أولى

تخبّط و عمى استخباري أميركي وخوف من خسارة النظام العالمي

‭}‬ محمد صادق الحسيني
أنصار الله اليمن المنصور بالله ينفذون تهديداتهم بالضرب بالقرب من ناقلة النفط نيسوس التي كانت تنوي سرقة موارد اليمن النفطية من ميناء الضبة فيعطلون ميناء الضبة في المكلا بحضرموت، فيما تهرب السفية مولية الإدبار…
وتأتي هذه الضربة الدقيقة في لحظة اضطراب شديدة تمرّ بها العلاقات السعودية ـ الأميركية.
على المقلب الآخر من الإقليم تصعّد إيران من لهجتها ضد الغرب الجماعي الذي قرّر تصنيفها حليفاً للروس في معركته ضدّ الناتو، بسبب طائراتها الكاميكاز التي تحرق الأرض تحت أقدام الأطلسيين على امتداد الميدان الأوكراني، كما تجمع المصادر الغربية التي تتهم إيران بإرسال مستشارين الى القرم لمساعدة الروس في الحرب المفتوحة هناك…
كما تعلن عن توقيف مسيّرتين مائيتين أميركيتين كانتا تنويان عرقلة الأمن في أعالي البحار، حسب البيان الإيراني.
والأمر ليس بأحسن من ذلك في الحرب المخابراتية التي فتحها الغرب الجماعي على الساحة الإيرانية وهو يحاول إغراقها بشبكات تجّسس بعد ان فشل في إشعال الاضطرابات فيها او إحداث خرق أمني ـ فتنوي على شاكلة السيناريو السوري …
وفي هذا السياق فقد ورد في الأخبار قبل أيام انّ السلطات الإيرانية اعتقلت ضابط مخابرات ألماني مهم تواجد اثناء اندلاع حوادث الشغب أخيراً في شمال إيران، قالت السلطات إنه دخلها بشكل سائح وتمّ إلقاء القبض عليه بالجرم المشهود.
وقد كانت السلطات الإيرانية الأمنية قد اعلنت بأنها تابعت بريبة اجتماعات مكثفة للسفارات الغربية في طهران بقيادة السفير الألماني أثناء حوادث الشغب الأخيرة.
في هذه الأثناء أعلن الناطق باسم الخارجية الأميركية قبل يومين أنّ من بين المعتقلين في أحداث الشغب الأخيرة في طهران مواطنين أميركيين.
وانّ بلاده طلبت من السفارة السويسرية في طهران باعتبارها راعية المصالح الأميركية فيها، متابعة أحوالهم!
وهنا لا بدّ من التذكير بأنّ نداء كان قد وجهه الغربيون لمواطنيهم بالخروج فوراً من إيران، بعدما تبيّن لهم أنّ حوادث الشغب تمّت السيطرة عليها وإخمادها من قبل حكومة طهران، ما يشي بأنّ الذين تمّ القبض عليهم إما لأنهم لم يتمكنوا من الفرار أو أنهم اعتقلوا قبل ذلك النداء وهم متلبّسين بالتحريض..
في سياق آخر يقول خبراء في شؤون المنطقة بأنّ زيارة مهمة قام بها كلا من روبرت مالي، مسؤول الملف الإيراني في البيت الأبيض، وجاك سوليڤان، مستشار الأمن القومي الأميركي الى برلين الأسبوع الماضي، ظلت بعيدة عن الإعلام، بأنها هي الأخرى لم تكن بعيدة عما يجري في المنطقة من تحوّلات متسارعة تتعلق بتخبّط الغرب في تعامله مع ملفات المنطقة ووجود عمى استخباري لديه يحاول التعويض عنه بمزيد من التنسيق الجماعي.
بعض ما تسرّب من هذا الاجتماع لمصادرنا يشي بما يلي:
1 ـ انّ الزيارة التي قام بها المسؤولان الأميركيان، الى العاصمة الألمانية برلين، الأسبوع الماضي، كانت زيارة عمل، للمشاركة في ندوة أمنية دولية (بعيدة عن الأضواء)، شارك فيها مسؤولون أمنيون كبار، من دول أوروبية و»شرق أوسطية»، إضافة إلى الأميركيين.
2 ـ كان الموضوع الأساسي، في تلك الندوة، يدور حول إيران وأزمة «الشرق الأوسط» (القضية الفلسطينية والتطبيع).
3 ـ الفكرة الجديدة، التي طرحها روبرت مالي وجاك سوليڤان، تتمثل في: ضرورة تجميد الملفات (يعني لا حلول في هذه المرحلة)، وإدارة الصراع، في «الشرق الأوسط» بما في ذلك مع إيران) وفق المراحل (يعني طبقاً لموازين القوى في الميدان أو طبقاً لمتطلبات المرحلة… والمثال على ذلك موضوع الغاز اللبناني… بمعنى تقديم تنازلات في موضوع واحد عندما يكون ذلك ضرورياً لتلافي تقديم تنازلات كبيرة على مستوى الإقليم/ أو الصراع الإقليمي.
وهذا تقدير موقف مهمّ جداً بنظرنا لا بدّ من التوقف عنده.
4 ـ انّ الأميركي تفاجأ بخطوة الرئيس الروسي في إجراء الاستفتاء بهذه السرعة في منطقة الدونباس، حيث انّ تقديراتهم كانت تقول إنه سيجري الاستفتاء بعد السيطرة على كامل أقاليم الدونباس الأربعة.
5 ـ الأزمة الاقتصادية في الدول الأوروبية تقلق الأميركي.
6 ـ الأميركي يقول إنّ حكام الجزيرة في الجيبة.
وهذا يعني، حسب تقديرنا أنّ الجميع يجب ان يكونوا حذرين في موضوع «توتر العلاقة بين أعراب الجزيرة العربية وواشنطن»، بحيث لا تبنى عليه سياسات مستقبلية… بمعنى عدم النظر الى هذا التوتر وكأنه مسار سيفضي إلى قطع العلاقات أو انتقال السعودي والخليجي من الحضن الأميركي الى الحضن الروسي ـ الصيني، وإنما هي مرحلة شدّ وجذب مؤقتة لها علاقة بالصراع الأميركي الداخلي الخاص بالانتخابات النصفية الأميركية.
بكلّ الأحوال يمكن القول بأنّ الأميركي أصبح مصاباً بعمى استخباري شديد، وهلع متزايد من سقوط النطام العالمي الحالي فيما لو سقطت أوكرانيا تحت ضربات تحالف الشرق الثلاثي الصاعد، وبدء تشكل نظام القطبية المتعدّد، وهو ما باتت تصرّح به كلّ من موسكو وبكين وطهران.
يهلك ملوكاً ويستخلف آخرين.
بعدنا طيببن قولوا الله…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى