أولى

عندما يصبح الخوف من الحرب هو المحقق

لو افترضنا أن تقديرات أميركا ودول الناتو تقول بأن الفرصة متاحة لشن حرب على روسيا، هل كان التحقيق الذي جرى في ساعات قليلة ليعلن أن روسيا بريئة من الصاروخ الذي سقط في الأراضي البولندية ليخرج بهذه النتيجة؟ وهل كان هذا التحقيق يختتم بهذه السلاسة وهذه السهولة، ولو كانت روسيا لا تقف فعلاً وراء الصاروخ ألم يكن للتحقيق وظيفة رسم المزيد من الشبهات حول المسؤولية الروسية والدخول في تعقيدات تقنية تطيل أمد التحقيق، شهوراً للحفاظ على حال التوتر والتهديد والتصعيد وربما الذهاب للحرب؟
لو كانت روسيا بريئة فعلاً من الصاروخ الذي سقط في بولندا، فهل كانت الساعات التي انتهى خلالها التحقيق إلى إعلان براءتها، كافية للجزم والإجماع على هذه الحقيقة، لو لم تكن الدول التي تناصب روسيا العداء قلقة متوجّسة من خطورة تدحرج الأمور نحو مواجهة ترغب تفاديها بقوة؟
نحن نصدّق الرواية الروسية، لكننا لا نستطيع أن نصدق أن موقف دول الغرب الذي صادق على هذه الرواية نابع من التحقيق، أو من البحث عن الحقيقة، بقدر ما هو نابع من الخوف من الحرب، والسعي لتفادي الحرب.
بالمثل أيضاً لم تكد حكومة كيان الاحتلال تتبلغ إصابة ناقلة نفط تخص إحدى شركاتها بواسطة طائرة مسيّرة، قالت إنها إيرانية، وأوحت إيران أنها تأتي رداً على استهداف قوافل نقل الفيول الإيراني عبر الحدود السورية العراقية، حتى أصدرت حكومة الإحتلال خلال ساعات قليلة بياناً تبرأت فيه من ملكية السفينة، والسؤال هو لو كانت لدى حكومة الاحتلال قدرة تحمل تبعات التصعيد والمواجهة، ووقع الهجوم من قبل غير إيران، ونفت إيران بقوة أي دور لها فيه، ألم نكن نسمع كلاماً إسرائيلياً مغايراً، يعلن أن الناقلة تخص أحفاد مستوطن وأن حكومة الاحتلال معنية بالتدخل، وأن لديها ما يثبت مسؤولية إيران، وأن على إيران أن تدفع الثمن، وأنها ستدفع هذا الثمن؟
السرعة الإسرائيلية بالتنصل كالسرعة الأميركية الأوروبية بالتحقيق، سعي للهروب من المواجهة، وتعبير عن حقيقة موازين القوى الجديدة التي تحكم العالم والمنطقة.
الخوف هو المحقّق.

التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى