مانشيت

وول ستريت: الغارات على سورية بعلم واشنطن… تل أبيب لحكومة شراكة بين بينيت ونتنياهو/ السنيورة يخسر الفرصة قبل أن يحصل عليها… وجنبلاط يحتفظ بالغموض وقلبه مع ميقاتي/ القوات مُحبَطة بسبب تكرار تشظّي الحلفاء المفترضين… والدستوريّ يضع يده على الطعون /

كتب المحرّر السياسيّ

يطغى التمهيد لزيارة الرئيس الأميركي جو بايدن لتل أبيب والرياض على الحركة الأميركية الإسرائيلية المنسّقة، سواء في ملف الغاز والنفط العالق مع لبنان، وتلبية الطلب الأوروبي الملح، والدور الأميركي المتماهي مع الموقف الإسرائيلي، رغم تقدير المخاطر المترتبة على تجاهل موقف لبنان وطلباته، خصوصاً بعد تهديدات المقاومة لأمن الاستخراج من بحر عكا ما لم ينل لبنان حقوقه، وكذلك في الغارات الإسرائيلية على سورية، التي كشفت صحيفة وول ستريت جورنال نقلاً عن مسؤولين أميركيين، أنها تحظى بالتنسيق والتفاهم بين واشنطن وتل أبيب، ووفق مصادر متابعة للمواجهة الدائرة حول الاتفاق النووي مع إيران بين واشنطن وطهران من جهة، والتصعيد الأمني الإسرائيلي الإيراني من جهة موازية، يبدو أن كل ذلك يهدف لتبديد الأجواء الإيجابية التي رافقت مفاوضات فيينا وأوحت بقرب التوصل إلى الاتفاق بين واشنطن وطهران، وتبديد الأجواء التي أوحت بعد الانسحاب الأميركي من أفغانستان، وبعد الحرب في أوكرانيا، لجهة تراجع الحضور الأميركي في المنطقة، وما نجم عن كل ذلك من مؤشرات لتموضع سعودي على ضفاف تبتعد عن التطابق مع الرغبات الأميركية كما كان الحال سابقاً لعقود طويلة، خصوصاً بما أظهرته التجاذبات السعودية الأميركية حول طلبات واشنطن من الرياض ضخ كميات كبيرة من النفط في الأسواق لتغطية النقص الناجم عن العقوبات الغربية على روسيا، ورفض الرياض للاستجابة، بحيث يراد لزيارة الرئيس بايدن للرياض أن تستعيد أجواء الانضباط السعودي بالسياسات الأميركية، إذا نجحت محاولات الإيحاء بقوة الثنائي الأميركي الإسرائيلي وقدرته على فرض الوقائع في المنطقة، ومحاولات مقايضة هذه الطلبات الأميركية بالتزام أميركيّ بتغطية انتقال العرش السعودي الى ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

بالتوازي تتسارع التطورات داخل الكيان، رغم الإيحاءات الإيجابية التي يقدمها الاتفاق مع أوروبا لبيع الغاز، والذي تباهت به حكومة نفتالي بينيت، فيطفو على السطح الحديث عن انهيار حكومة بينيت بسبب فقدانها الأغلبية بين نواب الكنيست والاستعداد لانتخابات مبكرة، ما يعرّض كل الخطط المطروحة للإرباك. وعلى هذا الصعيد اشارت هيئة البث الإسرائيلية الى فرضية نشوء تحالف جديد بين بينيت وبنيامين نتنياهو لضمان تشكيل ائتلاف حكومي جديد يحظى بأغلبية وازنة كبديل عن المخاطرة بالانتخابات.

لبنانياً يتقدّم ملف تسمية رئيس الحكومة الجديد، مع بدء العد التنازلي للكتل النيابية لحسم مواقفها من التسمية، وفيما يبدو الرئيس نجيب ميقاتي متقدماً لصفوف المرشحين، وأوفرهم حظاً بدعم من ثنائي حركة أمل وحزب الله والمردة وعدد من النواب المستقلين يتقدمهم نواب قدامى تيار المستقبل بتشجيع من الرئيس سعد الحريري، بما يضمن له أكثر من 50 صوتاً، رغم حسم التيار الوطني الحر لعدم التصويت لميقاتي، في ظل مواظبة نواب اللقاء الديمقراطي على الغموض، رغم تأكيد مصادر نيابية أن النائب السابق وليد جنبلاط سيمنح تأييده لترشيح ميقاتي، بعدما يستنفد مع الحلفاء المفترضين في صيغة المعارضة، التداول في التسميات وصعوبة السير بها. وفي هذا السياق تضع المصادر الحوار بين الحزب التقدمي الاشتراكي وحزب القوات اللبنانية، بينما تبدو القوات محبطة من حوارها مع نواب الـ 13 الذين قدّموا إشارة سلبية بعدم طلب إدراجهم ككتلة واحدة في الاستشارات النيابية في قصر بعبدا، وإصرارهم على الذهاب منفردين كنواب مستقلين، وزاد إحباط القوات خصوصاً بعدما فشلت محاولة الرئيس فؤاد السنيورة طرح اسم الوزيرة السابقة ريا الحسن في التداول، ثم سحبه لطرح اسمه شخصياً من بوابة زعم امتلاكه كتلة من 7 نواب منهم نائب قواتي ونائبان اشتراكيان، ليتلقى الضربة القاضية بتغريدة من أمين عام تيار المستقبل أحمد الحريري، قال فيها مرفقاً صورة السنيورة، “يكابر الخاسر الأوّل في ​الانتخابات النيابية​ في الإعلان عن خسارته… ويحاول التّذكير بأمجاد غابرة من كيس غيره”.

على الصعيد النيابي أقفلت مهلة قبول الطعون بنتائج الانتخابات النيابية لدى المجلس الدستوري، الذي استقبل 15 طعناً، يرجّح أن يكون بينها أكثر من ثلاثة طعون جدية، بسبب الفوارق الضئيلة بعشرات الأصوات بين اللائحة الفائزة واللائحة التي خسرت مقعداً بفارق الكسور.

بعدما حدّد رئيس الجمهورية ميشال عون موعد الاستشارات النيابية الملزمة، تكثفت الاتصالات والمشاورات بين الكتل النيابية والقوى السياسية لتحديد خياراتها من استحقاق تكليف رئيس لتأليف الحكومة، ومن المتوقع أن تتبلور المواقف مطلع الأسبوع المقبل.

ولفتت مصادر بعبدا وفق وسائل إعلام إلى أن “رئيس الجمهورية العماد​ أعطى مزيداً من الوقت للكتل النيابية للوصول الى قرارات بشأن التكليف في ظل مجلس نوّاب متشظٍّ، لأنه يريد التأليف وليس التكليف الأبدي”، وتنفي المصادر بأن يكون بصدد عقد لقاءات مع الكتل النيابيّة قبل يوم الخميس.

واستقبل رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة عضوي اللقاء الديموقراطي النائبين وائل أبو فاعور وأكرم شهيب موفدين من رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط في إطار التشاور بين برّي وجنبلاط في الملف الحكومي.

ووفق معلومات “البناء” فإن الرئيس بري سيلعب دوراً محورياً في المشاورات في استحقاق التكليف أكان ضمن فريق ثنائي أمل وحزب الله وقوى 8 آذار ومع رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر، أو هذا الفريق وقوى 14 آذار والرئيس سعد الحريري للتوصل الى أكثرية لتكليف رئيس للحكومة. وتشير المعلومات إلى أن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي لا يزال الأوفر حظاً في ظل الدعم الذي يتلقاه من كتل التنمية والتحرير وتكتل إنماء الشمال وتيار المردة وكتل أخرى وعدم ممانعة من حزب الله مع إمكانية تسميته من كتلة الوفاء للمقاومة إن تم الاتفاق بين الثنائي على دعم ميقاتي بالتنسيق مع التيار الوطني الحر أو مع جنبلاط، لكن الأخير وفق المعلومات لم يحسم قراره بانتظار نتيجة المشاورات مع القوات اللبناني والموقف النهائي للسفارتين الأميركية والسعودية في لبنان، وما إذا كان التوجه الأميركي – السعودي هو توحيد موقف القوات والكتائب والاشتراكي وقوى التغيير على اسم واحد للتكليف، أم يترك الخيار لكل كتلة على حدة وفق توجهها ورؤيتها. ويتردد في الأوساط السياسية عدد من الأسماء كعامر البساط ووزيرة المالية السابقة ريا الحسن المدعومة من الرئيس فؤاد السنيورة والتي لا يمانع تكليفها الرئيس سعد الحريري، كما أعيد طرح اسم نواف سلام.

ولفتت مصادر المعلومات الى أنه “حتى هذه اللحظة لا قرار للقاء الديموقراطيّ بشأن اسم رئيس الحكومة ولا شكلها”، ولفتت الى أن جنبلاط​ ممتعض من أداء ميقاتي​ بموضوع عدم التزامه بتحقيق الإنجازات التي وعد بها وأهمها ​صندوق النقد​ وملف الكهرباء.

 وبرزت الحركة الدبلوماسية اللافتة للسفيرتين الاميركية في لبنان دوروثي شيا والفرنسية آن غريو في اتجاه القوى السياسية، بموازاة الحركة الدبلوماسية للسفير السعودي في لبنان وليد البخاري الذي تزامنت عودته الى لبنان مع تحديد موعد الاستشارات وانطلاق الاستحقاق الحكومي.

وأشارت قناة “المنار”، إلى أنّ “زيارة السفير السعودي في لبنان وليد البخاري إلى دار الفتوى لها علاقة مباشرة بموضوع التكليف لرئاسة الحكومة”. ولفتت إلى أن “الرغبة السعودية بتسمية أنثوية لرئاسة الحكومة تراجعت في حين تقدّم خيارها لتسمية شخصية يرفضها على الأقل الثنائي الوطني».

ورأت كتلة الوفاء للمقاومة في بيان بعد لقائها الدوري في حارة حريك برئاسة رئيسها النائب محمد رعد أن “حال البلاد تتطلّب أكثر من أي وقتٍ مضى، تشكيل حكومة تملك صلاحية دستوريّة لاتخاذ قرارات وتعَهُّد سياسات في مختلف المرافق والمجالات، وعليه فإنّ المصلحة تقتضي بعد إجراء الاستشارات النيابيّة الملزمة لتكليف رئيس حكومة، أن يأتي التأليف في ما بعد، متناسباً مع متطلّبات المسؤوليّة والمعالجات التي تحتاجها البلاد في الظروف الراهنة”.

وفي ملف ترسيم الحدود البحرية، دعت الكتلة إلى “موقف وطني جامع وسيادي يبعث رسالة قويّة إلى “​اسرائيل”​، ويمنعها من القرصنة والاعتداء على حدودنا البحريّة وثرواتنا الوطنيّة”. واعتبرت أنّ “استجلاب “اسرائيل” للمنصّة العائمة بهدف استخراج ​الغاز​ من المنطقة المتنازع عليها هو عملٌ عدواني مُدانٌ ومرفوض، وأنّ لبنان الرسمي والشعبي معني بحماية ثرواته الطبيعيّة في البرّ والبحر ولذلك فإنّنا كلبنانيين مطالبون جميعاً بالوقوف صفّاً واحداً لتحقيق هذا الهدف الوطني ورفض أية محاولة للانتقاص من حقنا ومنع العدو من أي تطاولٍ على سيادتنا”.

وحذّرت أوساط سياسية واسعة الاطلاع عبر “البناء” من اللغة الإيجابية “المموّهة” والمخادعة التي ظهر فيها الموفد الأميركي الخاص لشؤون أمن الطاقة عاموس هوكشتاين والتي تعكس المراوغة بهدف احتواء الموقف اللبناني الغاضب إزاء استقدام الباخرة الإسرائيلية الى الخط 29 وامتصاص الغضب الشعبي والرأي العام عبر مقترحات وعروض سبق ووعد بها الأميركيون ولم ينفذوها وبقيت حبراً على ورق كتفعيل خط الغاز العربي الى لبنان عبر استجرار الكهرباء من الأردن والغاز من مصر مقابل لجم الموقف اللبناني المطالب بكامل حقوقه بالخط 23 وحقل قانا ومساحة أخرى بين الخطين 23 و29، ولجم التهديدات التي أطلقها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله باستهداف الباخرة انرجين باور في حال بدأت باستخراج الغاز من كاريش قبل ترسيم الحدود.

واستبعدت الأوساط التوصل الى حل قريب لترسيم الحدود بسبب التعنت الإسرائيلي لأسباب سياسية داخلية واقتصادية تتعلق بالحاجة الأوروبية للغاز والحاجة الأميركية لإيجاد بديل عن الغاز الروسي.

وتوقعت الأوساط ارتفاع وتيرة الضغط الأميركي – السعودي ضد لبنان على المستوى السياسي والمالي والاقتصادي والدبلوماسي عبر سلاح الدولار والضغط الاجتماعي وتحريك كافة الأسلحة المالية والسياسية للابتزاز بقضايا عدة مثل تأليف الحكومة، في ظل السعي الخارجي لتوحيد قوى المعارضة على اسم موحّد لخوض حرب التكليف به والتأليف لاحقاً للتعويض عن انتخابات رئاسة المجلس النيابي ولتأليف حكومة تضعف موقع وحضور حزب الله وحلفائه للتفرد بملف الترسيم وقضايا أساسية أخرى، كما توقعت الأوساط اشتداد الضغط على حزب الله.

فبعد إعلان الأميركيين عن مكافأة مالية لمن يدلي بمعلومات عن أحد رجال الأعمال الداعمين والممولين لحزب الله وفق الادعاء الأميركي، أصدرت غرفة الاستئناف في ​المحكمة الدولية الخاصة بلبنان​، قرار النّطق بحكم العقوبة في قضيّة المدّعي العام ضدّ المتّهمين في قضيّة اغتيال رئيس الحكومة الأسبق ​رفيق الحريري​ في 14 شباط 2005،​ حسن مرعي​ و​حسين عنيسي​.

وبرز تعليق الرئيس سعد الحريري على قرار المحكمة، إذ اعتبر في تصريح على مواقع التواصل الاجتماعي، أن “العقوبة المعتمدة في المحكمة، هي الأوضح لجهة ادانة حزب الله كجهة مسؤولة عن تنظيم الجريمة وتنفيذها، والجهة التي لا يمكن أن تتهرب من مسؤولية تسليم المدانين وتنفيذ العقوبة بحقهم. فالتاريخ لن يرحم”.

في غضون ذلك، تتجه الأزمات الحياتية الى مزيد من التعقيد في ظل التوجّه الرسمي لدولرة عدد من القطاعات والخدمات والسلع الحيوية كالبنزين، ما سيضاعف الأعباء المالية على المواطنين في ظل تدني قيمة الرواتب بعد ارتفاع سعر صرف الدولار وأسعار المحروقات والمواد الغذائية.

لكن ممثل موزّعي المحروقات فادي أبو شقرا استبعد “دولرة البنزين وفق سعر صرف الدولار في السوق السوداء، لأنّ رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أذكى من أن يبتّ بالموضوع”، محذّراً من قرار مماثل.

وأضاف أبو شقرا في حديثٍ إذاعي أنّ “أسعار المحروقات إن كانت وفق سعر “صيرفة” أم لا، فالمواطن لم يعد قادراً على تحمّلها والمؤسسات أفلست وأصحاب المحطات كما من يوزّعون لم يعد باستطاعتهم تأمين ثمن المحروقات”.

من جهته، حذر وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال عباس الحلبي المدارس التي تستوفي أقساطها من الطلاب بالعملة الأجنبية، وقال: “أصدرنا تعميماً في هذا الخصوص وحذرنا من تعامل أي مدرسة خاصة في إجبار الأهالي على دفع الأقساط بالعملة الأجنبية وسنأخذ كل الإجراءات التي يتيحها لنا القانون بهذا الموضوع”.

أما بخصوص أزمة الطحين، فنفذت نقابة عمال الأفران اعتصاماً امام سرايا طرابلس، احتجاجاً على عدم توافر الطحين للأفران، بمشاركة رئيس اتحاد نقابات العمال والمستخدمين في الشمال النقيب شادي السيد.

وفي سياق ذلك، وقع رئيس الجمهورية المرسوم الرقم 9415 تاريخ 16 حزيران 2022 القاضي بتعديل الحد الأقصى للكسب الخاضع للحسومات لفرع ضمان المرض والأمومة المنصوص عليه في المادة 68 (الفقرة 2) من قانون الضمان الاجتماعي ليصبح خمسة ملايين ليرة لبنانية. وسوف يعمل بهذا المرسوم اعتباراً من اول الشهر الذي يلي تاريخ نشره في الجريدة الرسمية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى