مقالات وآراء

زيارة بيلوسي إلى تايوان: إقدام وإحجام…؟

عمر عبد القادر غندور*

لطالما كانت الصين ولا تزال تشكل الهاجس الأكبر للولايات المتحدة، وهي تكاد تلملم تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية التي بدأت تؤسّس لقيام نظام عالمي متعدّد الأقطاب إلا أنّ الوقت ليس مثالياً للولايات المتحدة وهي تحاول اليوم اختلاق أزمة افتراضية لا تتعدّى الإعلام، ما لم يخرج الأمر عن سيطرتها.

والإضاءة على مشكلتها الأكبر مع الصين وفي محيطها الجيوسياسي المباشر. وقد أثارت الزيارة المحتملة لرئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي لتايوان في آب مخاوف بكين، وقالت وزارة الخارجية الصينية انّ زيارة بيلوسي لتايوان ستقوّض بصورة خطيرة سيادة الصين وسلامة أراضيها، وانّ الولايات المتحدة ستتحمّل عواقب ردّها. وقال بايدن تعقيباً على هذه الزيارة انه يشكك في زيارة بيلوسي ويعتقد انّ الجيش يراها زيارة غير محمودة العواقب في الوقت الحالي. وحذرت صحيفة «غلوبال تايمز» من انّ ردّ بكين قد يكون عسكرياً واستراتيجياً رداً على زيارة بيلوسي.

 ولذلك تتراجع التساؤلات حول زيارة بايدن الفاشلة للشرق الأوسط الى الدرجة الثانية من حيث الاهتمام الأميركي.

 وتهدّد الصين بإجراءات حازمة وقوية، وأشار معلق بارز في الصين الى «ردّ عسكري صادم» مؤكداً انّ طائرة عسكرية لجيش التحرير الشعبي سترافق طائرة بيلوسي لدخول الجزيرة.

ويُشار الى انّ بيلوسي هي ثالث أبرز مسؤولة في تراتبية السلطة تزور تايوان بعد زيارة رئيس مجلس النواب الأميركي عام 1997.

 ومن وجهة نظر بكين فان زيارة بيلوسي ستكون عملاً طائشاً ستجعل شي جين بينغ يخشى ان يرى الآخرون إذلالاً له.

 ويقول مسؤول أميركي لـ «سي أن أن» أن الصين قد تفرض منطقة حظر طيران حول تايوان. ولم تعلن الصين عن تفاصيل حول كيفية الردّ.

 من جانبه قال الرئيس الأميركي جو بايدن عدة مرات ان الولايات المتحدة ستتدخل عسكرياً إذا هاجمت الصين تايوان، ولكن البيت الأبيض تراجع عن تلك التصريحات في كل مرة.

أما تنامي القوة العسكرية للصين، يدعو المزيد من الأشخاص إدارة بايدن الى إنهاء هذا «الغموض الاستراتيجي».

 وتعتبر الصين الجزيرة التايوانية المتمتعة بالحكم الذاتي مقاطعة انفصالية يجب إعادة توحيدها مع البرّ الصيني حتى ولو بالقوة إذا لزم الأمر، وزيارة أحد أقوى السياسيين الأميركيين قد يعطي بكين دفعة للقيام بخطوة محفوفة بالمخاطر.

 وقبل أيام كشفت «فايننشال تايمز» انّ الصين حذرت الولايات المتحدة من انها لا تستبعد اتخاذ إجراء عسكري رداً على زيارة بيلوسي الى تايوان. وأشارت مصادر إلى أنّ مستشار الأمن القومي الأميركي جيل سوليفان حذر من زيارة بيلوسي من متاعب في مضيق تايوان في ضوء العواقب التي تلوّح بها بكين في حالة حصول الزيارة.

 ورغم الاتصال الهاتفي المستجدّ بين الرئيسين الأميركي والصيني لم يأت بجديد ولم يخفف من الاحتمالات المتوقعة سوى انّ الرئيس بايدن أكد أنّ الولايات المتحدة ليست بصدد معطيات جديدة حول نزاعها مع الصين بشأن الجزيرة التايوانية وانّ الأمور باقية على حالها !

 بينما زيارة نانسي بيلوسي المرتقبة الى تايوان مطلع هذا الشهر تثير حساسية الصين، وربما يفضل الرئيس بايدن عدم إتمام الزيارة! واقتصارها على زيارة حلفاء الولايات المتحدة في اليابان وكوريا الجنوبية وسنغافورة.

 وتعتبر الصين انّ جزيرة تايوان هي أرض صينية أفرزتها الحرب العالمية الثانية وباتت أمراً واقعاً، ولم ولن تعترف الصين بهذا الأمر الواقع وعلى تعامل دولي مع هذه الجزيرة تعتبر الصين عملاً عدوانياً على غرار الزيارة المرتقبة لرئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي.

 للمعلومات تبلغ مساحة الجزيرة التايوانية 36 الفاً و196 كيلو متر مربع وتبعد عن الأرض الصينية 140 كلم وتتكوّن من جزيرة فورموزا وتأخذ شكلاً مستطيلاً ويصرّ الأميركيون على أنّ أيّ اعتراف بكينونية تايوان هو أشبه باللعب بالنار وهو ما أبلغه الرئيس الصيني الى نظيره الأميركي.

 

*رئيس اللقاء الإسلامي الوحدوي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى