراضي المحتلة عام 1948، في ظل تهديد واضح لقوى المقاومة في غزة، أنه في حال تنفيذ مسيرة الأعلام بصيغتها التقليدية التي تستهدف القدس وأحياءها ومقدساتها، فإن المقاومة ستدخل على الخط بصواريخها، وجاء تحذير الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله من خطر انفجار على مستوى المنطقة يخرج عن السيطرة في حال تهديد المقدسات، ليرفع منسوب التدخلات والساعي لضبط مسار المسيرة الصهيونية وسلوك المشاركين فيها وحجم تدخل حكومة الاحتلال لضبطها، وتبقى الكلمة الفصل لما سيشهده يوم غد الأحد.

في لبنان يدخل مجلس النواب الأسبوع المقبل امتحانه الأول في كيفية مقاربته للاستحقاقات الدستورية، حيث ستختبر نظرية بعض النواب الذين ارتضوا الترشيح عن مقاعد طوائفهم، وشكلوا لوائح احترمت التوزيع الطائفي للمقاعد، لكنهم لمحوا الى نيتهم خرق العرف الطائفي في انتخاب رئيس المجلس النيابي، وسيلتزمون بالتوزيع الطائفي فيما يتعلق بمنصب نائب الرئيس، ويظهر يوم الثلاثاء مدى جدية هؤلاء في المضي بالعبث، الذي يتلفح بمزاعم إلغاء الطائفية بينما يخفي نعرة طائفية خبيثة، وسيظهر حجم المتأثرين بهذا العبث والذين سينضمون إليه، بينما بين أيديهم لإثبات جدية التمرد على الطائفية البدء بتشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية المنصوص عليها في الدستور، ومراقبة تطبيق نص المادة 95 من الدستور لجهة منع تخصيص طوائف بوظائف الفئة الأولى كقائد الجيش وحاكم مصرف لبنان ورئيس مجلس الإنماء والإعمار ورئيس الهيئة العليا للإغاثة، ورئيس مجلس الجنوب، ويبقى الاختبار الأهم في مدى صدقية هؤلاء النواب في السير بتطبيق المادة 22 من الدستور لجهة انتخاب مجلس نيابي خارج القيد الطائفي وتشكيل مجلس للشيوخ.

الاختبار الثاني سيكون في انتخاب نائب رئيس مجلس النواب، بعدما عبر رئيس السن نبيه بري كمرشح وحيد لرئاسة المجلس عن عدم ربطه لتحديد موعد جلسة الانتخاب بعدد الأصوات التي سينالها، وترك الأمر لتشاور الكتل النيابية، خصوصاً لجهة الترشيحات لمنصب نائب الرئيس، حيث ستظهر العملية نتائج تتصل بصدقية ما أعلنته الكتل، فالقوات اللبنانية التي أعلنت امتلاك أكثرية نيابية ستواجه اختبار قدرة الفوز بمنصب نائب الرئيس لمرشحها غسان حاصباني وتجرئه على إعلان ترشحه، حيث الهروب من الترشح علامة كافية على توقع الفشل، ثم امتحان تبني ترشيح نائب من المستقلين الذين يشكلون الأكثرية المفترضة مع القوات، فإن حصل سيظهر حجم التصويت الذي يناله حجم الكتلة الأوسع التي سيظهر أنها لا تملك الأكثرية، وسيظهر حجمها الفعلي، والهروب علامة كافية لإثبات الفشل، كذلك الامتحان سيكون لنواب التغيير ومدى قدرتهم على تشكيل كتلة موحدة كثر الحديث عنها، والامتحان البسيط هو قدرتهم على الاصطفاف وراء مرشح واحد، والامتحان أيضاً سيكون لما تم تداوله عن تكتل للنواب المستقلين يدعم ترشيح النائب سجيع عطية وحجم هذا التكتل وقدرته على إقامة تحالفات في ظل إعلان عطية عن التوجه للتصويت للرئيس بري في انتخابات رئاسة المجلس النيابي، والامتحان أيضاً سيكون لكتلة التيار الوطني الحر التي لم تعلن رسمياً ترشيح أيّ من أعضائها لمنصب نائب الرئيس رغم التداول بحسم ترشيح النائب الياس بوصعب، وفي حال إعلان ذلك رسمياً سيكون الامتحان لتظهير التحالفات التي سينسجها التيار لضمان فوز بوصعب، مع تأكيده عدم التصويت لبري، وماذا سيكون موقف نواب ثنائي حركة أمل وحزب الله؟

مالياً، كان الحدث بقفز سعر صرف الدولار الى سعر 37 الف ليرة بعد ظهر أمس وتسارع صعوده، في ظل توقعات ببلوغه الأربعين ألفاً، قبل أن يصدر حاكم مصرف لبنان رياض سلامة تعميماً يفتح فيه الباب للمصارف لبيع الدولار لزبائنهم بسعر صيرفة، واستعداد مصرف لبنان لتزويدهم بالدولارات اللازمة، وقياساً بكون سعر صيرفة دون الـ 24 الف ليرة، هبط سعر الصرف خلال دقيقة واحدة من 37 الف ليرة الى 28 الف ليرة بنسبة 25%، على وعد تعميم يبدأ تطبيقه الاثنين، كاشفاً أن بيد مصرف لبنان القدرة على التحكم بسعر الصرف، فمن يملك قدرة التخفيض بالتدخل، كان يملك قدرة التصعيد بعدم التدخل.

 وبعد الارتفاع الجنوني والقياسي وغير المسبوق بسعر صرف الدولار في السوق السوداء على مدى الأيام القليلة الماضية وبلوغه أمس حدود الـ38 ألف ليرة للدولار الواحد، سجل «الدولار» انخفاضاً كبيراً، ليبلغ عصر أمس 31000 ليرة لبنانية. وذلك بعد تدخل المصرف المركزي عبر تعميم أصدره حاكم المصرف رياض سلامة طلب خلاله من جميع حاملي الليرة اللبنانية من مواطنين ومؤسّسات ويريدون تحويلها إلى الدولار الأميركي، التوجه الى المصارف اللبنانية الاثنين المقبل عبر  «SAYRAFA» .

وتوجّه سلامة عبر التعميم إلى “جميع حاملي الليرة اللبنانية من مواطنين ومؤسّسات ويريدون تحويلها إلى الدولار الأميركي، بناءً على التّعميم رقم 161 ومفاعيله، وعلى البنود رقم 75 و83 من قانون النقد والتسليف، التقدّم بهذه الطّلبات إلى المصارف اللبنانية ابتداءً من يوم الاثنين المقبل وذلك على سعر «SAYRAFA»، على أن تتمّ تلبية هذه الطلبات كاملةً في غضون 24 ساعة”. وأوضح أنّ “هذا العرض مفتوح ومتاح يوميًّا”. وطالب سلامة المصارف بالفتح الاثنين والثلاثاء والأربعاء حتى السادسة مساء لتلبية حاجة المواطنين من الدولارات.

ويُعد هذا التراجع بسعر الصرف الأكبر والأسرع خلال يوم واحد. ما يرسم علامات استفهام حول أسباب هذا الارتفاع المفاجئ والسريع من جهة وقدرة حاكم مصرف لبنان على لجمه بوسائل متعدّدة، فيما لم يحرك ساكناً خلال أيام عدة وسط غياب كامل من الحكومة والأجهزة المالية والقضائية والأمنية المعنية من جهة ثانية؟ ما رسم مشهداً قاتماً أعطى رسالة للبنانيين بأنهم متروكون لمصيرهم من دون حسيب ولا رقيب لقمة سائغة لمافيات الدولار وتجار الأزمات وعصابات التشليح والسرقة والقتل، وكأن الانهيار الكبير قد بدأ فعلاً بعدما وعدوا قبل الانتخابات بمرحلة جديدة مفتوحة على إنجاز سريع للاستحقاقات وحكومة وسلطة جديدة لمعالجة جدية للأزمات وخفض سعر صرف الدولار، كما بشر رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع!

ويشير خبراء في هذا الإطار إلى أن ارتفاع سعر صرف الدولار غير طبيعي لوجود توازن بين سعر صيرفة وحجم مبيع الدولار في السوق، لكن بعض المصارف التي تعتزم إقفال فروعها في قبرص والعراق ودول أخرى عمدت إلى لمّ الدولار من السوق بشكل كبير ما رفع الطلب على الدولار، وبالتالي ارتفاع سعره عبر التطبيقات الالكترونية، وهذا ما دفع بالبائعين اليوميين للدولار الى عدم بيعه طمعاً ببيعه على أسعار أعلى، ما سبب خللاً بين الطلب على الدولار والكميات المعروضة. وتوقع الخبراء أن يدفع هذا التعميم الناس لبيع الدولار حتى نهار الاثنين قبل انخفاض سعره للحصول على كميات من اللبناني لصرفها على منصة صيرفة وفق التعميم للحصول على الدولار، وحتى الاثنين سيكون الدولار قد أكمل دورة انخفاضه الى حوالي 24 ألف ليرة أي الى حدود سعر صيرفة، ويكون مصرف لبنان قد لمّ دولارات الناس من السوق بسعر متدنّ ليستخدمها في تعزيز احتياطاته وحل أزمة بعض المصارف الكبرى وتسديد بعض الفواتير السياسية.

ولفتت جهات مطلعة على أوضاع السوق المالي والتجاري لـ”البناء” الى أن “تعميم مصرف لبنان سيؤدي الى مزيد من هدر لأموال المودعين لغايات سياسية – مصرفية، ومفاعيله لن تخدم أكثر من أسبوع أو أسبوعين ليعود الدولار الى الارتفاع مجدداً، وبالتالي دخول سعر الصرف في حلقة مفرغة من دون أية خطة مالية ومصرفية واقتصادية واضحة. وربطت الجهات تدخل سلامة على خط الدولار وبين الصراع السياسي الداخلي والخلاف الحاد حول الاستحقاقات المقبلة وتجميد الملف القضائي المتعلق برياض سلامة وشقيقه رجا سلامة. ولفتت الجهات الى أن “لا استقرار بأسعار الصرف ولا في السوق الاستهلاكية في ظل الجو السياسي السائد والخلاف السياسي الذي يشمل مختلف الاستحقاقات والملفات بين القوى السياسية لا سيما أن المجلس النيابي الجديد يحتوي على كتل متنوّعة وذات انتماءات وتوجهات متعددة، ما يصعب التوافق على حلول للأزمات”. كما حذرت الجهات من استغلال التجار لهذا الفارق الكبير بأسعار الصرف لتحقيق أرباح خيالية. متوقعة عدم تراجع الأسعار في الأسواق الاستهلاكية بنسبة انخفاض الدولار نفسها إذا لم تسارع وزارة الاقتصاد والأجهزة الرقابية والأمنية المعنية للنزول الى السوق والقيام بواجبهم الرقابي وإجبار التجار على خفض الأسعار.

وكان وزير الاقتصاد والتّجارة في حكومة تصريف الأعمال أمين سلام، أعلن خلال إطلاق “المجلس الوطني لسياسة الأسعار”، أنه سيدعو “بشكل طارئ إلى اجتماع لهذا المجلس، لأنّنا اليوم في حالة طوارئ وما فينا نكفّي هيك”.

وعلق وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال يوسف خليل على الفوضى في سوق الدولار، مشيراً الى أنّ “هناك أمرًا غير طبيعي في حجم الفارق بين سعر صيرفة وسعر الصرف في السوق السوداء”، شارحًا أنّ “عمليات الصرف في السوق السوداء لم يتجاوز حجمها مؤخرًا الخمسة ملايين دولار يوميًا، فيما يتعدى حجم التداول على منصة “صيرفة” عشرات ملايين الدولارات يوميًا”.

وأشار الخليل إلى أنّ “التطورات العالمية في زيادة أسعار السلع الأساسية عالميًا، وعدم حصول أي تبدل في ميزان المدفوعات والميزان التجاري في لبنان، لا يبرر هذا الفرق في سعر الصرف على منصة صيرفة والسوق السوداء”، مرجحًا مساهمة عوامل مختلفة لخلق هذا الفارق الكبير، “ربما لأسباب سياسية وتجارية” أو “لخلق حالة هلع في الأسواق”.

وأكّد أنّ “وزارة المالية قامت بالشراكة مع المؤسسات الدولية المالية بمختلف تقنياتها بمحاكاة لسعر الصرف، وجميعها تطابقت مع سعر الصرف المحدد من منصة صيرفة إلى حد كبير”، مؤكدًا أنّ “شح توافر الليرة اللبنانية وتوافر الدولار بشكل متزايد يفترض أن يؤدي الى نتائج عكسية، تؤدي الى انخفاض سعر صرف الدولار، وعليه فإن انفلاته بهذا الشكل هو أمر غير طبيعي مما يزيد من فرضية إقدام البعض على خلق هذه الفجوة”.

وكان اللبنانيون أمس، عاشوا يوماً كاملاً من حرب “حرق الأعصاب” بسبب “بورصة الدولار” الذي واصل ارتفاعه التدريجي قبل ظهر أمس بوتيرة سريعة ومريبة، ما انعكس على كامل مفاصل الحياة اليومية. وسادت أجواء من القلق والذهول على المشهد العام وعلى المواطنين الذين اكتووا بلهيب الأسعار، لا المحروقات مع عودة الطوابير الى المحطات التي أقفل بعضها في عدد من المناطق.

وفيما استقرّ سعر البنزين بنوعيه 95 و98 أوكتان، ارتفع سعر المازوت 30 ألف ليرة وسعر الغاز 24 ألف ليرة، وفق جدول تركيب الأسعار الصادر عن وزارة الطاقة والمياه. وأقفلت معظم محطات المحروقات صباح أمس في بيروت والضواحي.

وأوضح عضو نقابة أصحاب محطات المحروقات جورج البراكس أن “استمرار المصارف في التأخّر عن تسليم الشركات المستوردة للنفط مستحقاتها بالدولار الاميركي والتي تمثل ثمن البنزين المستورد وفق “منصة صيرفة” وللأذونات المسبقة من مصرف لبنان، سينتج منه استمرار التقنين بتسليم هذه الشركات كميات البنزين للسوق المحلي وبتراجع توافر هذه المادة للمستهلك في المحطات رغم وجود كميات غير قليلة في المستودعات في لبنان”. ومن جهته، لفت ممثل موزعي المحروقات فادي أبو شقرا إلى أنّ “البيان الذي صدر عن تجمع أصحاب المحطات، الملوّح بإقفالها، هو بيان تحذيري للمسؤولين بعد ارتفاع سعر صرف الدولار الذي يحصل يوميا، وليس بإمكاننا كأصحاب مصالح أن نلحق بأسعار الدولار، ونحن كقطاع نفط متضررون لأننا نبيع وفق سعر صرف متقلب بشكل حادّ”.

ومع ارتفاع سعر القمح عالمياً وصدور جدول اسعار جديد للمحروقات، تمّ رفع سعر ربطة الخبز الصغيرة 2000 ليرة أي من 7 الى 9 آلاف ليرة لبنانية، والمتوسطة الحجم ايضاً 2000 ليرة لبنانية أي من 13 الى 15 الف ليرة لبنانية، مع إلغاء الربطة الكبيرة.

ولفتت وكالة “فيتش” الأميركية للتصنيف الائتماني، أنّ نتائج الانتخابات في 15 أيار غير الحاسمة في لبنان، تزيد صعوبة تمكن أي معسكر من تشكيل أغلبية مستقرة مسيطرة في البرلمان”، وحذّرت، من أنّ خروج لبنان من وضع التخلف عن سداد الدين ما زال صعباً بعد الانتخابات غير الحاسمة. وأشارت الوكالة في تقرير، إلى أن “الواقع الحالي، يزيد من تعقيد قدرة البلاد على تنفيذ الإصلاحات المالية والاقتصادية، فيما مثل هذه الإصلاحات ستكون شروطًا مسبقة للحصول على دعم من صندوق النقد الدولي والشركاء الدوليين الآخرين، والذي بدوره يمكن أن يمهد الطريق لخروج لبنان من التقصير في الوفاء بالتزاماته السيادية”.

وفي سياق ذلك، نقل وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبد الله بو حبيب الذي يواصل اجتماعاته في واشنطن، عن ممثلي صندوق النقد الدولي “القلق الشديد من التطورات الاقتصادية في لبنان في المرحلة المقبلة، في ظل التراجع الكبير في احتياط العملات الصعبة لمصرف لبنان”. وشددوا بحسب بيان الخارجية على “عدم تمكن الصندوق من مساعدة لبنان من دون إقرار الإصلاحات الضرورية، والتي تعتبر أقل ما يطلبه الصندوق عادة من الدول التي ترغب في الحصول على مساعدته، خصوصاً إقرار موازنة عام 2022، وإقرار قانون الكابيتال كونترول، وتعديل قانون السرية المصرفية، وإقرار خطة استراتيجية للقطاع المصرفي تقوم على تقييم شفاف وعادل يعيد الثقة بالقطاع، وتقييم الموجودات الخارجية لمصرف لبنان”.

على خط مواز، ربطت مصادر سياسية بين تسخين الوضع الداخلي اللبناني وتفاقم الخلاف السياسي والأزمات الاقتصادية والمالية وبين تصريحات المسؤولين الأميركيين الذين كشفوا دور بلادهم بتسريع الانهيار في لبنان وفرض الحصار المالي والاقتصادي والنفطي عليه طيلة سنوات عدة، وكشفت لـ”البناء” عن توجه أميركي لتشديد الضغط على لبنان على وقع إنجاز المجلس النيابي الجديد جملة استحقاقات من انتخاب رئيس له الى تأليف الحكومة المقبلة وصولا الى استحقاق رئاسة الجمهورية، وبالتالي المطلوب أن يبقى لبنان تحت سيف العقوبات ومطرقة الضغط والتشرذم والفوضى حتى دفعه للتنازل في ملفات عدّة. وتساءلت المصادر أين الكهرباء والطاقة الذي وعدت واشنطن باستجراره من الأردن ومصر الى لبنان؟

وفي سياق ذلك، كشف الوزير بو حبيب، أنّ “هناك صعوبات تواجه نقل الغاز من مصر، أبرزها أن القاهرة تطالب بضمانات أميركية لعدم تطبيق العقوبات المفروضة على سورية سواء حالياً أو مستقبلاً، في حال توريد الغاز إلى لبنان”، لافتاً إلى أن هناك أموراً أخرى يجب على لبنان تنفيذها، ويتم التفاوض بشأنها حالياً مع القاهرة، ولذلك سيستغرق هذا الأمر وقتاً أطول من استيراد الكهرباء من الأردن”. وأعرب بو حبيب عن وجود “ارتياح قوي” بين المسؤولين الأميركيين تجاه الانتخابات التشريعية اللبنانية والتي أجريت بـ”شفافية ونزاهة”، مشيراً إلى “وجود ارتياح كذلك من وصول الحكومة اللبنانية إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي، وهذا شيء مهم بالنسبة لنا وللدول المانحة”.

وعن أزمة الحدود البحرية الجنوبية، أوضح الوزير اللبناني أن “هناك عرضاً أميركياً بعد استشارتهم لتل أبيب، ونحن اعتبرناه إيجابياً ولكن غير كافٍ، وطالبنا بزيارات مكوكية للتعجيل بحل هذه المسألة”.

وفي المواقف، سأل رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، في تصريح على وسائل التواصل الاجتماعي: “شفتوا كيف بيطلع الدولار وبينزل؟ شو بتفيد الانتخابات ونتائجها والكتل النيابية وأحجامها والرئاسة وصلاحياتها اذا موظف هو بالواقع  international crook بيلعب بالناس والبلد على مزاجه وما في قدرة على محاسبته بسبب نظام ممسوك من منظومة مشلّشة ومصرة تكفي جريمتها؟”. وأضاف باسيل: “برسم القضاء والمجلس الجديد”.

ورأى المفتي الجعفري الممتاز الشّيخ أحمد قبلان، “أنّنا أمام كارثة مرسومة ومقصودة، وهناك أوكار وقوى تتلاعب بمصير النّاس وحياتها المعيشيّة، بوجود حكومة مشلولة أو مغيّبة، فالدّولار اليوم تجاوز الـ36 ألف ليرة، واللّيرة تحوّلت مقبرةً للبلد بكلّ ما فيه، ومرحلة التفلّت النّقدي تعدّت الحدود الإنسانيّة والأخلاقيّة، فيما البعض يرفع سقفه السّياسي ويهدّد بالفراغ والشّلل، لنَسف أيّة قدرة للبلد وناسه على الصّمود”. وحذر قبلان خلال خطبة الجمعة من مشروع خارجي “لترك البلد للفراغ يعني أخذَه نحو فاجعة وطنيّة، ولا أبالغُ إن قلتُ حربًا أهليّةً، فلا بدّ من رسم ملامح المرحلة الحاليّة، لأنّ هناك مشروعًا جدّيًّا يريد سحق حضور الدّولة، تمهيدًا لمشاريع مناطقية خبيثة. ونخشى بشدّة من عرض لعبة “بروفا انفجار اجتماعي”، لأنّ هناك من هو مصمّمٌ على تحويل لبنان إلى طاحونة جوع وفوضى وفلتان وتقسيم طائفي”.

بدوره، تساءل عضو كتلة التنمية والتحرير النائب قبلان قبلان: “أين أجهزة الدولة ومؤسساتها؟ ومن المسؤول عن هذا الانهيار الكامل للعملة اللبنانية؟ فهل أنتم عاجزون عن ملاحقة ومعرفة الذين يتلاعبون بالدولار، وعاجزون عن ملاحقة المتلاعبين بصرف سعر الليرة اللبنانيّة، ولماذا لا تلاحقونهم وهم الذين يدارون من الخارج من أجل إرباك الساحة اللبنانية، الدولة وأجهزتها مسؤولة أن تلاحق هؤلاء وأن تمنعهم من التلاعب بلقمة العيش، فالبلد كجريح ينزف في الأرض، وعلينا أن نوقف النقاش السياسي وأن نذهب إلى معالجة هذا الجريح الذي هو الوطن بكل مشاكله وكل ما يعانيه وهي مسؤولية وطنية”.

في غضون ذلك، تتجه الأنظار الثلاثاء المقبل الى ساحة النجمة التي ستشهد أولى جلسات المجلس النيابي الجديد لانتخاب رئيس للمجلس ونائب رئيس وهيئة مكتب المجلس، وسط حسم فوز الرئيس نبيه بري بالرئاسة بعدد أصوات يناهز الـ65 صوتاً ويزيد بحسب نتيجة الاتصالات والمشاورات المستمرة مع كتل نيابية عدة للتوصل الى توافق على نائب الرئيس.

ووفق معلومات “البناء” فإنّ تكتل “لبنان القوي” حسم أمره بترشيح النائب الياس بو صعب، لمنصب نائب الرئيس، فيما بقي على موقفه لجهة عدم التصويت لبري وقد يترك حرية التصويت لبعض الأعضاء غير المنتمين للتيار الوطني الحر.

أما لجهة حزب “القوات اللبنانية” فتقول مصادره لـ”البناء” إلى أننا “سنصوت بالورقة البيضاء في ما يتعلق باستحقاق رئاسة المجلس، وملتزمون المواصفات التي وضعناها للرئيس ونائبه، وما زلنا في طور التواصل مع القوى السيادية والتغييرية في محاولة للاتفاق معها على المواصفات التي أعلناها ليتم تجسيدها بشخصية معينة، والاتصالات مفتوحة للوصول الى تفاهم، لكن لغاية اللحظة لا مؤشرات على حصول تفاهم”. ونفت المصادر أن تكون “القوات” قد رشحت أية شخصية لمنصب نائب رئيس المجلس وبالتالي لم ترشح النائب غسان حاصباني، بل وضعنا مواصفات ونعمل للتوصل الى اتفاق مع القوى التغييرية”.

وأمام تمسك التيار الوطني الحر بموقفه رفض أي تفاهم مع بري، ووسط صعوبة توافق كتلة “القوات” مع قوى “المجتمع المدني” الذي بدوره لم يتفق على اسم حتى الساعة، فإن أسهم عضو كتلة نواب عكار النائب سجيع عطيه ترتفع كمرشح توافقي يحظى بقبول معظم الكتل النيابية، وفق معلومات “البناء”، وتجري مشاورات على هذا الصعيد قد تؤدي الى تفاهم بين الرئيس بري والنائب عطية لمقايضة الأصوات في استحقاقي الرئاسة والنيابة لكون النائب عطيه ينضوي ضمن كتلة نيابية من 5 نواب وقد تتوسع لتشمل عدداً من نواب عكار وطرابلس لتصبح 10 نواب. ويذكر أن عطية أعلن ترشحه كمرشح وسطي ومستقل وقد يفتح التوافق عليه باب الحل لأزمة نائب الرئيس. كما تم التداول باسم النائب غسان السكاف كمرشح توافقي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى