أخيرة

نافذة ضوء

العز هو الخيار الذي لا خيار سواه
‭}‬ يوسف المسمار*

 

 

وكما يبقى مصير الأرض المهملة المهجورة متعلقاً بإرادة من يتمكّن من السيطرة عليها، والاعتناء بها، والدفاع عنها، والمحافظة على كل شبر منها، وحمايتها من عبث اللصوص وقطاع الطرق بها، كذلك يبقى مصير الشعوب الغبية متعلقاً ومحصوراً بإرادة مَن يستفيد من غبائها، ويتلاعب بانفعالاتها وعواطفها، ويقرّر لها ما تقتضيه منافعه ومصالحه ومطامعه.
ولربما كانت البراري والأحراج والغابات التي لا تزال مجهولة أو مهملة في ماضيها السحيق أوطاناً لشعوب غبية بائدة.
فإذا استمرت أوضاعنا على هذه الحال المخيفة من الاستهتار والتخلف والغباوة التي استفاد منها أعداؤنا كثيراً، وما زالوا يستفيدون، فإن بلادنا لا محالة سائرة الى مزيد من التجزئة والتفتت والجفاف والتصحر، وإن شعبنا معرض حتماً الى مزيد من الضعف والتخلف والفقر، والى مصير الهلاك والانحدار والقهر الذي لا ينفع معه بعد ذلك أي علاج او أسف أو ندم.
إن غياب الوجدان الاجتماعي، وفقدان الوعي القومي، وهبوط المناقب الأخلاقية في مجموع هذا الجيل من أمتنا الى جانب غياب دولة الوحدة القومية الاجتماعية وضحالة دورنا وتأثيرنا في ميادين الأحداث المصيرية التي جرت وتجري وتستمرّ في الجريان في بلادنا هو الذي يجعل مصيرنا متعلقاً بإرادة الذين يفرضون علينا رغباتهم وقراراتهم التي تؤمن لهم انتصار مصالحهم وتنفيذ مآربهم.
إن هذه الحالة الرديئة لا تبشّرنا بخير ولا تخدمنا بشيء بل تدفعنا الى الهاوية السحيقة الحالكة التي لن نجد فيها سوى الظلمة الخانقة والعفن المبيد.
فإذا لم يكن خيارنا العز في الحياة فلا معنى ولا قيمة لحياة بلا عز. والعز الذي يجعل للحياة قيمة هو معرفة حقيقتنا ويقظة ضميرنا العام الشامل وجودنا والدافع الى انطلاقنا وشق طريق رقي حياتنا بالوعي السليم، والمعرفة النافعة، والعلم المفيد، والأخلاق البديعة التي ترفض العيش الذليل ولا ترضى الا بحياة العز والحرية ودوام الصراع الذي يهدف الى أعظم ما علا من المطامح والمُثُل.
فيا أبناء الحياة العزيزة في مجتمعنا على اختلاف أدواركم وأماكنكم وأنى كنتم وحيث كانت اتجاهاتكم، اياكم ان تتنازلوا عن حقكم في اختيار عز أمتكم الذي ينطوي على عزكم، فليس أفضل من اختيار العز في الحياة خياراً.
ويا طلائع شعبنا الحي لا تتخلفوا عن واجبات الجهاد والنهوض. فما يُخطَّط لنا من المكائد والمؤامرات ينذر بالهلاك العظيم، والشعوب الحيّة الكريمة يستحيل أن تقبل الحياة إلا بالعز والسموّ.
ويا أيها الذين يتوقف على وعيكم، وصدق خطواتكم، وجدية أعمالكم تحقيق آمال الملايين من أبناء أمتنا لا تتلكؤا عن الجهاد وتحقيق ما كان ويبقى مطمح أجيالنا منذ كانت إلى ما سوف تصير.
*باحث وشاعر قومي

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى