أولى

التعليق السياسي

تلاعب المصرف بسعر الصرف

– هل يُعقل تخيّل أن المصرف المركزي الذي ينص قانون إنشائه على اعتبار مهمة حماية سعر العملة الوطنية أولى مهماته، يصبح أخطر مصدر على سعر العملة، وأبرز المضاربين على سعر الصرف، وهل هذا اتهام سياسيّ أم هو واقع ثابت؟
– يمسك مصرف لبنان بشبكة شراء للدولار يشغلها بنظام عمولات بعقود علنيّة مع عدد من الشركات التي قام بالترخيص لها، وتشكل شركة omt واحدة من أبرز المشغلين لدى مصرف لبنان لشراء الدولار، ومثلها شركات أخرى، ويبلغ حجم ما قام المصرف بشرائه خلال شهر وكل شهر قرابة النصف مليار دولار، يدفع عليها عمولات تقارب شهرياً خمسة وعشرين مليون دولار.
– يموّل مصرف لبنان اعتمادات التصدير التي يقوم بها لحساب المصارف وزبائنها من خلال مشترياته من الدولار، وهو يعلم سلفاً أن ما يقوم به هو مضاربة على سعر الصرف، ويمكن للبعض القول إن هذا أمر لا مناص منه بسبب الحاجات التي يفرضها السوق لتمويل الاستيراد، وعدم وجود موارد من العملات الصعبة تغطي هذه الحاجات. وهنا يصير السؤال كيف يفسر مصرف لبنان وأصحاب هذه النظرية ما ورد في البيان الأخير للمصرف عن التوقف عن أعمال الشراء والبدء بالبيع دون شراء؟
– هذا يعني أن لدى مصرف لبنان فائضاً من الدولارات لا حاجة له بالاحتفاظ بها، وقرر استخدامها لتخفيض سعر الصرف. والسؤال الطبيعي هو هنا لماذا إذن قام المصرف بشرائها وهو لا يحتاجها ليعود ويبيعها مرة أخرى؟ والسؤال الثاني هل توقيت قرار البيع وتعمد الإعلان عن نية البيع دون شراء، وهو أمر يحتفظ به المصرف دون إعلان، تعبير عن نية إحداث صدمة في الأسواق لفرض انخفاض سعر الصرف؟
– لماذا يتعمّد مصرف لبنان إحداث هذه الصدمة، وهل يتحمل ارتداداتها مع بقاء الطلب على الدولار لتغطية المستوردات دون وجود مداخيل بالعملات الصعبة تغطيها، والكلفة معلومة وهي العودة لشراء الدولارات مجدداً لتغطية المستوردات، ما يعني أن ما يجري هو مؤقت وغير قابل للاستمرار، ويغطي بضعة أيام أو بضعة أسابيع. فما هي أهمية هذه الأسابيع بالنسبة لحسابات المصرف، وهل هي حسابات اقتصادية؟
– كل شيء يقول إن حسابات الحكام وليس المصرف هي حسابات سياسية تتصل بنهاية عهد الرئيس ميشال عون، ومحاولة إرفاقها بإشارات تقول إن البلد ينتعش بسبب نهاية العهد الرئاسي، والذين يخسرون في الهبوط والصعود هم لبنانيون مساكين لا تصلهم تعليمة المصرف عن مواعيد البيع والشراء، وهي مجرد عمل كيديّ يتم تنفيذه بأموال اللبنانيين وبقوة ترؤس مؤسسة من مؤسسات الدولة اللبنانية، دون أن يسأل أحد، كيف يكون الفساد السياسي إن لم يكن هذا نموذج فاضح عنه؟

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى