مقالات وآراء

محاور أميركيّة في المنطقة العربيّة ضمن بناء الشرق الأوسط الجديد

} د.وفيق إبراهيم

التحالف الذي ضمّ مؤخراً كلاً من الاردن ومصر والعراق يشكل رمزاً من التحرك الإقليمي في عصر الرئيس الأميركي الجديد بايدن.

ويشكل جزءاً من إعادة بناء هذا النظام الأميركي العالمي الذي ابتدأ بإعادة إنعاش تحالفاته العالمية في وجه الروس.

فالمرحلة الحالية من تنظيم التحالفات الإقليمية تسبق عادة وصول القوتين العظميين الروس والأميركيين الى مرحلة التفاهم لاقتسام العالم عبر تفاهمات اتفاق الدولتين الأعظم في العالم كما كان يجري دائماً على أن تبقى المناطق غير القابلة للتفاهم عليها بينهما في حالة عصيان مثل كوبا وإيران وسورية مثلاً تحالف الطرف الأقرب إليها وتعادي الآخر وصولاً الى إمكانية نشوب حروب كما حدث في الشرق الاوسط اكثر من مرة.

هذا التحالف اذاً هو اندماج في اطار السياسة الأميركية في المنطقة السورية – الإيرانية وقابل للاتساع ليدمج السعودية ومعها شبه جزيرة العرب واليمن الجنوبي بما يؤدي الى بناء حلف واسع وقوي يتمتع بالرعاية الأميركية الكاملة في التسليح والتمويل والتخطيط، لكن له مميزات أكثر اتساعاً لجهة حماية الأدوار الأميركية في العراق وشرق سورية واليمن، ومحاربة إيران ومنعها من التوسع نحو المنطقة العربية مع وضع مكافح للتقدم الايراني في لبنان وسورية.

 على مستوى العدد قد يرتفع عديد هذا الحلف ليضمّ السعودية وقطر واليمن الجنوبي والكويت واذا تطلب الأمر، فإن تركيا التي تطرد الاخوان المسلمين من دوائر تحالفاتها قد تكون جاهزة للانضمام، وبما أن بلدان شمال أفريقيا لا تجسد أهمية سياسية وحربية او مالية لهذا المحور، فقد يدعها الأميركيون تبني شبكة علاقاتها بنفسها، خصوصاً أن الجزائر صاحبة موقف مستقل لا يرتضي بالهيمنة الأميركية.

ما هي الوظائف المباشرة لهذا الحلف؟

الحرب العربية ضد إيران تعني محاولات طردها من العراق. وهذا يتطلب قتالاً ضروساً لأن هدفه الأكثر بعداً هو إلحاق هزيمة بالدور الإيراني القوي اللاعب بتمكن في أرض السواد.

يمكن هنا ضمّ الدور الإيراني في سورية ولبنان الى حركة الجيش الإيراني مباشرة، او بواسطة حزب الله احد اقوى البناءات العسكرية الشعبية التي تستطيع ان تقاتل قوى كبرى وتلحق بها هزائم شنيعة كما فعلت مع «إسرائيل» والقوى العراقية المحسوبة على الأميركيين وقوات الإرهاب ومعها القوات الأميركية في شرق الفرات.

لذلك يتضح ان الحلف المصري – الأردني العراقي يتهيأ لقتال الإيرانيين ومعهم حزب الله في سورية والعراق وبعض المناطق الأخرى، وهذا جزء من الأدوار المنوطة بهذا الحلف في المنطقة.

هناك أيضاً اليمن التي لم تتمكن السعودية التي تهاجمه براً وبحراً وجواً بالتعاون مع الأميركيين من إلحاق أية هزيمة به وما يحدث هو ان اليمن الشمالي المحاصر من البحرية الغربية والسعودية والمصرية والخليجية والذي يتعرّض لهجوم عسكري تشارك في التخطيط له الولايات المتحدة مباشرة وتسليحاً وتدريباً باعتبار أن التمويل السعودي يفوق المطلوب.

هذا الهجوم العسكري أفشله الشماليّون متقدّمين من جهتهم بهجمات مضادة حررت الكثير من المناطق المحتلة في يمنها.

لكن النقطة الأساسية في هذا المحور هي الأكثر خطورة لأنها تريد تحقيق هذا الحلف بعمق والتحالف مع السعودية كوسيلة لنسج علاقات واسعة مع «اسرائيل» فيصبح الحلف إسرائيلياً سعودياً مصرياً عراقياً أردنياً إماراتيّاً ومعه الكثير من بلدان جزيرة العرب.

هذا هو الهدف الفعلي من هذا الحلف الثلاثي المبني على أساس محاربة الدور الإيراني في الشرق الاوسط، وهذا غير ممكن إلا بتحقيق الهدف الاساسي الأميركي وهو بناء حلف عربي – إسرائيلي يركز فقط على ضرب السياسات الإيرانية في المنطقة ومنع الروس من التسلل الى الشرق الأوسط العربي. كما ان الأميركيين يريدون من هذا الحلف ايضاً منع الصين من اكتساح أسواق بلدان الشرق الاوسط الفقيرة بسلعها الرخيصة.

فهل هذا ممكن؟

يؤكد هذا المعطى أن الأميركيين يتحضرون لحروب الاقتصاد والسلاح ضد روسيا والصين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى