أولى

دلالات التصعيد الأميركيّ الإسرائيليّ

 لم يتغيّر الوضع الأميركي الإسرائيلي إلى الأفضل لجهة القدرة على التفكير بشنّ الحروب، كي تكون مشاهد التصعيد التي نشهدها، من التعامل الأميركي في ملف التفاوض النووي مع إيران، وملاحقة واشنطن لثروات إيران وشركاتها، من حجز النفط في اليونان إلى حجز الطائرة في الأرجنتين، الى التصعيد التركي والإسرائيلي غير المسبوقين في سورية، الى اللغة العالية السقوف عسكرياً من جانب المسؤولين الإسرائيليين تجاه إيران خصوصاً، بالتزامن مع الحديث عن حلف دفاعي خليجي إسرائيلي في مجالات الحركة المضادة للصواريخ بصورة خاصة، فما الذي تغيّر؟

ما يجري بعد حرب أوكرانيا لجهة تراجع القدرة الأميركية على التعامل مع ملفات المنطقة بمكانة الأولوية ذاتها، يستدعي أن نشهد تراجعاً في لغة التحدي والتصعيد، وفي الحقيقة شهدنا ذلك في الشهور الأولى لهذه الحرب، لكن في الحقيقة أيضاً فإن الفشل الأميركي والغربي المزدوج في حرب أوكرانيا، سواء لجهة تحويلها إلى مصدر استنزاف عسكري لروسيا يمنعها من تحقيق إنجازات ميدانية متدحرجة، عبر الرهان على صمود الجيش الأوكراني من بوابتي التمويل والتسليح، أو لجهة تحويل العقوبات إلى مصدر انهيار دراماتيكي لركائز الاقتصاد الروسي من بوابة النظام المصرفي وسعر صرف الروبل، خلق تحديات جديدة أمام السياسة الأميركية، أبرزها خطر تحول روسيا الى قطب جديد فاعل في السياسة الدولية من جهة، وتداعيات أزمة الطاقة التي نجمت عن المعاناة الأوروبية تحت وطأة الارتهان للغاز الروسي من جهة أخرى، وظهرت دول الخليج مجدداً، والسعودية في طليعتها، كعلامة بارزة لهذه التحديات.

 بدأت دول الخليج، والسعودية خصوصاً، تتصرف على قاعدة البحث عن تموضع خاص تحسباً للمتغيرات المقبلة، فلم تستجب لطلبات المشاركة في العقوبات على روسيا، وسارعت لتثبيت وتجديد الهدنة في اليمن، ومضت قدماً في الانفتاح التفاوضي على إيران، التي كانت واشنطن تمضي قدماً نحو التفاهم معها، طلباً لتسريع عودتها الى سوق النفط والغاز، بينما سارعت دول الخليج الأخرى للانفتاح على سورية، من خارج السياق الأميركي، كبوليصة تأمين للمرحلة الجديدة دولياً وإقليمياً، فجاءت الحملة الأميركية الإسرائيلية التركية الجديدة لتقول دول الخليج، عشية زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن، الهادفة لتأمين ضخّ المزيد من النفط الخليجيّ في الأسواق، وترتيب العلاقات الخليجية الإسرائيلية، لتقول لدول الخليج إن أميركا وحلفاءها لا زالوا الأقوى في المنطقة، وإن لا مبرّر للهرولة نحو الخصوم، فهل تشكل ردود إيران وسورية وقوى المقاومة عوامل تعطيل لهذه المناورة؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى