مقالات وآراء

لماذا يختفي الخبز العربي؟

} عمر عبد القادر غندور*

في روايات التاريخ، أنه لما اختفى الخبز في فرنسا واشتكى الشعب دعت الملكة ماري أنطوانيت الى تناول البسكويت إذا لم يجدوا الخبز!

يقول الأديب والفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو (١٧٦٥) انّ هذه الرواية غير صحيحة لأنّ الملكة ماري أنطوانيت كان عمرها آنذاك بين ١٠ و ١٢ سنة. ويقول الأديب اللبناني والمفكر والروائي والمؤرّخ أمين الريحاني انّ ارتفاع سعر الخبز كان أحد أهمّ اسباب الثورة الفرنسية، وانّ ارتفاعه كان يوازي انخفاض سعر الإنسان حتى صار أرخص من سعر ربطة الخبز! ويمضي أديبنا الكبير يقول: لم تكن ماري أنطوانيت تعلم انّ الجوع كائن سوريالي معقّد أكبر من قدرة عقلها الصغير على الفهم، ولم تعلم كيف يمكن ان يكون رغيف الخبز أهمّ من تسريحة شعرها وحقيبة يدها ومن علبة مكياجها ومرآتها التي تخبرها كلّ ليلة أنها أجمل ملكة!

من هذه المقدمة نعبر الى أزمة لبنان المتجدّدة مع ربطة الخبز، والتي أفرزت طوابير إضافية على أبواب الأفران، واشتباكات وتضارب وتلاحم، رغم انّ وزير الاقتصاد أمين سلام أكد انّ الطحين مؤمّن ولا داعي لهذا القلق؟

 ومن المؤسف جداً أن يخرج أحد رؤساء النقابات المعنية ليسفِّه كلام الوزير ويهدّد ويتوعّد بإقفال الأفران، ويخاطب الوزير بفوقية تفتقد الأدب في مخاطبة المسؤول المباشر، حتى باتت الدولة في هذا الزمن الرديء مكسر عصا.

نحن لن ندخل في تفاصيل «الأزمة» لكننا نصدق ما قاله الوزير سلام ولا نصدّق ما قاله سواه.

 وثمة سؤال نطرحه: لماذا تنقطع وتختفي ربطة الخبز العربي ولا يختفي الخبز الافرنجي؟

 ولماذا تباع ربطة الخبز العربي بقيمة وزنها، ويباع الخبز الافرنجي بالحبة وليس بقيمة وزنه؟

 ولماذا يباع إصبع الرغيف الافرنجي الواحد بخمسة آلاف ليرة لبنانية ولا يتعدّى وزنه ٦٥ غراماً او ٧٠ غراماً في أحسن الحالات، حيث تساوي الأصابع العشرة خمسين ألف ليرة!!

وارتفع سعر ربطة خبز المرقوق الى نحو ٤٠ ألف ليرة!

ولماذا لا تختفي بقية السلع المصنّعة بالطحين كالحلويات مثلاً؟

الأمر لا يحتاج الى الكثير من التفكر.

الأزمة ليست أزمة طحين، بل أزمة أخلاق وأزمة جشع وسرقات واحتكار وأسواق سوداء وأرباح خيالية تشفط ما في جيوب الناس المرهقين !

 ولم يبق من وقاحة الا أن يطلب «محتكر» صناعة الرغيف من المواطنين أن يأكلوا الكعك إذا لم يجدوا الخبز، والأسماك بدل اللحم!

 اننا باسم من نمثل نشدّ على يدي وزير الاقتصاد أمين سلام والأجهزة في وزارته آملين ان يستمرّوا في التصدّي للصوص والمحتكرين والجشعين ومستغلي الأزمات والمتاجرين بلقمة الفقراء ونثني على تغريدة الوزير سلام الذي يقول فيها: «كلامي واضح ودقيق والأرقام لا تخطئ، ودخل الى البلد قمح يكفي حاجة البلد لأكثر من شهر والاعتمادات لا تزال مفتوحة وبات ملحّاً وضع المستغلين وتجار الأزمات وسرقة المال وضرب الأمن الغذائي وراء القضبان».

*رئيس اللقاء الإسلامي الوحدوي

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى