أولى

التعليق السياسي

روسيا والصين عسكريّاً أيضاً

 

تطوّرت العلاقات الاستراتيجية بين روسيا والصين خلال السنتين الماضيتين بسرعة قياسية على إيقاع الإدراك المشترك للتحديات والفرص، فالهيستيريا الأميركية الناجمة عن الشعور بالضعف والتراجع قد لا تتيح فرص تحقيق التراكم الهادئ لعناصر الصعود السياسي والاقتصادي لدول محور مواجهة الهيمنة، ودعاة التعددية القطبية في العالم. وقد تتسبب الاستفزازات الاميركية الناجمة عن العنجهية والغطرسة والمكابرة إلى فرض مواجهات غير مرغوبة، لكنها تصبح لا مفرّ منها، بمثل ما قد تتسبب العقوبات الأحادية بفرض وقائع تجعل التعاون المالي والاقتصادي مطالباً بقفزات سريعة.

نجحت موسكو وبكين بتحويل التحديات إلى فرص، من أوكرانيا إلى تايوان، كما نجحتا بقطع أشواط من التكامل البري والبحري على الصعيد التجاري، وبوضع التبادل التجاري بالعملات الوطنيّة على الطاولة، بينهما مباشرة، وبين كل منهما على حدة وأي من الشركاء التجاريين الآخرين، خصوصاً بين دول محور مواجهة الهيمنة.

على الصعيد العسكريّ تمّت عمليات تطوير لمنظومات التعاون وتبادل الخبرات، وتأتي المناورات المشتركة المتلاحقة بين الجيشين الصيني والروسي، وبالتعاون مع الجيش الإيراني كما في المناورات المقررة على سواحل فنزويلا او التي تمّت في الخليج، لكن المناورة المقبلة المشتركة بين الجيشين تثير قلق واشنطن بصورة خاصة، لأنها تتضمن رفعا لمستوى التنسيق وتوسيعاً لنطاق المشاركة نوعيّاً وكمياً، حيث يشترك في المناورة آلاف من وحدات البر والبحر والجو، كما تتضمّن اختبارات للأسلحة الاستراتيجية.

أميركا تعلن الأحلاف وتشكلها، وعند الاختبار يتبين أنها مجرد أسماء، بينما تنشئ موسكو وبكين أحلافاً حقيقية لكن بلا أسماء، لأن الأفعال هي الأهم.

بات العالم متعدّد الأقطاب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى