الوطن

نصر الله عرض بالخرائط والأرقام مُجريات المفاوضات غير المُباشرة: لبنان القويّ شعباً ومقاومةً هو الضمانة لتنفيذ اتفاق الترسيم واستخراج الغاز

كلّ انتصار وأنتم بخير، بهذه العبارة، التى وجّهها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، اختتم عرضاً مسهباً، بالخرائط والأرقام لـمُجرياتالإنجاز التاريخي والكبيرالذي حقّقته الدولة اللبنانيّة ومن خلفها المقاومة والشعب في ترسيم الحدود البحريّة عبر مفاوضات غير مباشرة مع العدو الصهيوني، مؤكداًأنّ لبنان القوي شعباً ومقاومةً هو الضمانة لتنفيذ اتفاق الترسيم واستخراج الغاز”.

استهلّ السيد نصرالله عرضه في كلمة متلفزة مساء أول من أمس، بالإشارة إلىأن الحدود البريّة بين فلسطين المحتلّة ولبنان رسمها الانتداب الفرنسي والبريطاني، ولكن لم يتم ترسيم أيّ حدود بحريّة، وبعد الكلام منذ سنوات عن وجود النفط والغاز أصبح لبنان بحاجة لترسيم الحدود البحريّة”.

وأوضح أنهناك شيئاً اسمه المياه الإقليميّة ولها آلية احتساب، وهناك اسم ثانٍ (المياه المُتاخمة)، وبعدها هناك جزء اسمه المنطقة الاقتصاديّة الخالصة، مضيفاً أنالمياه الإقليميّة هي جزء من الدولة، والدولة اللبنانيّة لها سيادة كاملة على هذه المياه، وتستفيد من ثرواتها وخيراتها”.

وإذ أشار إلى أن الكيان الصهيونييعتبر أنّ حدوده من النيل إلى الفرات، وهو أصلاً لا يعترف بحدود ويعتبر أنّ حدوده حيث تصل قوّته وجبروته”.

تحرير الخطّ 23

 وإذ رأى أنه «على ضوء تحديد الحدود البحريّة يُحدّد لبنان بلوكات الغاز والنفط»، لفت إلى «الخط 23، والذي صدر مرسوم بشأنه يُمكن أن يُعتبر الحدود، والخط 23 يفرض على لبنان تحرير تلك المنطقة البحريّة تحت عنوان مياه إقليميّة ومنطقة اقتصاديّة وهي قضيّة وطنيّة».

وأكد أن موقف المقاومة منذ العام 2000 قائم على عدم التدخّل في ترسيم الحدود البحريّة باعتبارها مسؤوليّة الدولةوقلنا ونقول ما تعتبره الدولة للبنان نحن نلتزم به، مضيفاًالدولة اللبنانيّة اعتبرت الخط 23 هو الحدود البحريّة وتركت الباب مفتوحاً للتعديل. والدولة اللبنانية إذا عادت وقالت، إنّ الحدود البحريّة خط 29، فالمقاومة مُلزمة بأن تناضل من أجل ذلك”.

واعتبر أن الذين يتحدّثون عن الخطّ 29  كان عليهم أن يتحركوا عام 2011 عندما صدر مرسوم خطّ 23. أضافأقول للذين ينتقدون بشأن الخطّ 29 واصلوا نضالكم ولكن من دون لغة تخوين وغيرها”.

ولفت إلى أنّ العدوّ الصهيوني منع شركات جاءت لتقوم بعملية مسح، وأعلن العدو بوضوح أنّ هذه المنطقة له، ورسم خطّ رقم 1، ومنع العدو أيّ أحد من الاستكشاف والاستخراج في كل المنطقة. كما لفت إلى أنّ العدوّ تسلّط على هذه المنطقة، حيث مارس سلطة وهيمنة على منطقة البلوكات الحدوديّة، وادّعى أنّها له وضمن حدوده البحريّة ومياهه الإقليميّة ومنطقته الاقتصاديّة الخالصة.

وأشار إلى وجود منع أميركي من الاستكشاف والاستخراج في سياق الحصار على لبنان، والضغط على الدولة اللبنانيّة للتنازل عن الحدود والقبول بالخطّ رقم 1.

وعرض السيد نصر الله خريطة يظهر فيها الخطّ 23 والخطّ رقم واحد الذي رسمه العدوالإسرائيلي، مشيراً إلى أنّه بحسب الرقم المتداول، فإن المنطقة بين الخط رقم 1 والخطّ 23 مساحتها 879 كليومتراً مربّعاً.

 خطّ هوف والضغوط على برّي

وتابع «ما قبل المرحلة الأخيرة لم يُطلَب من المقاومة شيئ، لكن المقاومة كانت في صورة ما يحصل»، موضحاً أن «الوسيط الأول المدعو هوف طرح خطًّاً اعتبره تسوية ما بين الخطّ واحد الذي يدّعيه العدوّ والخط 23، وأعطى 45 % للعدو من هذه المساحة وأعطى 55 % للبنان، وهذا كان مجحفاً جداً للبنان».

وأشار إلى أنّ لبنان الرسمي رفض خطّ هوف وعرض خريطة يظهر فيها هذا الخطّ، لافتاً إلى أن النقاش كان وقتها بالخطوط ولم يكن بحقول قانا وغيرها.

وكشف أنهبدأ الضغط الأميركي على رئيس مجلس النواب نبيه برّي وعلى غيره من المسؤولين بفرض خطّ هوف عليهم، مؤكداً أنّالموقف اللبناني الرسمي رفض خطّ هوف بالمطلق وحتى النهاية”.

وقالالرئيس برّي كان حاسماً برفض خطّ هوف، والعدو ظلّ متمسّكاً بالخطّ واحد، ولم يعط أيّ إشارة بالقبول بخطّ هوف وكان الأميركي يضغط والصهيوني في الميدان يمنع، مؤكداً أنالرئيس برّي خلال كلّ هذه المفاوضات لم يُقدّم أيّ تنازل، وتحمّل عبء كلّ هذه المرحلة إلى أن وصلنا إلى وقت أعلن فيه انتهاء مسؤوليّته المباشرة بالإعلان عن اتفاق الإطار. وبحسب اتفاق الإطار تم تشكيل وفد لبناني ووفود أخرى من جهّات أخرى، وإجراء لقاءات برعاية الأمم المتحدة. هنا انتقلت مسؤوليّة المتابعة من دولة الرئيس إلى فخامة الرئيس (ميشال عون) منذ بعد 22 أيلول 2020”، مؤكداً أنالملفّ انتقل من يدٍ أمينة إلى يدٍ أمينة ومن رجل صلب إلى رجل صلب مشهوداً لهما”.

طرح مُتقدّم وتحوّلات

وتابع «انتقلت المفاوضات إلى الناقورة التي وصلت لاحقاً إلى طريق مسدود. وبعد تبدّل الإدارة الأميركيّة تم تكليف آموس هوكشتاين، فقدّم طرحاً جديداً متقدّماً عن طرح هوف، ولكن لا يستجيب للمطالب اللبنانيّة وهنا بدأت تحوّلات في المنطقة والعالم».

وأردففي هذه المرحلة أتت سفينة إلى حقل كاريش لتبدأ استخراج النفط والغاز، وهنا بدأت مرحلة جديدة بالكامل، مشيراً إلى أنخلاصة بيانات الرؤساء اعتبرت أنّ بدء الاستخراج هو اعتداء على لبنان، وهذه منطقة مُتنازع عليها. استناداً إلى الموقف الرسمي، المقاومة أخذت موقفاً مُتقدّماً، وبالنسبة للصهيوني مفاجئاً، عندما أعلنت أنّ المقاومة لن تسمح للعدوّ باستخراج النفط والغاز من حقل كاريش قبل الوصول إلى اتفاق من خلال المفاوضات غير المباشرة يستجيب للمطالب اللبنانيّة. وبناءً على هذا التهديد أصبحنا أمام مرحلة جديدة بالكامل، وقلنا إنّ هذا يعني ما بعد بعد كاريش وكل المنشآت الموجودة التي تطالها صواريخ المقاومة الإسلامية في لبنان”.

الخشية الأميركيّة من الحرب

واعتبر السيد نصر الله «أن هذا الموقف اللبناني الرسمي الموحّد والقويّ والتهديد من قبل المقاومة أدَّيا عمليّاً إلى وضع «إسرائيل» تحت ضغط شديد، فكانت أمام خيارين، إمّا ألاّ تهتم بالموقف اللبناني والمقاومة وتستخرج النفط والغاز، وهذا سيعني حتماً مواجهة قد تتطوّر إلى حرب إقليميّة، أو أن تُلغي موضوع كاريش نهائيًاً»، لافتا إلى أن «هذا الضغط أدى بـ «إسرائيل» إلى الذهاب إلى المفاوضات غير المباشرة. والأميركي كان تحت الضغط لأنّ أولويته المعركة مع روسيا ولا يتحمّل حرباً ثانية، وعبّر عن ذلك هوكشتاين».

وأكد السيد نصراللهأن الخشية من وقوع الحرب هو الذي أدّى إلى هذه التفاهمات، وهذا المستجدّ عجّل بالوسيط الأميركي للعودة إلى لبنان والمنطقة، مشدّداً علىأن المفاوضات لم تكن سهلة أبداً حتى توقيع الاتفاق الأخير”.

وأضافكان هناك مشكل كبير حول حقل قانا بإدارته وحقّ لبنان، وكان الأميركي يُريد أن يورِّط اللبناني في التطبيع، وقد وصلت المفاوضات في بعض الليالي إلى طريق مسدود، وكنّا في جو الذهاب إلى حرب، مؤكداً أنّصلابة وصمود المفاوض اللبناني والرؤساء كان أساسيّاً جداً في عمليّة التفاوض. وبالتزامن أطلق العدو تهديدات بالتدمير، صاحبها ضغط أميركي للقبول بتسويات غير مُناسبة للبنان”.

وذكّربأننا أطلقنا المُسيّرات، والمعطيات الميدانيّة كانت تؤكد أن المُقاومة تتجهز لحرب شاملة والإسرائيليأدرك ذلك، مفضّلاً أن يشرح الفريق المفاوض تفاصيل المفاوصات إذا وجد ذلك مناسباً.

لبنان حصل على ما أراده

وأكد أن «لبنان في هذه المعركة التي بدأت مع وصول السفينة اليونانيّة وانتهت بتسليم الوثائق في الناقورة، حصل على كل ما أراده باستثناء أمر واحد بقي عالقاً، ولكن النتيجة كانت انتصاراً تاريخيّاً وكبيراً. ولبنان رغم كل الضغوط حصل على الخط 23 وعلى البلوكات كاملة بل أكثر من ذلك».

ولفت إلى إنجاز آخر على صعيد المساحة مع قبرص، حيث توسّعت حصّة لبنان من المنطقة الاقتصاديّة الخالصة بعد هذا الترسيمفضلاً عن أن لبنان لم يُقدّم في هذا الاتفاق أيّ ضمانات أمنيّة، ولو كان هناك ضمانات أمنيّة تحت الطاولة لكان رئيس وزراء العدو يائير لابيد وغيره أظهروها لجمهورهم لأنّهم بحاجة إلى ذلك”.

وأشار إلى أنّ العدوالإسرائيلياعترف بتوازن الردع مع المقاومة نتيجة ما جرى في ملف ترسيم الحدود البحريّة، مشددًا علىأن الاتفاق حصل من دون التورّط بأيّ نوع من أنواع التطبيع حتى بالشكل، ولا شُبهة تطبيع أو اعتراف بالعدوّ بعد اتفاق ترسيم الحدود البحريّة، وفخامة الرئيس قال، إنّ هذا الموضوع تقني وليس له علاقة بالسياسة”.

كما أشار إلىبقاء مربع صغير عالقاً مساحته 2.5 كلم مربع. نحن نقول، إنّ هذه مساحة من مياهنا الإقليمية اللبنانية وهي محتلة من العدو، مؤكداً أنهذه منطقة محتلّة وعلى لبنان الشعب والدولة والمقاومة العمل على تحريرها. والبعض عندما يقول، إنّ لبنان حصل على 95 % فهو لا يُبالغ، لأنّ هذه المنطقة بقيت عالقة، وعرض بالخريطة حقل قانا والبلوكات والمنطقة الصغيرة التي بقيت نقطة خلاف مساحتها 2.272 كلم مربع.

العوامل المساعِدة على الانتصار

ورأى أنّه عمليّاً تم تحرير «البلوكات، وأن حريّة العمل باتت مصانة، وأن بإمكان الشركات الذهاب والعمل بجدّ»، مضيفاً «لا نُنكر أن دولاً ساعدت في هذا الإنجاز التاريخي، لكن ليست الظروف هي السبب والعلّة بل هي عامل مُساعد».

ولفت إلىأن لبنان الرسمي والمقاوم والناس استغلوا هذه اللحظة التاريخيّة وتصرفوا على أساسها، مشيراً إلى أنّمن جملة الظروف التي ساعدت على هذا الإنجاز هي المقاومة البطوليّة في الضفّة الغربية، كذلك وضع الكيان وضعفه وانشغاله في الداخل من جملة الظروف التي ساعدت على هذا الإنجاز”.

وأضافمن نتائج الحصار الأميركي على لبنان أنْ أصبح هناك ميل لدى الشعب اللبناني لتقبّل خيارات عالية واستعادة الثروة النفطيّة حتى لو وصلنا إلى الحرب، كذلكمن جملة الظروف التي ساعدت على هذا الإنجاز داخليّاً، صلابة الموقف الرسمي وتضامن الرئيس نجيب ميقاتي وتضامن الرؤساء بين بعضهم بعضاً وشجاعة الفريق المُفاوض”.

وتابعيُسجل هذا الإنجاز في عهد فخامة الرئيس عون، لكن لا يُلغي جهود كلّ الذين تحمّلوا صعوبة هذا الملفّ منذ البداية حتى النهاية، مؤكداً أنمن جملة الظروف التي ساعدت على هذا الإنجاز داخليّاً تهديد المقاومة وجهوزيتها للذهاب بعيداً حتى لو وصل الأمر إلى الحرب، والدعم الشعبي للموقف الرسمي ولموقف المقاومة”.

وأضافبعد تهديد المقاومة قال الرئيس برّي، إننا سنُدافع عن ثروتنا المائيّة كما دافعنا عن أرضنا، كذلك التيّار الوطني الحرّ كان له موقف صلب عندما وضع معادلة كاريش مقابل قانا”.

كذلك اعتبر السيد نصر الله أن من الأسباب التي أدّت إلى تحقيق الإنجازصمود البيئة الحاضنة التي كانت ستتلقى الضربات لو ذهبنا إلى الحرب ولا أقصد البيئة الشيعيّة، بل أيضاً البيئة المؤيّدة في كل المناطق”.

وتابعاليوم يجب أن نفرح بهذا الإنجاز، فلبنان وصل إلى فم الحرب، ولكن لم يدخل بالحرب، مردفاًكان لبنان قويّاً فاستخدم كل القوّة، وشجاعاً لأنه لم يخف من الضغوط الأميركيّة والصهيونيّة، ولم يتردّد في الذهاب إلى الحرب. والموقف الرسمي تبنّى تهديد المقاومة، وكان حكيماً خلال عمليّة التفاوض والإدارة السياسيّة والميدانيّة”.

وأضافلم نذهب إلى الممارسات الخاطئة وكل التصرّف كان على مستوى القدر المطلوب والنتيجة المطلوبة، متوجهاً إلى العدو بالقولأنت مُشتبه إذا تصوّرت أن المقاومة مردوعة، فالمقاومة تريد سلامة كل اللبنانيين وتتصرّف بدراية ووضوح وحزم، مؤكداً أنهعندما تقتضي المصالح الوطنيّة الكبرى تجاوز قواعد الاشتباك، فالمقاومة لن تتردّد ولو اقتضى ذلك الذهاب إلى حرب”.

وشدّدعلى ضرورة متابعة الوزراء، وعلى أن يكون هناك متابعة قانونيّة للحفاظ على هذا الإنجاز، مجدّداً التأكيد أنهلن يستطيع أحد استخراج الغاز إذا مُنع لبنان من استخراج غازه، وأنّلبنان القويّ، شعباً ومقاومة هو الضمانة لتنفيذ اتفاق الترسيم واستخراج الغاز، وكل انتصار وأنتم بخير”.

واستذكر السيد نصرالله الشهيد فتحي الشقاقي “الذي أطلق أفقاً جديداً للجهاد وأملاً جديداً لفلسطين وشعبها”. كما تطرّق إلى “الحضور الكبير في التشييع الحاشد للشهداء المظلومين في إيران”، ضحايا التفجير الإرهابي في شيراز، مؤكداً أنه “رسالة قويّة لكل المتآمرين بأنهم يراهنون على سراب، وأنّ هذا الحضور الكبير في التشييع الحاشد هو ردّ حاسم على المشاركين والمخطّطين للفتنة”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى