مانشيت

ميقاتي وبوحبيب: «إطلاق المسيّرات غير مقبول»… و«نعوّل على دور الوسيط الأميركيّ» / إعلام الكيان: إخفاق جويّ في إسقاط المسيّرات… وحماية المنصّة معقدة إذا تمّ الاستهداف / وسط السجال مع التيار.. الرئيس المكلف لبركة المرجعيّات المسيحيّة لتشكيلته الحكوميّة /

كتب المحرّر السياسيّ

 استعاد الكثيرون مشهد لبنان خلال المفاوضات مع اتفاق 17 أيار، وحلّ الرئيس نجيب ميقاتي مكان الرئيس شفيق الوزان، وصار السفير عبد الله بوحبيب وزيراً، ليخرج كلاماً مشابهاً للذي كان يُقال يومها، فيكفي أن نستبدل من بيان الرئيس ميقاتي والوزير بوحبيب، كلمة المسيّرات بالعمليات، واسم هوكشتاين لنقع على بيان من بيانات تلك الحقبة، فيصير بيان الرئيس والوزير كما يلي «إننا بحثنا الوضع في الجنوب وموضوع العمليات وما أثارته من ردود فعل عن جدوى هذه العملية التي جرت خارج إطار مسؤولية الدولة والسياق الديبلوماسيّ، وخصوصاً أن المفاوضات الجارية بمساع من الوسيط الأميركي فيليب حبيب قد بلغت مراحل متقدّمة. وفي هذا الإطار يجدد لبنان دعمه مساعي الوسيط الأميركي للتوصل إلى حل يحفظ الحقوق اللبنانية كاملة بوضوح تام، والمطالبة بالإسراع في وتيرة المفاوضات. كما أن لبنان يعوّل على استمرار المساعي الأميركية لدعمه وحفظ حقوقه في ثروته المائيّة ولاستعادة عافيته الاقتصادية والاجتماعية».

وشدّد على أن «لبنان يعتبر أن أي عمل خارج إطار مسؤوليّة الدولة والسياق الديبلوماسي الذي تجري المفاوضات في إطاره، غير مقبول ويعرّضه لمخاطر هو في غنى عنها. من هنا نهيب بجميع الأطراف التحلي بروح المسؤولية الوطنية العالية والتزام ما سبق وأعلن بأن الجميع من دون استثناء هم وراء الدولة في عملية التفاوض. كما أن لبنان يجدد المطالبة بوقف الانتهاكات الإسرائيلية المستمرّة لسيادته بحراً وبراً وجواً».

مصدر الاستغراب والاستهجان لموقف الرئيس ميقاتي والوزير بوحبيب، رغم سوابق مواقفهما من حرب اليمن والحرب في أوكرانيا، نابع من كون المقاومة أبدت أشدّ الحرص على عدم الدخول على خط نقاش الخطوط المقترحة لترسيم الحدود رغم قناعتها بالخط 29، واكتفت بوضع يدها على الجرح الذي يمثله بدء الاحتلال باستخراج النفط والغاز، بحيث لا يبقى أي قيمة لما يمكن ترسيمه سواء بالخط 23 او الخط 29، واكتفت بتحديد مسؤوليتها في متابعة ما يفعله الاحتلال على مستوى استعدادات الاستخراج، ووضع الخطط لمنعها، مع اعتماد أعلى درجات التحفظ والدقة لتفادي الدخول في مواجهة، إلا عندما تصبح طريقاً وحيداً لمنع الاستخراج، ووفقاً لمصادر سياسية تواكب عمل المقاومة، فإن ما كان متوقعاً من رئيس الحكومة ووزير الخارجية إذا كانا لا يستطيعان الدفاع عما تقوم به المقاومة كحق لبنانيّ، ومطالبة الوسيط الأميركي بإعطاء الأولوية لتنفيذ تعهداته بوقف أي نشاط إسرائيليّ للاستخراج من المنطقة المتنازع عليها، فكان عليهما اتباع أسلوب الرئيس رفيق الحريري بالقول إن الحكومة لا تستطيع أن تمنع المقاومة مما تفعله طالما للبنان حقوق مسلوبة. والسؤال الذي تطرحه المصادر هو لماذا استنسخ الرئيس والوزير موقف الرئيس فؤاد السنيورة الذي قال كلاماً مشابهاً عن عمليّة الأسر قبيل حرب تموز العدوانية عام 2006، بدلاً من اختيار موقف الرئيس رفيق الحريري في مرحلة عدوان نيسان 1996، علماً أن تجربة لبنان والرئيس ميقاتي والوزير بوحبيب تحديداً مع وعود الوسيط الأميركي في قضية استجرار الغاز المصري والكهرباء الأردنية عبر سورية عمرها تجاوز السنة من الوعود الكاذبة. فكيف يصدقان الكلام عن المراحل المتقدمة للتفاوض ويسوّقان أكاذيب الوسيط ويتبنياها لإقناع اللبنانيّ بأن الأمور بخير، بينما استعدادات الاحتلال على قدم وساق، ولم يبدأ البحث الجديّ في الكيان بوقفها إلا بعد عملية المسيّرات؟

في الكيان كل التعليقات والنقاشات تدور في مكان مختلف. فالمعادلة السائدة في الإعلام وبين الخبراء واحدة، وهي من جهة أن منظومة الدرع قد أخفقت في منع المسيّرات من التحليق والتصوير والبقاء في الأجواء، وأنه لو كانت هذه المسيّرات مسلّحة ومهمتها استهداف المنصة او بوارج الحماية لتحققت أهدافها. ومن جهة مقابلة ان الدفاع عن المنصة العائمة لاستخراج الغاز ستكون مهمة معقدة وشائكة لا يمكن مقارنتها بمثيلاتها القريبة من ساحل حيفا، وصولاً للاستنتاج بأن أية هجمة مقبلة تشنها المقاومة إذا كانت مكونة من أجيال الطائرات الأكثر حداثة وقدرة التي تملكها المقاومة، فإن احتمالات النجاح بتحقيقها لأهدافها أعلى بكثير من احتمالات القدرة على منعها.

في الشأن الحكوميّ سجلت مصادر متابعة لملف التشاور بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف بتشكيل الحكومة جموداً، رافقه تصاعد سجال الرئيس المكلف مع التيار الوطني الحر، بينما بدا الرئيس المكلف نجيب ميقاتي مهتماً بتوسيع جولاته على المرجعيات المسيحيّة للإيحاء بنيل البركة لتشكيلته الحكوميّة، التي يأخذ عليها رئيس الجمهورية ميشال عون والتيار الوطني الحر استبدال وزير مسيحيّ، من الطائفة الأرثوذكسية، في حقيبة الطاقة بوزير من الطائفة السنيّة. ووضعت المصادر زيارتي ميقاتي للبطريرك بشارة الراعي ثم للمطران الياس عودة في هذا الإطار.

لا تزال عملية المقاومة بإطلاق ثلاث مسيرات فوق حقل كاريش في المنطقة المتنازع عليها وردود الفعل الداخلية والخارجية تتصدّر واجهة المشهد الداخلي، نظراً لتداعياتها على ملف ترسيم الحدود البحرية وعلى المنطقة برمتها، لا سيما أن العملية وفق خبراء في الشأن الاستراتيجي، فتحت مرحلة جديدة من المواجهة الميدانيّة بين لبنان و»إسرائيل» قد تعقبها عمليات أخرى ومسيرات عدة للمقاومة التي قد تضطر الى استهداف الباخرة اليونانية إذا لم تتوقف عن أعمال استخراج الغاز في المنطقة المتنازع عليها.

إلا أن موقف الحكومة اللبنانية الذي عبر عنه وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بوحبيب بعد لقائه الرئيس نجيب ميقاتي بالتبرؤ من العملية، حرم لبنان والموقف الرسمي  الوطني اللبناني فرصة التحصّن بموقف المقاومة واستخدام هذه الرسالة في لجم الاندفاعة الإسرائيلية نحو استخراج الغاز في كاريش والمماطلة في العودة الى طاولة المفاوضات والتوصل الى حلّ لترسيم الحدود البحرية، وفق ما تقول مصادر سياسية لـ»البناء»، التي أكدت بأن أية مفاوضات مع العدو ولو كانت بوساطة أميركية لا تستند الى قوة المقاومة لن تستطيع انتزاع حقوق لبنان.

ولفتت مصادر مطلعة على موقف حزب الله لـ»البناء» الى أن «تحرك المقاومة ميدانياً جاء بعدما تأخر الوسيط الأميركي بالحصول على الرد الإسرائيلي على المقترح اللبناني للترسيم، ورفض «إسرائيل» وقف أعمال الاستخراج في المنطقة المتنازع عليها، وبعدما اتضح للمقاومة وجود مخطط يجري تمريره وفرض أمر واقع على لبنان عبر استكمال العدو أعمال الاستخراج». وتحذّر المصادر من استغلال العدو تضعضع الموقف اللبناني بعد تصريحات وزير الخارجية»، كاشفة أن أطرافاً في الدولة، تعمل على تحييد المقاومة عن ملف الترسيم، وتجويف المعادلة التي أطلقها السيد حسن نصرالله في خطابه الأخير بضغوط خارجية.

وكشفت معلومات «البناء» أن المسؤولين اللبنانيين لا سيما ميقاتي تعرّضوا لضغوط كبيرة من الوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين ومن السفيرة الأميركية في لبنان دورثي شيا التي استنفرت هاتفياً خلال اليومين الماضيين، وذلك لدفع الحكومة والدولة للتنصل من عملية المقاومة وعدم تقديم التغطية والشرعية الرسمية لها، تحت طائلة التهديد بالعقوبات وتجميد خط الغاز العربي وتقديم المساعدات المالية للبنان.

وكان بوحبيب اجتمع مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في السراي الحكومي تم خلاله عرض مواضيع ونتائج الاجتماع الوزاري العربي التشاوري. وتطرق البحث الى الوضع في الجنوب وموضوع المسيّرات الثلاث التي أطلقت في محيط المنطقة البحرية المتنازع عليها وما أثارته من ردود فعل عن جدوى هذه العملية التي جرت خارج إطار مسؤولية الدولة والسياق الديبلوماسي، خصوصاً أن المفاوضات الجارية بمساع من الوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين قد بلغت مراحل متقدمة، وفق ما قال بوحبيب.

ولفت بو حبيب الى أن «لبنان يجدد دعمه مساعي الوسيط الأميركي للتوصل الى حل يحفظ كامل الحقوق اللبنانية بوضوح تام، والمطالبة في الإسراع في وتيرة المفاوضات. كما أن لبنان يعوّل على استمرار المساعي الأميركية لدعمه وحفظ حقوقه في ثروته المائية ولاستعادة عافيته الاقتصادية والاجتماعية».

وأضاف بوحبيب: «إن لبنان يعتبر أن أي عمل خارج إطار مسؤولية الدولة والسياق الديبلوماسي الذي تجري المفاوضات في إطاره غير مقبول ويعرّضه لمخاطر هو في غنى عنها. من هنا نهيب بجميع الاطراف التحلي بروح المسؤولية الوطنية العالية والالتزام بما سبق. وأعلن بأن الجميع من دون استثناء هم وراء الدولة في عملية التفاوض. كما أن لبنان يجدّد المطالبة بوقف الانتهاكات الاسرائيلية المستمرة لسيادته بحراً وبراً وجواً».

ورأى وزير الخارجية الأسبق الدكتور عدنان منصور لـ»البناء» أن موقف وزير الخارجية والحكومة يضعضع الموقف اللبناني ويضعفه أمام العدو الإسرائيلي، وكان الأجدى بميقاتي وبوحبيب استثمار عملية المسيّرات وقوة المقاومة كورقة قوة في المفاوضات ولفرض حقوق لبنان، واستثمار ثرواته. وتساءل على ماذا يستند الموقف اللبناني من أوراق قوة إذا لم تكن المقاومة؟ وشدّد منصور على ضرورة إعادة لملمة الموقف اللبناني وتظهير موقف موحد على خط الحدود الذي يريده لبنان والالتفاف خلف المقاومة لتشكيل جبهة للدفاع عن ثروة لبنان ضد أطماع العدو الذي سيستغلّ الخلاف الداخلي لاستكمال عملية نهب ثرواتنا، ما سيحول دون حصولنا على الخط 23 أيضاً بعدما فقدنا الخط 29.

وأفاد مصدر رفيع المستوى في «​حزب الله​«، لقناة الـ»otv»، تعليقاً على إطلاق حزب الله لـ 3 مسيرات باتجاه ​كاريش​، بأن «هذه الرسالة كان يجب أن تصل ووصلت وجاءت لتقوّي موقف الدولة اللبنانية بالتفاوض ولتذكير الإسرائيلي جيداً بأنه لا يستطيع البدء بالعمل في كاريش من دون اتفاق مع لبنان»، وشدّد على أننا «معنيون بسيادة لبنان». وأشار المصدر إلى أن «هناك رسالة وصلت من الأميركيين مفادها أن أمام لبنان مهلة شهرين لإنجاز الاتفاق حول ترسيم ​الحدود​ وخلال هذين الشهرين إسرائيل ستعمل في ​حقل كاريش​، وبعدها إن حصل اتفاق أو لم يحصل فـ»إسرائيل» ستستخرج ​الغاز​ من كاريش»، متسائلاً: «ألا تمس هذه الرسالة السيادة اللبنانية؟».

وأثارت عملية المقاومة حالة من القلق والرعب والارتباك لدى الحكومة والجبهة الداخلية الإسرائيلية، إذ أفادت وسائل إعلام «إسرائيلية»، نقلاً عن ​تحقيق​ داخلي لجيش الاحتلال، بأن «سلاح الجو أخفق في إسقاط مسيرات أطلقها ​حزب الله​ نحو منطقة كاريش».

ويشير الخبير العسكري والاستراتيجي الدكتور هشام جابر لـ»البناء» إلى أن «المسيّرات الثلاث تحمل رسائل شبه عسكرية، وقد تقصّدت المقاومة في بيانها ذكر أن المسيّرات غير مسلحة، أيّ أنها عملية تذكيرية فقط في الوقت الضائع خلال الشهرين المقبلين في ظل غياب أي جواب من الوسيط الأميركيّ من الحكومة الإسرائيلية على المقترح اللبناني واحتمال أن تستغل «إسرائيل» الوقت الضائع وتبدأ الباخرة اليونانية باستخراج الغاز في أيلول المقبل». ويعتبر بأن الرسالة وصلت وأحدثت حالة من الهلع التي أصابت الكيان. وهذا ما عكسته مقاربة الإعلام الإسرائيلي للحدث. وكذلك بيان جيش الاحتلال الذي اعتبر أن «حزب الله يقوّض استراتيجية «إسرائيل» في البر والجو والبحر».

وتوقع جابر أن تفعل رسالة المقاومة فعلها بتراجع «إسرائيل» عن أعمال الاستخراج، لأن الشركات ستخرج من المنطقة المتنازع عليها عندما تصبح منطقة توتر وغير آمنة، لا سيما أن حزب الله بحسب جابر سيُتبع رسالته الأولى برسالة أكثر جدّية مثل مسيّرات مسلحة قد تقترب أكثر من باخرة الاستخراج، أما بحال لم توقف الشركة وتبتعد عن المنطقة، فقد يبادر الحزب الى توجيه ضربة لها من دون إشعال حرب. ولا يستبعد جابر إرسال الحزب غواصات بحرية صغيرة لاستطلاع المنطقة الجيولوجية والحركة الإسرائيلية في حقل كاريش، ويتوقع جابر مفاجآت لدى المقاومة ستكشف عنها في الوقت المناسب.

على صعيد الملف الحكوميّ لم يخرج من دائرة المراوحة منذ اللقاء الأخير بين رئيسي الجمهورية ميشال عون والحكومة المكلف نجيب ميقاتي، إذ استمر الخلاف على حجم الحكومة التي يريدها عون ثلاثينية بهدف أوسع تمثيل نيابي وسياسي، فيما يتمسك ميقاتي بحكومة من 24 وزيراً، لكن وزارة الطاقة هي إحدى العقد الأساسية التي تعرقل التأليف وفق مصادر مواكبة للمشاورات الحكومية، علماً أن ميقاتي طرح على عون وفق المعلومات الإبقاء على الطاقة مع التيار الوطني الحر شرط تغيير الوزير الحالي وليد فياض. لكن وفق معلومات «البناء» فإن الاتصالات مستمرة بين عون وميقاتي مع تحرّك وسطاء على الخط للتوصل الى صيغة حكومية مشتركة وحلحلة بعض العقد الأساسية.

وكشف ميقاتي أنه سيزور رئيس الجمهوريّة خلال اليومين المقبلين.

وإذ يتمسك عون بالتوازن الطائفي والسياسي والميثاقية في أية حكومة جديدة، لفت مصدر في التيار الوطني الحر لـ»البناء» الى أن التيار لا يتمسك بوزارة الطاقة لكن من حقه الاحتفاظ بها أسوة ببقية الأطراف التي احتفظت بحصصها.. فلماذا لم تشمل المداورة بقية الطوائف والأحزاب؟ مشددة على أن التيار منفتح على النقاش وهو مسهّل للحل ولن يقف حجر عثرة أمام اتفاق عون وميقاتي. ونفى المصدر اتهام التيار بربط وزارة الاقتصاد بالطاقة.

في المقابل أوضح النائب السابق نقولا نحاس أنّ «المُداورة في الحقائب الوزاريّة ليست بالأشخاص بل بالنتيجة، لأن رئيس الحكومة مسؤول عن حكومته وعندما يرى أن وزيراً لا يستطيع إدارة وزارته بالشكل المطلوب، فإنه من الطبيعي استبداله». وفي حديثٍ إذاعي، قال نحاس «لا بدّ من أن يصل الشريكان في التأليف إلى حلّ وعندما تكون الخيارات ضيّقة فيجب الذهاب نحو الممكن وهو الحفاظ على التركيبة الحالية مع استبدال الوزراء الذين هناك خلاف معهم». وتابع: «ربّما تكون هناك أمور شخصية أدّت إلى استبدال وزير المال يوسف الخليل بالنائب السابق ياسين جابر، ولكن هناك علاقة جيدة ومحبة بين الخليل والرئيس ميقاتي».

وإذ لا تجد جهات سياسية داخلية وخارجية مصلحة بتأليف حكومة في العهد الحالي لإخراج عون من قصر بعبدا تحت ضغط وصورة تحميله المسؤولية الكاملة عن خراب البلد ولصق السبب بتحالفه مع حزب الله، تسعى الجهات نفسها الى محاولة تأمين توافق على انتخاب رئيس للجمهورية قبل تأليف الحكومة ضمن تسوية تشمل الاستحقاقين معاً، ويجري استطلاع موقف المراجع المسيحية إزاء إمكانية اتفاق المسيحيين على رئيس على غرار ما حصل في الاستحقاق الماضي.

وظهر الربط واضحاً بين تأليف الحكومة وانتخاب رئيس للجمهورية بموقف رئيس حزب القوات سمير جعجع الذي فتح أمس باب النقاش والجدل حول الأسماء المرشحة للرئاسة، إذ علق على فرضية وصول مرشح من قوى 8 آذار إلى الرئاسة، بالقول: «إذا لم تتوحّد المعارضة فثمة خطر فعلي إذا نجح فريق 8 آذار بإيصال رئيس للجمهورية، أيا كان اسمه». وتابع: «لذا فإن الخطوة الأهم والتي يفترض القيام بها في أقرب وقت ممكن، هي توحيد المعارضة.. فإذا توحّدت المعارضة على مرشح واسم واحد لرئاسة الجمهورية فإن هذا التوجه يحمينا من رئيس تابع لـ 8 آذار». وأضاف «إذا أجمعت المعارضة على وصولي إلى رئاسة الجمهورية، فإن كل شيء سيتغير، وضعنا ليس مستحيلاً».

ولفتت حركة ميقاتي باتجاه المرجعيات الروحية المسيحية في أعقاب عملية تأليف الحكومة وفي ضوء الخلاف المستعر مع رئيس الجمهورية، فغداة زيارته الديمان السبت الماضي ولقائه البطريرك الماروني مار بشارة الراعي، زار ميقاتي أمس، متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عودة في دار المطرانية.

في غضون ذلك، استيقظ اللبنانيون على صفعة مالية جديدة مع دخول قرار زيادة تعرفة الاتصالات والانترنت حيّز التنفيذ ما سيخلف انعكاسات سلبية على المستويين الاجتماعي والاقتصادي، ويقضم ما تبقى من مال ورواتب في جيوب المواطنين التي أفرغتها سياسة رفع الدعم الكامل التي انتهجتها حكومة ميقاتي منذ وصولها حتى الآن.

وفيما تفاجأ المواطنون بفقدانهم الدولارات و»الجيغابايت» التي كانت في هواتفهم بسبب تحويلها الى الليرة اللبنانية على السعر الرسمي للدولار، فيما جرى تسعير جدول الأسعار الجديد لخدمات الاتصالات على سعر صيرفة 25200 ليرة، أشبه بالسرقة الفاضحة، انشغل المواطنون بقراءة جدول التسعيرة الجديدة لكافة خدمات التشريج وسط ذهول من أسعارها المرتفعة.

وإذ حذّر خبراء اقتصاديون عبر «البناء» من تداعيات القرار على النشاط الاقتصادي والاجتماعي وعلى قدرة المواطنين على تعبئة هواتفهم، وارتفاع كلفة خدمة الاتصالات في الشركات وارتفاع إضافي في مختلف السلع والخدمات الأخرى، حملت مصادر سياسية وزير الاتصالات والحكومة مجتمعة مسؤولية اتخاذ قرار كهذا تمّ تهريبه قبل يومين من تحول الحكومة الى تصريف أعمال، مشيرة الى أنه يأتي في سياق مخطط لرفع الدعم الشامل عن كافة السلع والخدمات والمواد الغذائية والأدوية استجابة لشروط صندوق النقد الدولي الذي لم يقدّم أي دولار الى لبنان حتى الآن.

(وتحولت جلسة لجنة الاتصالات والإعلام التي عقدتها أمس في مجلس النواب برئاسة النائب إبراهيم الموسوي وحضور وزيري الاتصالات والإعلام الى مساءلة واستجواب، لوزير الاتصالات بسبب قراره رفع تعرفة الاتصالات.

ولفت الموسوي الى أن «قرار رفع التعرفة جرى اتخاذه في مجلس الوزراء مع تحفظ البعض. وهنا أتحدث عن وزراء «حزب الله» الذين سجلوا تحفظاً عن هذا القرار، أريد أن أنوه بأن واقع الاتصالات شبه منهار، واذا لم تتخذ إجراءات شبه سريعة لإنقاذ هذا القطاع فسيكون الواقع أكثر صعوبة».

وقال: «نرفض أية زيادة، ونريد ان نقوم بعملية متوازنة ودقيقة لنستطيع عبرها إنقاذ هذا القطاع من الانهيار لأنه قطاع حيوي يمس كل أمور اللبنانيين. وفي الوقت نفسه، يستطيع ان يحافظ على الحد الأدنى مما يريده المواطن الذي اصبح في خبر كان نتيجة الارتفاعات الجنونية والغلاء الفاحش».

وأبدى وزير الاتصالات بحسب الموسوي «استعداده للانفتاح على أي طرح بناء وعلى أي اقتراح لتخفيف هذا العبء، حتى الآن بكل صراحة ليس هناك ما يمكن ان نقدّمه كحل لهذه الازمة، ولكن نرى انه يجب ان نجترح بأي ظرف خصوصاً للطبقات الفقيرة والقطاعات الحيوية وان موضوع الاتصالات على اساس الحياة».

ودعت كتلة قوى التغيير بعد اجتماعها في مجلس النواب الى تظاهرة شعبية اليوم احتجاجاً على رفع تعرفة الاتصالات، ملوحة باللجوء الى مجلس شورى الدولة للطعن بقرار وزير الاتصالات.

وشهد عدد من أحياء العاصمة بيروت والبقاع والشمال سلسلة تحركات شعبية وقطعاً للطرقات بالإطارات المشتعلة وحاويات النفايات، احتجاجاً على تردي الأوضاع المعيشية وارتفاع أسعار الاتصالات والمحروقات والأدوية وانقطاع الكهرباء والمياه.

وبرزت بقعة ضوء من العتمة الذي يغرق فيها القطاع العام من خلال مجموعة إجراءات اتخذها بعض الوزراء بالتنسيق مع رئيس حكومة تصريف الاعمال صباح أمس لاحتواء الغضب الشعبي، إذ أعلن مكتب وزير المال في حكومة تصريف الاعمال ​يوسف الخليل​، أنه تم «تحويل الرواتب لموظفي ​القطاع العام​ والمتقاعدين والمساعدة الاجتماعية عن شهري آذار ونيسان».

كما كشف وزير العمل في حكومة تصريف الأعمال مصطفى بيرم، بعد اجتماع ترأسه ميقاتي، عن رفع «المساعدة الاجتماعية لتتحول الى راتب كامل بدل نصف راتب تدفع شهريًا من اول تموز، شرط الحضور يومين كحد أدنى في الاسبوع. وهذه المساعدة ليس ضرورياً ان تدفع في اول الشهر مع الراتب الأصلي، بل ستدفع خلال الشهر حسب برمجة الدفع في وزارة المالية». ولفت إلى أنه تم الاتفاق، على «رفع بدل النقل الى 95 الف ليرة عن كل حضور يومي، تماشيًا مع الزيادة التي حصلت في القطاع الخاص عبر لجنة المؤشر في وزارة العمل»، كما «تم اقرار زيادة اعتمادات تعاونية موظفي الدولة في الموازنة، بحيث تم رفع موازنة الاستشفاءات نحو أربعة أضعاف، فكانت الاعتمادات 212 مليار ليرة فأصبحت 1200 مليار. أما اعتمادات التعليم فكانت 104 مليارات فأصبحت 500 مليار، اي خمسة اضعاف».

إلا أن بيرم، وفي خطوة مفاجأة، أعلن مساء أمس التنحي عن ملف الموظفين كليًا، وأضاف في بيان: «أمام بعض التجريح والتشكيك الذي صدر من مجموعات وظيفيّة بعد قيامي بكل الجهود المرهقة والالتزام فقط بصلاحيات وزارتي المتعلقة حصرًا بالخاضعين لقانون العمل وحسب، وأرجو ممن لديه أي استيضاح وظيفي عام مراجعة رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي ووزير المالية خليل وغيرهم من المعنيين».

على صعيد أزمة النازحين، أكد وزير المهجرين في حكومة تصريف الأعمال عصام شرف الدين انه «مرفوض كلياً الا يعود النازحون السوريون الى بلادهم بعدما انتهت الحرب فيها وباتت آمنة»، كاشفاً أن «الدولة السورية تمد يدها للتعاون في هذا الملف»، لافتاً الى ان «خطة الدولة اللبنانية تقوم على إعادة 15 الف نازح شهرياً». وتحدث شرف الدين من قصر بعبدا بعيد لقائه رئيس الجمهورية حيث اطلعه على مضمون الاجتماع الذي عقده مع المدير الإقليمي لمفوضية اللاجئين للأمم المتحدة حول قضية عودة النازحين السوريين عن «اقتراحات تقدم بها لبنان الى المدير الإقليمي لمفوضية اللاجئين للأمم المتحدة اياكي ايتو الذي وعد بمراجعة مرجعيته، على ان يعود بالإجابة عنها خطياً»، كما تحدث عن «خطة لتشكيل لجنة ثلاثية مع الدولة السورية ومفوضيّة شؤون اللاجئين وأخرى رباعية مع كل من تركيا والعراق والأردن لتحقيق هذه العودة».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى